الأطفال في القارة الأفريقية، والتي يطيب لنا أن نسميها بالقارة السمراء، دائما ما يكونون في الواجهة في كافة التحديات؛ مثل الصراعات والحروب وحوادث الاغتصاب والقتل والترويع، وغيرها من الأحداث التي تواجه الشعوب الأفريقية منذ قرون طويلة.
ويعد الأفارقة أكثر الشعوب التي ابتليت بقيادات لا تعمل من أجل إنسانها وخدمته، إضافة إلى أنهم يواجهون ضغوطات عدة؛ ممثلة في زيادة الضرائب والرسوم والجبايات من قبل الأنظمة المحلية، والتي تقوم بتحركات عدة فيما يخص الحراك الاستثماري الأفريقي والذي تكون عائداته المالية، لجيوب شخصيات محددة، في إطار "الفساد المستشري"، دون أن تجد هذه الشعوب أي نصيب من الخدمات مقابل ما تقوم به من أعمال شاقة في المشاريع التي دائما ما يعملون فيها أكثر من ساعات العمل الرسمية داخل بلدانهم.
ومع التطور الذي يشهده العالم يظل الطفل الأفريقي يفتقد إلى فرص مجانية التعليم والعلاج والرعاية الصحية، التي يفترض أن تكون متاحة له كمواطن، ينظر إليه باعتباره أحد قيادات ومستقبل المنطقة، ناهيك عن توفير الغذاء الصحي ووجبات متعددة في اليوم، والتي هي حلم لدى أغلب مواطني أفريقيا الفقراء.
وبحسب تقرير للأمم المتحدة نشر في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، فقد تراجعت قدرة أنظمة التعليم على ضمان حتى مهارات القراءة والكتابة الأولية لطلابها في أربع من كل 10 دول أفريقية على مدى العقود الثلاثة الماضية.
ولخص التقرير إلى أنه بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية، فإن محدودية توافر الكتب المدرسية حسنة الجودة، ونقص الدعم المناسب للمعلمين، وعدم تدريب وتوفير الإرشادات للمعلمين بشكل كافٍ، أمور شكّلت عائقا أمام التقدم في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وعلى الرغم من رضاه بالقليل من الدخل مقابل جهد كبير وشاق، يواجه الإنسان الأفريقي تحديات أخرى متمثلة في الحروب والصراعات الأهلية داخل المناطق التي يستخدم فيها الأطفال وقودها، من قبل الجماعات المسلحة التي يصفها العالم بالإجرام دون أن يقوم بجهد لإيقافها.
ويتعرض الكثيرون لأحداث تدمي لها القلوب من وقت لآخر، وهم لا ذنب لهم فيها ولا يعرفون لماذا يحاربون ويحاربون ومن أجل من يدفعون الثمن في الصراعات التي تجعلهم يفقدون ذويهم من وقت لآخر.
بالإضافة إلى ذلك، تظل مخلفات الحروب من ألغام ومخلفات كيمائية، أكبر التحديات أمام الطفل الأفريقي حتى في أوقات السلم، بسبب نقص التحركات التي من المفترض أن تتم بعد الصراعات في كل ركن من القارة، بعزل المناطق التي امتلأت بالمخلفات العسكرية من أسلحة وألغام، وباقي الحروب التي تحصد حياة الأطفال خلال ممارسة حياتهم اليومية من لعب ولهو.
إن حادثة أطفال الصومال التي وقعت أول أمس وأدت إلى مقتل عدد من الأطفال جراء انفجار قنبلة ومخلفات الحرب ليست ببعيدة عنا، بل وقعت مثلها من قبل في عدة مناطق، من جنوب السودان إلى إقليم تيغراي في إثيوبيا، والتي تؤدي من وقت لآخر إلى مقتل عدد من الأطفال، الذين إن نجا بعضهم فإنهم يفقدون أجزاء من أجسادهم تجعلهم متأثرين نفسيا لعقود طويلة، مما يشعرهم بأنهم أقل من زملائهم بسبب الإعاقة التي تعرضوا لها.
يظل الطفل الأفريقي هو الذي يواجه كبرى التحديات في كافة الأوقات، بسبب التحركات التي تشهدها المناطق من وقت لآخر.
ورغم ذلك، إلا أن الطفل الأفريقي يظل هو الاستثمار الأمثل في وقتنا الحالي، مما يمثل فرصة ذهبية لحكومات الدول الأفريقية، عليها أن تعمل على تطويرها والاهتمام بها، من أجل قارة صلبة وقوية، يحتذى بها مستقبلا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة