ثمة عامل وراء سعي القوى العالمية الكبرى، إلى تعزيز وجودها، ونفوذها من خلال الاستثمار الاقتصادي، والبنية التحتية، في منطقة القرن الأفريقي، الذي يضم دول إثيوبيا، إريتريا، جيبوتي، والصومال.
هذه المنطقة الاستراتيجية ذات أهمية بالغة في السياقين الإقليمي والدولي، حيث تمتلك موقعاً جغرافياً حيوياً يربط بين البحر الأحمر، وخليج عدن، ما يجعلها بوابة حيوية للتجارة الدولية.
وتتمتع دول القرن الأفريقي بموارد طبيعية غنية ومتنوعة، تشمل الأراضي الزراعية الخصبة، والثروات المعدنية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي.
إضافة إلى ذلك، تشهد هذه الدول نمواً سكانياً سريعاً، ما يشكل سوقاً استهلاكية واعدة. ومع تحسن الأوضاع الأمنية في بعض الدول واستقرار الحكومات، بدأت تظهر فرص جديدة للاستثمار والتنمية الاقتصادية.
تنافس القوى العالمية
تعتبر الصين واحدة من أبرز القوى التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في القرن الأفريقي.
ومن خلال مبادرة "الحزام والطريق"، قامت بكين بتمويل وبناء العديد من المشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والموانئ والمطارات.
كما يمثل ميناء جيبوتي، الذي يعد من أكبر مشاريع الصين في المنطقة، نقطة ارتكاز مهمة للصادرات والواردات الصينية.
الولايات المتحدة هي الأخرى، تركز على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال التعاون العسكري والمساعدات الاقتصادية.
إذ تسعى واشنطن إلى مواجهة النفوذ الصيني المتزايد عبر تقديم بدائل استثمارية وتشجيع الشركات الأمريكية على الاستثمار في المنطقة.
ثالث القوى المتنافسة على هذه المنطقة، تتمثل في الاتحاد الأوروبي، حيث يعتمد نهجاً شاملاً يشمل المساعدات التنموية والاستثمارات الاقتصادية.
ومن خلال برامج التعاون والشراكات الاقتصادية، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التنمية المستدامة والاستقرار في المنطقة، مستهدفاً بشكل خاص قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية.
تحديات الاستثمار
على الرغم من الإمكانيات الكبيرة، تواجه الاستثمارات في القرن الأفريقي، فإن هناك العديد من التحديات، تتمثل في النزاعات المسلحة، وعدم الاستقرار السياسي، حيث يشكلان عقبات رئيسية أمام تحقيق التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى ذلك، البنية التحتية الضعيفة، وغياب الأنظمة القانونية الفعالة يعوقان جذب الاستثمارات الأجنبية.
ويمثل تطوير البنية التحتية أحد المجالات الرئيسية لجذب الاستثمارات في القرن الأفريقي. بناء الطرق والموانئ وشبكات الكهرباء يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي.
وبالنظر إلى المعطيات الراهنة، فإن هناك قطاعين رئيسيين يمثلان مستقبل الاستثمار في هذه المنطقة.الأول: القطاع الزراعي: يتمتع القرن الأفريقي بإمكانات زراعية هائلة بفضل الأراضي الخصبة والمناخ المتنوع. يمكن للاستثمارات في التكنولوجيا الزراعية والتصنيع الزراعي أن تسهم في تحسين الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي.الثاني: التكنولوجيا والاتصالات
قطاع التكنولوجيا والاتصالات يشهد نمواً سريعاً في القرن الأفريقي. يمكن للاستثمارات في هذا القطاع أن تساهم في تحقيق التحول الرقمي، وتحسين الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.
بيت القصيد.. يتطلب النجاح في هذه المنطقة، تحقيق الاستقرار السياسي، وتحسين البنية التحتية، ما يعني ضرورة تعزيز فرص التعاون الدولي، وتعميق الشراكات الاقتصادية المستدامة، سيما وأن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المنطقة الاستراتيجية، تصب في مصلحة شعوبها والمجتمع الدولي بشكل عام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة