طالبان والاعتراف الدولي.. شروط غائبة وإصلاحات مأمولة
تواجه حكومة حركة طالبان أزمة غياب الاعتراف الدولي بها بسبب القيود التي فرضتها على الشعب الأفغاني في عدة مجالات.
فالحركة التي شكلت حكومة في مطلع سبتمبر/أيلول عام 2021 بعد أيام قليلة من فرض سيطرتها على أفغانستان بالتزامن مع انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية من البلاد، تكرر منذ أكثر من سنة ونصف السنة دعوتها للمجتمع الدولي للاعتراف بحكومتها ونظامها فضلاً عن المطالبة برفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والتي قامت بتجميد أموال البنك المركزي الأفغاني، كما توقفت المساعدات الدولية التي كانت تتدفق على الأفغان.
وفي أحدث مطالبة للاعتراف، دعا مولوي عبد الكبير، النائب السياسي لرئيس وزراء طالبان في حكومة حركة طالبان، مساء الخميس، المجتمع الدولي للاعتراف بالحركة، زاعماً أنها أكملت جميع الشروط للاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي.
وقال عبد الكبير خلال اجتماعه مع روزا أوتونباييفا الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في أفغانستان إن حكومته قد استكملت جميع الشروط ويجب الاعتراف بها.
ولم يوضح المسؤول والقيادي في حركة طالبان الشروط التي أنجزتها الحركة للاعتراف بها من قبل دول العالم.
وأشار إلى أن الحركة تريد التفاعل النشط مع المجتمع الدولي؛ ودعا الأمم المتحدة إزالة القيود والعقوبات المفروضة على مسؤولي الحركة، وتقديم المساعدة إلى أفغانستان.
المسؤول في حركة طالبان أكد أن أراضي أفغانستان لن تستخدم ضد "أحد"، وقال "بلدنا لا يتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وقيادتنا تؤمن بالحوار".
وأكد أن تنظيم داعش يشكل تهديداً دولياً، وقال إن أفغانستان استطاعت تجفيف جذور التنظيم في الفترة الأخيرة.
وكانت طالبان قد فرضت سيطرتها على أفغانستان بالتزامن مع اتفاق يقضي بانسحاب القوات الأمريكية والأجنبية في منتصف أغسطس/آب 2021، وفي مطلع سبتمبر/أيلول من العام ذاته قامت بتشكيل حكومة لم تنل اعترافاً من المجتمع الدولي.
وفي مطلع من مارس/آذار الجاري، هاجمت المبعوثة الأممية إلى أفغانستان، روزا أوتونباييفا، في كلمة لها أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في أفغانستان حركة طالبان، مؤكدة أنها البلاد بشكل حاد على أساس النوع الاجتماعي".
وقالت إن "أفغانستان تحت حكم طالبان، أكثر دولة قمعية في العالم فيما يتعلق بحقوق المرأة".
وفرضت حركة طالبان خلال الأشهر الماضية، قيودا إضافية على تعليم وعمل الإناث الأمر الذي لاقى إدانات دولية.
شروط الاعتراف الدولي غائبة
من جانبه، قال محمد عيسى إسحاق زي، الخبير الأفغاني في العلاقات الدولية، إن طالبان شكلت منذ أكثر من سنة لجنة تحت عنوان لعودة الشخصيات السياسية إلى البلاد وبدأت أنشطتها.
وأضاف إسحاق زي في تصريحات لوسائل إعلام أفغانية، أنه كما يتضح من اسم هذه اللجنة، "أنه سيكون من الجيد والجدير بالاهتمام دعوة الشخصيات، التي تدافع عن الحرية والمصالح الوطنية وحقوق الإنسان، والذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء".
وتابع قائلا إنه "إذا أرادت طالبان حقاً تشكيل حكومة بأفكار نخب ينبغي دعوة تلك الشخصيات، فسنحظى في المستقبل بأفغانستان مستقرة ومسالمة".
ودعا "طالبان" إلى تشكيل حكومة شاملة، مضيفا أنه "من أجل مستقبل أفغانستان، يجب ترتيب مسودة دستور يمكن أن يضمن الحرية للمواطنين والإنسانية بغض النظر عن أي تحيز ديني أو عرقي أو جنسي".
وأكد أن طالبان لم تحقق شيئاً يسهم في دفع المجتمع الدولي للاعتراف بها.
وقال إن "أحد أهم تلك الشروط للاعتراف الدولي بطالبان هو إجراء انتخابات وتشكيل الحكومة المستقبلية من خلال تصويت الشعب من خلال انتخابات شفافة ونزيهة وديمقراطية، ويجب تشكيل ممثلين حقيقيين عن الشعب من خلال الاستفتاءات حتى يتمكنوا من الحصول على شرعية داخلية ومن خلال إرساء سيادة القانون على أساس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
واعتبر أن حركة طالبان ما زال بإمكانها اكتساب الشرعية العالمية إذا حققت هذه الشروط، وقال إنه "إذا فعلت طالبان هذا الأمر فسيتم ذكر اسمها جيدًا في تاريخ البلاد وسيتم تسجيلها في التاريخ السياسي لأفغانستان، وإلا فإنه ستكون مثل الهياكل والحكومات الفاسدة السابقة التي فشلت على مدى أكثر من 40 عاما وجعلت البلاد تعاني".
وأضاف أنه "إذا مارست طالبان حكم الفرد والقومية ولم تشكل حكومة شاملة بالمعنى الحقيقي، فإن أفغانستان ستغرق في البئر مرة أخرى وسيكون مصير حكومة طالبان مؤلمًا وتواجه الفشل مثل الحكومات السابقة".
وخلص إلى التأكيد أن المجتمع الدولي لن يعترف بحركة طالبان في ظل الوضع القائم ما لم تغير الحركة من نهجها وأسلوبها.
aXA6IDE4LjExNy43NS42IA== جزيرة ام اند امز