بيت العائلة الإبراهيمية.. رسائل إماراتية من دار الأخوة الإنسانية
رسائل إماراتية هامة يحملها بيت العائلة الإبراهيمية، الذي يجمع الديانات السماوية الرئيسية الـ3، وسيكون مفتوحا للبشر من كافة الديانات.
البيت، الجاري تشييده في أبوظبي والمرتقب افتتاحه العام المقبل، يجسد رسالة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
ويحمل "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يعد أحد مبادرات وثيقة الإخوة الإنسانية التي تم توقيعها في الإمارات قبل عامين، ويخلد العالم ذكراها في احتفالية دولية سنوية يوم 4 فبراير / شباط من كل عام (اليوم الدولي للأخوة الإنسانية)، عدة رسائل تدعو للتعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، وتدعو للمحبة في مواجهة الكراهية.
رسائل تدعو للإخوة والتآخي في مواجهة الأنانية والفرقة، تنشر السلام للقضاء على الحروب، تدعو للتعاون والتكامل والتعاضد في مواجهة الأوبئة والفقر والجهل.
وتؤكد الإمارات من خلال ذلك البيت أهمية الإيمان بالاختلاف وأن تنوع المذاهب والعقائد لا يمكن إلغاؤه، وأن التعايش بين أتباع الديانات المختلفة في وئام وسلام واحترام متبادل هو السبيل لتعزيز الاستقرار، وبناء درع واق لحماية مجتمعاتنا من أخطار الإقصاء والتشدد والتطرف.
كما تؤكد الإمارات من خلال فكرة ذلك البيت أهمية التركيز على ما يجمعنا من قيم مشتركة تدعو لها مختلف الأديان لنكون حجر الأساس في بناء مظلة التسامح وواحة الإخوة التي نعيش فيها جميعا في تكامل وتعاون، الذي نحن في أمس الحاجة له في هذا التوقيت تحديدا، وخصوصا بعد انتشار أوبئة مثل فيروس كورونا المستجد التي تحتاج إلى تعاون عالمي لمواجهته.
دور العبادة في دار التسامح
تلك الرسائل جسدتها الإمارات على أرض الواقع، من خلال احتضانها لأكثر من 200 جنسية يمارسون معتقداتهم بحرية تامة، من خلال عشرات دور العبادة المخصصة لهم، من بينها كنائس للمسيحيين ومعبدين هندوسيين وكنيس يهودي ومعبد للسيخ ودير بوذي.
وتوجد في الإمارات العربية المتحدة 76 كنيسة ودار عبادة للديانات والعقائد المختلفة بعضها تبرعت لها دولة الإمارات بأراضٍ لإقامتها، ما يترجم عراقة قيم التسامح والتعايش السلمي وحرية المعتقد في الدولة.
وتضم الإمارات بعضا من أقدم المعالم التاريخية الدينية في منطقة شبه الجزيرة العربية، أبرزها معبد منطقة الدور الأثرية في إمارة أم القيوين الذي اكتشف قبل 30 عاما، فضلا عن كنيسة ودير صير بني ياس إحدى أقدم الكنائس التي تعود إلى القرنين الـ7 والـ8 الميلادي.
وفي العصر الحديث، شيدت العديد من الكنائس ودور العبادة مثل كنيسة سانت جوزيف الكاثوليكية في العاصمة أبوظبي التي بنيت عام 1965، ودار العبادة الهندوسية التي شيدت عام 1958 بين خور دبي وسوق بر دبي القديم.
كما كانت الإمارات سباقة على مستوى دول المنطقة في وضع الأطر القانونية والسياسات والإجراءات التي تضمن لرعايا كافة الديانات ممارسة شعائرهم الدينية بكل يسر وسلاسة، وبناء وتشغيل دور العبادة الخاصة بهم مثل المعابد، والكنائس وغيرها.
وفي مبادرة لافتة تقدم أنموذجاً على التسامح والتعايش الديني في الإمارات، دشنت مطارات أبوظبي "غرفة العبادة متعددة الأديان"، التي تتيح للمسافرين عبر مطار أبوظبي الدولي من جميع الأديان إمكانية ممارسة شعائرهم الدينية.
وتفتخر دولة الإمارات منذ تأسيسها بتعزيزها لقيم التعايش والتسامح بين جميع المقيمين على أرضها من الجنسيات والأديان والخلفيات العرقية المتعددة.
ولا ينسى العالم اللفتة الإنسانية الكبيرة، عندما وجّه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية بإطلاق اسم "مريم أم عيسى" عليهما السلام على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة "المشرف" وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات والتي حثَّنا عليها ديننا الحنيف والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية.
هذا النهج في تعزيز والأخوة والتسامج، جعل الإمارات وجهة لملايين البشر حول العالم ومن كافة الأديان والشرائع الإمارات لقضاء الإجازات والعطل المرتبطة بأعيادهم ومناسباتهم الدينية بفضل مناخ الإحترام والمساواة والتعايش الإنساني الذي يعتبر سمة بارزة للدولة وشعبها والمقيمين على أرضها.
ومن المتوقع أن تتضاعف تلك الأعداد، نحو وجهة دار التسامح، مع اكتمال بيت العائلة الإبراهيمية العام المقبل، الذي سيجمع بيوت العبادة المسيحية واليهودية والإسلامية تحت سقف واحد، ليضاف لما تزخر به الإمارات من مآذن المساجد وأبراج الكنائس ودور عبادة، متجاورة ومتحدة دون اضطهاد على أساس الدين أو العقيدة.
لغة التسامح.. وتصميم البيت الإبراهيمي
تلك الرسائل عبرت عنها الإمارات حتى في تصميم البيت الإبراهيمي، وتفاصيل محتوياته، ليتكامل التصميم مع الأهداف والرسائل الإماراتية من إنشاء البيت الإبراهيمي.
تصميم بيت العائلة الإبراهيمية يجسد لغة التسامح الإماراتية، فالبيت يضم 3 مباني منفصلة ستكون كنيسة ومسجدا وكنيسا، تجمعهم قواسما مشتركة في التصميم، في دلالة رمزية تعبر عن أهمية التركيز على القيم المشتركة بين الأديان.
ورغم أن المباني الثلاثة يجمعها صرح واحد، إلا إنها ليست متراصة بل يتخذ كل منها توجه خاص، لتعبر عن رسالة الإمارات بالتأكيد على حرية المعتقدات، فيما كانت الحديقة التي تجمع المباني الثلاثة هي المساحة الآمنة للتعايش والتفاهم بين أتباع الأديان الثلاثة، يحتفون فيها بتاريخهم المشترك وهويتهم الإنسانية.
كما سيضم البيت مبنى رابع غير تابع لأي ديانة، سيكون بمثابة متحف ثقافي يجتمع فيه الأخوة في الإنسانية بمختلف انتماءاتهم، وسيوفر برامجا تعليمية وفعاليات متنوعة، تهدف إلى تعزيز التبادل والتعاون الثقافي والإنساني بين الأديان والأخوة الإنسانية بمختلف انتماءاتهم.
والبيت من تصميم المعماري العالمي الشهير، السير ديفيد اجايي أوبي، ومن المقرر افتتاحه عام 2022.
الأخوة الإنسانية.. نهج وسياسة إماراتية
ويعد مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية"، المقرر إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، إحدى مبادرات وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي 4 فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وعبر تلك الوثيقة التي يخلد العالم ذكرى توقيعها هذه الأيام في احتفالية دولية سنوية، يبدأ الاحتفال بها لأول مرة 4 فبراير/ شباط الجاري، نجحت الإمارات في تصدير مفهوم التسامح إلى العالم، وتعزيز مبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية، التي تضمنت وصفة متكاملة لإنهاء العديد من الأزمات التي تجتاح العالم، وتشكيل مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
قيم الأخوة الإنسانية التي تضمنتها الوثيقة هي نهج وسياسة إماراتية منذ تأسيس الدولة عام 1971، فمنذ تأسيسها قدمت الإمارات مساعدات خارجية غير مشروطة على الصعيد العالمي لدعم النمو الاقتصادي في الدول النامية وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية للمجتمعات المحلية التي تحتاج ظروفها المعيشية إلى تحسين والحد من الفقر، وتعزيز السلام والازدهار، مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء والأطفال أثناء الكوارث الطبيعية وفي مناطق الصراع.
قيمة الأخوة كانت حاضرة بقوة في مواجهة الإمارات لتداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد من خلال الدور الريادي الذي اضطلعت به في التضامن مع البلدان المتضررة من هذا الوباء دون النظر إلى دينها أو عرقها، فقدمت مساعدات لأكثرَ من 120 دولة للحد من انتشار الفيروس.
دولة الإمارات حريصة دائما في علاقاتها على تعزيز الشراكات الدولية، والأطر المؤسسية العالمية الهادفة لترسيخ التعاون ومبادئ الحوار والشراكة المرتكزة على النهوض بالإنسان.