إنجازات دولية لا نهاية لها.. الإمارات نموذج رائد بمكافحة غسل الأموال
على مسار مكافحة جميع أشكال الجرائم المالية وغسل الأموال، سطرت دولة الإمارات إنجازًا جديدًا؛ بإسقاط اثنين من المطلوبين دوليًا.
وقد أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية الخميس 5 يناير/كانون الثاني 2023 عن نجاح عملية شرطية عالمية، أسفرت عن إلقاء القبض عن اثنين من المطلوبين دوليًا وللإمارات.
وقال الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الإماراتي في تغريدة على حسابه بموقع تويتر: "نجاح لعملية شرطية عالمية دامت 9 أشهر بقيادة الإمارات وبالشراكة مع الإنتربول، أسفرت عن إلقاء القبض على المطلوبين دولياً وللإمارات، كيداني زكرياس الهارب من السجن من إحدى الدول وزعيم منظمة إجرامية للاتجار بالبشر وأخيه هينوك زكرياس المطلوب بتهمة غسل الأموال".
نموذج دولي مثالي
خطوات مهمة وتشريعات قوية اتخذتها دولة الإمارات لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب تتفق والمعايير العالمية ما جعلها نموذجًا دوليًا مثاليًا.
ويشير حامد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة الإمارات، في مقال نشره في "أرابيان بيزنس" باللغة الإنجليزية مطلع ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى التقدم الكبير لدولة الإمارات، حول النجاح والجهود المتواصلة في مكافحة الجريمة المالية.
وقال الزعابي، في غضون بضع سنوات فقط، أحرزت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدما كبيرا في مكافحة الجرائم المالية.
ونتيجة لهذا التفوق أشار الزعابي إلى تقدم دولة الإمارات أكثر من 80 مرتبة لتصبح واحدة من الدول الخمس الرائدة على مستوى العالم في هذا الصدد، وفقا لتحليل أجراه التحالف العالمي لمكافحة الجريمة المالية.
وأضاف: "مع ذلك لا يمكننا أن نكتفي بما حققناه من أمجاد.. إن الكفاح ضد أولئك الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة سيظل بلا نهاية".
وأكد أن هذه الجهود لتعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة الإمارات تنبع من مجموعة واضحة من السياسات التي وضعتها قيادة دولة الإمارات لمكافحة التمويل غير المشروع والحفاظ على نزاهة النظام المالي العالمي.
وقال الزعابي نعلم من تعاوننا مع شركاء استراتيجيين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أن البنوك والحكومات بحاجة إلى العمل بشكل وثيق معا، ورفع الحواجز أمام مشاركة المعلومات.
وأضاف: يساعدنا التعاون جميعا في بناء صورة أوضح للشبكات الإجرامية والمعاملات المشبوهة وفهم المخاطر وتقييمها بشكل أفضل ثم التخفيف من حدتها. كما أنه يزود السلطات بمعلومات ذات جودة أفضل للتحقيق.
مستويات عالمية "تنافسية" من الشفافية
وتولي دولة الإمارات مكافحة الجرائم المالية أهمية قصوى من خلال رفع مستويات الشفافية وتطبيق النهج القائم على التنسيق الوطني والتعاون الإقليمي والدولي في مواجهة الجرائم المالية وتعزيز الوعي وتبادل الخبرات وتوقيع مذكرات التفاهم واتفاقيات الشراكات العالمية.
ويشكل المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب -الذي تأسس في فبراير من العام 2021- هيئة التنسيق المنفذة لاستراتيجية الأجندة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتستهدف استراتيجية المكتب تعزيز مكانة الإمارات عالمياً وريادتها في مجال مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب ومنع انتشار التسلح.
وبحسب رصد أجرته وكالة أنباء الإمارات "وام"، شهد العام 2022 نشاطاً مكثفاً للمكتب التنفيذي على الصعيد الداخلي والخارجي تنوع بين استضافة المؤتمرات وعقد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والمشاركة الدولية والكشف عن نتائج عمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعقد ورش العمل لتقييم المخاطر.
ويتولى المكتب التنفيذي للجنة السلع الخاضعة لرقابة الاستيراد والتصدير قيادة هذا المشروع باعتباره الجهة المحلية التي تقود آليات تنفيذ العقوبات المالية المستهدفة، وذلك بالتنسيق مع أصحاب المصلحة في القطاع الحكومي والخاص في دولة الإمارات.
وتدلل البيانات الصادرة بشأن مواجهة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب على التقدم الكبير في نهج الإمارات لمكافحة الجرائم المالية كأولوية وطنية رئيسة، حيث قدر المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مارس/آذار الماضي، القيمة الإجمالية لعمليات وإجراءات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب خلال العام 2021 بنحو 3.848 مليار درهم (1.048 مليار دولار).
وفي أبريل/نيسان 2022، نظم المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ملتقى الشركاء لعام 2022 تحت شعار "التواصل والعمل بروح الفريق الواحد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
وأشار المكتب خلال مشاركته في ملتقى الشركاء إلى إطلاقه مشروع مؤسسي لإعداد الخطة الاستراتيجية للمكتب التنفيذي بهدف تطوير خريطة متكاملة للمكتب للأعوام 2022-2026 متضمنة الرؤية والرسالة والقيم والأهداف الاستراتيجية مدعومة بمجموعة من المبادرات والمشاريع ومؤشرات قياس الأداء، والتي من شأنها أن تعزز مكانة الإمارات دولة رائدة على مستوى العالم في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعكس الطموح والتطلعات .
وخلال يونيو الماضي، وقع المكتب التنفيذي اتفاقية تعاون مع G42 ليصبح أول جهة اتحادية في الدولة تعتمد نظام السحابة "BIC" من أجل وضع كل بياناته وعملياته الرقمية على سحابة G42 Cloud ، ومن خلال اعتماد الحوسبة السحابية سيتمكن المكتب التنفيذي أيضاً من الاستفادة من حلول الأمن السيبراني الأفضل في فئتها لحماية البيانات الهامة ومنع تسرب المعلومات وتخفيف المخاطر.
وتصدر شهر أكتوبر/تشرين الأول العام 2022 أنشطة المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث استضاف قمة الهيئات التنظيمية الـ14 لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالشراكة مع منظمين من مجموعة بورصة لندن وبحضور أكثر من 450 شخصاً من الحكومات والمختصين في مجال المخاطر والامتثال وخبراء في الجرائم المالية من كافة أنحاء العالم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أصدرت اللجنة الفرعية للشراكة بين القطاعين العام والخاص في دولة الإمارات (مبادرة صادرة عن اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب) ورقة تشاورية أولى للعموم فيما يتعلق بالنهج التنظيمي لتبادل المعلومات الاستراتيجية بين القطاعين، وتقضي مهمتها بالتشاور مع المؤسسات المالية والمهن والأعمال غير المالية من القطاع الخاص لتطوير أفضل الممارسات ومشاركة المعلومات والإرشادات والخبرات في مجال مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
كما بحث المكتب مع وزارة الاقتصاد جهود مسجلي الشركات في الدولة ودورهم في تنفيذ أكثر من 75% من أهداف الخطة التشغيلية لمسجلي الشركات والمنبثقة عن الخطة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب خلال 2022، ما يعزز مكانة الدولة على مؤشرات التنافسية العالمية. ويشكل تحقيق الامتثال رافعة لتعزيز الثقة والسمعة العالية في الاقتصاد الوطني وبناء الشراكات العالمية وتدفق الاستثمار.
وخلال ديسمبر/كانون الأول الماضي وقع المكتب التنفيذي مذكرة تفاهم مع مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" لتعزيز مستوى المعرفة في المجالات التي تكتسي أهمية استراتيجية لمكافحة الجرائم المالية في الدولة وتزويد صانعي السياسات في القطاع الحكومي والخاص ومختلف السلطات برؤى ومعلومات جديدة.
منظومة حوكمة رائدة
فيما يبذل مصرف دولة الإمارات المركزي جهودًا متواصلة من أجل تعزيز مكافحة جميع أشكال الجرائم المالية وغسل الأموال.
وذلك من خلال وضع سياسات وأطر قانونية فاعلة وحوكمة وأجهزة تنفيذية ومتابعة حثيثة لكافة العمليات.
وضمن سياق العمل المتكامل، تستمر جهود التوعية والإجراءات في إطار حملة "حوالة دار" التي أطلقها المصرف الإماراتي المركزي بالتعاون مع وزارة الداخلية، والتي تنسجم مع جهود دولة الإمارات الحثيثة في ضمان أمن المجتمع وتعزيز البيئة الاقتصادية والاستثمارية الآمنة.
وتستهدف جهات إنفاذ القانون من خلال التوعية وتعزيز الوعي المجتمعي بالقوانين والأنظمة والمعايير للتحويلات المالية، بما يضمن الحفاظ على شفافية ونزاهة المعاملات من خلال وسطاء الحوالة المسجلين.
وتتنوع الأدوات والوسائل المطبقة التي تتضمن متابعة ومراقبة حثيثة، ونظاما ماليا شفافا يعززه نظام آمن يضمن سلامة التعاملات المالية، وتشريعات مرنة تضمن الدقة والسرعة وحرية تدفق الأموال مع منظومة حوكمة ريادية.
وقال خالد محمد بالعمى محافظ مصرف دولة الإمارات العربية المتحدة المركزي رئيس اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ً: "إن المصرف المركزي قام بإطلاق نظام تسجيل وسطاء الحوالة بهدف التأكد من تطبيق الشفافية والنزاهة والحوكمة المالية في المعاملات المنفذة من خلال الوسطاء المسجلين لدينا، وتنفيذاً لتدابير مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وحماية النظام المالي لدولة الإمارات".
وأضاف "أن المصرف المركزي سيستمر في اتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن الحفاظ على سلامة النظام المالي، وضمان مواءمة كافة المعاملات المالیة في دولة الإمارات للمتطلبات التي تضمنها نظام وسطاء الحوالة المسجلين".
من جهته، قال العميد عبدالعزيز الأحمد نائب المدير العام للشرطة الجنائية الاتحادية بوزارة الداخلية رئيس اللجنة الفرعية لجهات التحقيق في جرائم غسل الأموال التابعة للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ً: "إن دولة الإمارات تنتهج الشفافية والمتابعة والحوكمة في مجالات التعاملات المالية، حيث تعمل الجهات المعنية بشكل متكامل وفق منظومة عمل لتعزيز جهود مكافحة جرائم غسل الأموال والجرائم المرتبطة بها، انطلاقاً من إستراتيجية وتوجيهات حكومة دولة الإمارات الساعية لتعزيز الأمن والأمان، وتوفير البيئة المناسبة للنمو الاقتصادي والاستثماري، وتعزيز سمعة الدولة في المحافل الدولية".
وأكد أن العمل متواصل لدعم جهود اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الهادفة لتعزيز جهود دولة الإمارات في مجالات رفع قدرات الدولة وتقوية منظومة العمل الخاصة بها، بمواجهة مثل هذه الجرائم، وتعزيز قدرات الكوادر الوطنية في مجالات التحقيقات والتحليل المالي والضبط والرقابة والحوكمة المتعلقة بالجرائم ذات الصلة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.