سياسي ودبلوماسي وإنساني.. حراك إماراتي متواصل لإنهاء أزمة السودان
حراك إماراتي متواصل على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية والإنسانية لإنهاء أزمة السودان التي دخلت عامها الثاني.
جهود انطلقت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة منتصف أبريل/نيسان 2023، وتطورت على مدار الفترة الماضية وفقا لتطورات الأزمة حرصا على التخفيف من وطأتها وتداعياتها الإنسانية.
- الحرب السودانية.. «الإمارات ليست السبب»
- الإمارات تعرب عن قلقها من تصاعد التوترات بدارفور وتجدد دعوتها للحوار
ضمن أحدث تلك الجهود جاء البيان الإماراتي الصادر عن وزارة الخارجية، السبت، الذي تضمن خارطة طريق شاملة لإنهاء الأزمة المتفاقمة التي تهدد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي السودان.
بيان تضمن أيضا رؤية إماراتية شاملة لحل الأزمة السودانية.
رؤية سبق أن أكدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، خلال مباحثات هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الـ19 من الشهر الجاري، شدد خلالها على أهمية العودة إلى المسار السياسي والوقف الفوري والدائم لإطلاق النار وإنهاء الأزمة، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار للشعب السوداني ويلبي تطلعاته نحو التنمية والازدهار.
كما تناول الزعيمان خلال الاتصال مخرجات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس منتصف الشهر الجاري، الذي يهدف إلى تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لدفع مساعي السلام الخاصة بالسودان، بجانب تعزيز الاستجابة للأوضاع الإنسانية والتحديات التي يواجهها الشعب السوداني الشقيق.
وخلال مشاركتها في مؤتمر باريس أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة تعهدها بتقديم 100 مليون دولار أمريكي دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.
تعهد استبقته دولة الإمارات بافتتاح "مستشفى الإمارات الميداني" المتكامل في مدينة أبشي في جمهورية تشاد 8 من أبريل/نيسان الجاري، ليقدم خدماته العلاجية والرعاية الطبية إلى الأشقاء السودانيين اللاجئين إلى الأراضي التشادية، كثاني مستشفى ميداني في تشاد لنفس الأهداف، بعد إقامة مستشفى ميداني في مدينة أمدجراس التشادية 9 يوليو/تموز الماضي.
وجنبا إلى جنب مع جهودها المتواصلة، دعمت الإمارات جميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للصراع وصولا لتحقيق السلام والاستقرار في السودان.
وهو الأمر الذي أكدته مجددا في البيان الذي أصدرته الخارجية الإماراتية، السبت، في ضوء تصاعد التوترات في منطقة الفاشر في شمال دارفور التي تعد مأوى للنازحين وعاصمة للمساعدات.
وأعربت دولة الإمارات، في البيان، عن قلقها العميق إزاء تصاعد التوترات في منطقة الفاشر في شمال دارفور والتهديد الذي تشكله على المدنيين السودانيين.
كما عبرت عن بالغ قلقها حيال تقارير بشأن العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وارتفاع خطر المجاعة والقصف الجوي العشوائي، واستمرار معاناة وتشريد الآلاف من المدنيين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
مطالب ودعوات
وتضمن البيان الإماراتي مطالب محددة لأطراف الأزمة وهي:
- دعوة جميع الفصائل المسلحة، بما في ذلك قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، إلى إنهاء القتال.- دعوة جميع الفصائل المسلحة للعودة إلى الحوار.
- دعوة جميع الأطراف المتحاربة إلى الامتثال بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي واتخاذ إجراءات فورية حاسمة لتخفيف حدة التوترات وتجنّب انزلاق السودان إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.
أيضا ضمن البيان مطالب إماراتية للمجتمع الدولي وهي:
- الدعوة لتعزيز الاستجابة الإنسانية الدولية وتقديم الإغاثة العاجلة للمحتاجين في السودان والدول المجاورة.
- مناشدة مجلس الأمن باتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان إنهاء النزاع ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان.
مبادئ ثابتة
وأكدت الإمارات، في البيان، المبادئ والقواعد والأسس التي تشكل رؤيتها وموقفها الثابت لحل تلك الأزمة وهي:
- وقف فوري لإطلاق النار- حل سياسي للأزمة
- دعم للعملية السياسية وجهود تحقيق التوافق الوطني نحو حكومة يقودها مدنيون
أزمة تتفاقم
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتّاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو اشتباكات (حميدتي) لم تفلح سلسلة هدن متتالية في إيقافها، ما خلف آلاف القتلى، أغلبهم من المدنيين، ودفع إلى فرار أكثر من 8.5 ملايين شخص، نصفهم من الأطفال.
وطول تلك الفترة ظلت الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بمنأى نسبيا عن الحرب الدائرة بين الطرفين، لذا لجأ إليها كثير من النازحين.
أيضا أضحت الفاشر مركزا للمساعدات الإنسانية في دارفور، حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة.
وظلت الفاشر هي العاصمة الوحيدة بين عواصم ولايات دارفور التي لا تسيطر عليها قوات الدعم السريع، التي تسيطر حاليا على أربع من عواصم ولايات دارفور الخمس، ما عدا الفاشر التي تضمّ مجموعات مسلّحة متمرّدة كانت قد تعهّدت حتى الأمس القريب بالوقوف على مسافة واحدة من طرفَي الحرب، ما جنّبها الانزلاق إلى القتال.
لكنّ هذا الموقف تبدّل مع إعلان تلك المجموعات المسلحة أنّها قرّرت خوض القتال ضدّ قوات الدعم السريع بسبب «الاستفزازات والانتهاكات» التي تُتَّهم هذه القوّات بارتكابها في الفاشر.
تلك التطورات جعلت المدينة التي تعد مأوى للنازحين وعاصمة للمساعدات على شفا الانفجار، وسط تحذيرات دولية من "هجوم وشيك" لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر.
دعم تاريخي
ومنذ بداية الأزمة بالسودان قبل نحو عام وحتى اليوم لم تتوقف جهود دولة الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة بالحوار والطرق السلمية.
جهود تأتي ضمن التزام إماراتي تاريخي بدعم السودان منذ بدء العلاقات بين البلدين قبل 5 عقود وحتى اليوم، ظلت خلالها مساعدات الإمارات الإغاثية والإنسانية والاقتصادية والتنموية تتدفق على البلاد.
مساعدات تتدفق كنهر عطاء ينبع من دار زايد لإغاثة أهل السودان، الأمر الذي يجسّد خصوصية العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين من جانب.
ومن جانب آخر يؤكد أن التزام الإمارات بمد يد العون والمساعدة للأشقاء في السودان هو التزام تاريخي بدأ منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويتواصل حتى اليوم بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
يأتي ذلك في إطار حرص دولة الإمارات الدائم على دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة، وتؤكد نهج العمل الإنساني الراسخ الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية التي لطالما أكدت قيادتها ضرورة مد يد العون والمساعدة للشعوب كافة التي تمر بظروف صعبة، سواء كان بسبب كوارث طبيعية أم حروب أم أزمات سياسية وصحية.
دعم يتواصل على مر التاريخ منزه عن أي غرض، سوى حرص القيادة الإماراتية على الوقوف إلى جانب السودان.
وتزايد هذا الدعم، منذ الاشتباكات التي يخوضها الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي.
ضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، تعهدت دولة الإمارات منتصف أبريل/نيسان الجاري بتقديم 100 مليون دولار أمريكي دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.
الجهود الإنسانية
وكانت الإمارات أول دولة تعلن عن دعم إنساني للسودان في بداية الأزمة، حينما أعلنت في 26 أبريل/نيسان 2023 تقديم 50 مليون دولار كمساعدات إماراتية إنسانية طارئة للسودان، في سبق إنساني وجهت دولة الإمارات عبره أنظار العالم إلى ضرورة التركيز على البعد الإنساني للأزمة السودانية لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، وعززت من خلاله جهودها السياسية المتواصلة لاحتواء الأزمة.
وبذلت دولة الإمارات منذ بداية الأزمة جهوداً إنسانية مكثفة لمتابعة الوضع الإنساني للشعب السوداني الشقيق، عبر تدشين جسر جوي مع جمهورية السودان وجمهورية تشاد في إطار جهودها الإنسانية المتواصلة لدعم اللاجئين السودانيين في دول الجوار، خاصة الفئات الأكثر احتياجاً من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، وتقديم كل أشكال الدعم والمساندة للأشقاء السودانيين.
تلك الجهود البارزة حاول البعض عبثا التشويش عليها عبر أكاذيب مغرضة وافتراءات لا تمت للحقيقة بصلة، تزعم انحياز دولة الإمارات لأحد أطراف الأزمة في السودان.
أكاذيب سرعان ما نفت صحتها وزارة الخارجية الإماراتية في بيان، دحضت فيه دولة الإمارات، أغسطس/آب الماضي، المزاعم بشأن انحيازها لأي من أطراف نزاع السودان، مؤكدة أن السلام والحل السياسي أولويتها.
ونفتها دولة الإمارات مجددا بعد أن تكررت، في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن في 21 أبريل/نيسان الجاري، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة بعد مرور عام على الصراع، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان.
وأكدت دولة الإمارات أنها ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان ومواصلة العمل مع جميع المعنيين لدعم أية عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية.
aXA6IDMuMTQzLjIxNC4yMjYg جزيرة ام اند امز