لا ينكر – إلا جاحد أو حاقد- الدعم الكبير الذي تلقته القضية الفلسطينية قولاً وفعلاً من قبل دول الخليج على مر تاريخها.
في 3 حلقات تلفزيونية، كشف الأمير بندر بن سلطان مُستشار الأمن القومي والسفير السعودي السابق في واشنطن، ما لم يكن خفياً على الكثيرين، من فشل القيادة الفلسطينية في التعامل مع الواقع، وتضييع الفرص الذهبية للنجاة بالقضية الفلسطينية وإيجاد وطن لشعب فقد عمراً من أجل العيش بسلام.
ورغم مرور وقت على تلك المقابلة، إلا أن صداها سيستمر طويلاً بسبب ما أدلى به الأمير من شهادة للتاريخ حول الفرص الضائعة والقرارات المترددة ثم كيل الاتهامات إلى دول الخليج بتضييع القضية، وهي التي لم تدخر جهداً لدعم الأشقاء الفلسطينيين.
الحقيقة أنه منذ مدة طويلة، يتبادر إلى الأذهان تساؤل حول سر بقاء هذه القيادات عقوداً من الزمن رغم عدم تحقيق أي شيء ملموس على الأرض سوى الندب والبكائيات التي لم تعد تجدِ، حيث يبدو أن البقاء في السلطة هو الهدف، و"البقاء في السلطة" مرتبط بشكل أساسي ببقاء القضية الفلسطينية معلقة، وبالمقارنة، فإن قضايا عالمية محورية حُلت، وبقيت قضية فلسطين تراوح مكانها حتى ليعتقد المواطن العربي بأنها لن تحل أبداً إلا بمعجزة.
إن حديث الأمير بندر بن سلطان يؤكد مجدداً أن الشعب الفلسطيني هو المتضرر الأكبر من نخبه التي تؤخر الحلول في كل مرة، معتقدة أن العرض سيبقى دائماً متوفراً، في المقابل فإن الطرف الآخر يثبت يوماً بعد آخر أنه أكثر واقعية وبراغماتية، حيث استطاع أن يستفيد من أدنى الفرص وكان يظهر للعالم في كل مرة بمظهر الباحث عن الحلول.
لقد أكد الأمير بندر خلال المقابلة أن حديثه موجه إلى شعبه، لكن في الحقيقة فإن شهادته هي نصيحة ودرس صادق لأبناء الشعب الفلسطيني من خلال توضيح نقطتين أساسيتين: الأولى هي الأساليب المخفقة التي اتبعتها النخب السياسية الفلسطينية في التعاطي مع الفرص، والثانية هي رهانها على الطرف الخاسر دائماً.
إن الحل بيد الفلسطينيين، كما كان دائماً، وإيجاد نخب سياسية قادرة على التعامل مع الوضع الراهن يجب أن يكون قراراً فلسطينياً بعد أن أثبتت الحالية عدم قدرتها على إيجاد حل مناسب، ينهي المعاناة ويبني مستقبلاً أفضل لشعبه.
في الختام.. لا ينكر – إلا جاحد أو حاقد- الدعم الكبير الذي تلقته القضية الفلسطينية قولاً وفعلاً من قبل دول الخليج على مر تاريخها، وتحمل ما أوجبته على نفسها في سبيل نصرة أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، دبلوماسياً واقتصادياً ولوجستياً، لكن على الرغم من ذلك فإن الهجوم المتواصل والتخوين والاتهامات بالتخاذل تستمر، ليس في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر وسائل الإعلام هذه المرة، لكن من قبل النخب التي استفادت ولا تزال، من دول الخليج العربي بلا استثناء، فـ واعجباً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة