الإدمان الأخطر على الإطلاق في دولنا وبيوتنا هو الألعاب الإلكترونية، القائمة على الأسلحة التي زرعت ثقافة أن القتل انتصار وبطولة
الحادث 150 في الولايات المتحدة خلال 2019.
تناقلت وسائل الإعلام نبأ مقتل 12 شخصا وجرح آخرين خلال هجوم "مشتبه به" كما اختارت السلطات الأمريكية أن تسميه، وتم حادث إطلاق النّار في مركز فيرجينيا بيتش الذي يضم العديد من المباني الحومية في ولاية فيرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
نرى في تغيير السياسة تأثير من الدرس الذي لقنته رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن للعالم، والتي تصرفت بمنتهى الحكمة في التعامل مع ما وصفته بالهجوم الإرهابي من "اليمين المتطرف"، والذي استهدف المساجد في بلادها منتصف مارس/آذار الماضي
وخلاصة الحادث حسب التقارير المبدئية أن الموظف غضب من زملائه فاستعمل بندقية آلية ومسدسا، لتصفية كل من يعمل في المبنى الحكومي.
وقراءة الخبر تجعلنا نطرح مجموعة من التساؤلات، أولها مسألة التّراخيص التي تسمح بامتلاك الأفراد للأسلحة والجدل القائم حولها. المسألة الثانية هي أن الحادث وقع داخل مؤسسة ومبنى حكومي، فإذا لم يتوفّر الأمن داخل المباني الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية التي تتمتع بأعلى سياسات الانتقاء لموظّفيها في الحكومة، فأين يمكن أن يتوفر؟ المسألة الثالثة والأهم -والتي علينا كأمّة عربية وإسلامية أن نضغط لتوضيحها وتصحيحها- هي وضع فرضية أنه لو كان اسم أو أصل المهاجم عربيا، حتى وإن لم يكن ملتزما بالدين الإسلامي أو مسلما أساسا، لكان الحادث سيصنف بشكل فوري لا جدل فيه على أنه حادث إرهابي.
كما أنه لا يجب التغاضي عن تأثير أسلوب الحياة اليومي في كل دول العالم وفي الغرب خصوصا.
فهو أسلوب مبني على الإدمان بكل أنواعه، ولكن ما اختلف اليوم هو نوع الإدمان، إذ كانت التحذيرات قبل عشرات السنوات هي من إدمان المشروبات الكحولية، أو المخدرات بجميع أنواعها، لكن الواقع الآن أخطر من السابق فأصبح الإدمان مرتكزاً على وسائل التواصل الاجتماعي وكل ما تبثه من أفكار مبنية على العداء والتحريض على الكراهية.
والإدمان الأخطر على الإطلاق والذي دخل دولنا وبيوتنا أيضا هو الألعاب الإلكترونية، القائمة على الأسلحة والبنادق الآلية والإحساس بالانتشاء لكل من يقتل الآخرين، والتي زرعت ثقافة أن القتل انتصار وبطولة.
ورغم تحذيرات خبراء علم الاجتماع والنفس، ونخب علمية في الغرب ودعواتهم لمنع هذه الألعاب خاصة التي تعمد على القتل والدماء، وخطورة تأثيرها على العقل الباطن والحالة النفسية للاعبين، إلا أن هذه التحذيرات لم تأخذ على محمل الجد والحزم المطلوب.
كما أن الإعلام متغاض بشكل كامل عن هذه الألعاب، والتي تتوفر في كل البيوت بجميع الدول المتقدمة وعدد من دول العالم العربي، وقد بدأت هذه الألعاب بأفكار المصارعة وقوة العضلات لتتحول أغلب محتوياتها إلى التركيز على القوة الفردية للاعب، الذي يعتمد أساسا على الأسلحة بمختلف أنواعها، ولا يسعد إلا بانتصاره المبني على عدد الأشخاص الذين قتلهم، ليحتل مساحات أكثر في المكان الذي تدار فيه الألعاب سواء كان مبنى أم مدينة.
كما عكس هذا الحادث تحوّلا لدى الأمريكان؛ حيث يبدو أنهم غيروا سياستهم في وصف وتصنيف الإجرام، فقد اختاروا أن يبقى اسم القاتل الذي قتل في مواجهات مع الشرطة في هذا الحادث بـ"المشتبه به"، على الرغم من أنه واجه الشرطة بالسلاح وأصاب أحدهم وتم قتله، كما ركز مدير الشرطة في فيرجينيا على ضرورة التركيز على عائلات الضحايا والتضامن معهم، وإبعاد الأضواء عن "المشتبه به".
ونرى في تغيير السياسة تأثير من الدرس الذي لقنته رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن للعالم، والتي تصرفت بمنتهى الحكمة في التعامل مع ما وصفته بالهجوم الإرهابي من "اليمين المتطرف"، والذي استهدف المساجد في بلادها منتصف مارس/آذار الماضي. وطلبت وقتها عدم التركيز أو ذكر اسم الإرهابي المعتدي، والاهتمام بعائلات الضحايا وإشعارهم أنهم جزء من بلادها، وأنها وبلادها تألمت لألمهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة