قوات بحرية للصومال.. تأمين لمصالح تركيا بالقرن الأفريقي أم صراع نفوذ؟
غداة إعلان وزارة الطاقة التركية، إرسال سفينة استكشاف قبالة سواحل الصومال، تستعد أنقرة لإرسال دعم من القوات البحرية إلى المياه الصومالية، مما طرح تساؤلات حول أهمية القرن الأفريقي لتركيا.
وقالت وكالة الأناضول التركية الرسمية، إن الرئيس رجب طيب أردوغان قدم اقتراحا إلى البرلمان في وقت متأخر من مساء الجمعة، يطلب فيه الحصول على إذن لنشر قوات من الجيش التركي في الصومال، بما يشمل المياه الإقليمية الصومالية.
جاءت هذه الخطوة، بعد يوم من إعلان وزارة الطاقة التركية، إرسال سفينة استكشاف قبالة سواحل الصومال، في وقت لاحق من هذا العام للتنقيب عن النفط والغاز ضمن اتفاق للتعاون في مجال الهيدروكربونات بين البلدين.
سياق الخطوة
كما تأتي بعد يومين، من توقيع تركيا والصومال، في إسطنبول، اتفاقية لاستكشاف وإنتاج الهيدروكربون، مما يشكل نقطة أخرى على طريق توثيق العلاقات الثنائية بين البلدين.
تم التوقيع على الاتفاقية من قبل وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار ووزير البترول والموارد المعدنية الصومالي عبدالرزاق عمر محمد في إسطنبول.
وتسعى تركيا إلى زيادة إنتاج حقل النفط في جابار جنوب شرق تركيا، إلى 100 ألف برميل يوميا في الحقل خلال الفترة المقبلة.
ونقلت قناة تي آر تي هابر التلفزيونية العامة عن أردوغان قوله: «إن احتياجات بلادنا تتزايد. احتياجات بلادنا تتجاوز ذلك بكثير. ولهذا السبب، وكما ذكرت من وقت لآخر، ستدخل تركيا في عملية أكثر نشاطا ليس فقط في مجال الاستكشاف على أراضيها وبحرها، لكن أيضا في استكشاف الغاز الطبيعي والنفط في مناطق جغرافية معينة وفي بلدان معينة، من خلال شراكات أو بمفردها، مع شركات النفط الوطنية وشركات الغاز الطبيعي».
وأضاف: نرى مثالاً على ذلك اليوم. نرى أن الاتفاق بين الوزارات الذي أبرمناه مع الصومال في هذه القاعة في 7 مارس/آذار 2024 أصبح أكثر واقعية اعتبارًا من اليوم.
ووقعت تركيا والصومال اتفاقا بشأن التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي البحري في وقت سابق من شهر مارس/آذار، وهو ما عزز العلاقات بينهما بعد الاتفاق على صفقة دفاعية هذا العام.
وقال وزير الطاقة التركي، في منشور على منصة «إكس» (تويتر سابقا): عقدنا اجتماعًا مع وزير البترول والموارد المعدنية الصومالي، عبد الرزاق عمر محمد، في إسطنبول. وفي أعقاب الاجتماع، وقعت مؤسسة البترول التركية (TPAO) وهيئة البترول الصومالية اتفاقية استكشاف وإنتاج الهيدروكربون بين تركيا والصومال.
وأضاف أنه «بموجب هذا الاتفاق، ستقوم شركة النفط التركية بأنشطة التنقيب في ثلاث مناطق مختلفة في المناطق البحرية الصومالية. وآمل أن يكون الاتفاق مفيدا لكلا البلدين».
وأعلن وزير الطاقة التركي، أن بلاده ستستكشف الغاز الطبيعي والنفط في ثلاث مناطق في البحر الصومالي، مشيرًا إلى أن سفينة الأبحاث الزلزالية «أوروج رئيس» ستتوجه إلى الصومال مع سفن الدعم في نهاية سبتمبر/أيلول أو بداية أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف: «سترافق السفينة رئيس خلال هذه العملية، خمس سفن دعم. وبالطبع سيكون من الصحيح أن نقول إن قواتنا البحرية ستنضم أيضًا إلى هذه السفن هنا. وفي هذه المناسبة، آمل أن يكون هذا الاتفاق الموقع مفيدًا لكلا البلدين».
الخطوة التركية تجاه الصومال، تأتي بعد أيام من أخرى باتجاه النيجر، والتي وقعت خلالها أنقرة ونيامي، مذكرات دفاع، واتفاقيات اقتصادية، في وضع أرجعه محللون في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، إلى صراع النفوذ، معتبرين المساعي التركية، محاولة لسد الفراغ الغربي في تلك البقعة.
فلماذا تتجه تركيا إلى القرن الأفريقي؟
يقول المجلس الأطلسي، إن وجود أنقرة في الصومال هو جزء من الدفع التركي نحو أفريقيا الذي بدأ في عام 1998، مشيرًا إلى أنه بحلول عام 2008، أُعلنت تركيا شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأفريقي وفتحت ما لا يقل عن اثنتي عشرة سفارة في جميع أنحاء القارة.
وبحسب المجلس الأطلسي، فإن لتركيا مصالح مختلفة في أفريقيا، بما في ذلك الدوافع الأيديولوجية والأولويات الاقتصادية والتجارية والرغبة في بناء الصناعات والقدرات الدفاعية الخاصة بأنقرة.
وأشار إلى أن تركيا تتمتع الآن بحضور كبير في المنطقة في مجالات المساعدات الإنسانية والتعاون العسكري؛ فاعتبارًا من عام 2022، وقع نحو ثلاثين دولة أفريقية اتفاقيات تعاون أمني مع تركيا، تضمنت 19 منها تدريب القوات.
ما أهمية القرن الأفريقي لتركيا؟
بحسب المجلس الأطلسي، فإن منطقة القرن الأفريقي تشكل أهمية بالغة للمصالح التركية بسبب موقعها الجغرافي ومواردها المعدنية الغنية وإمكانات التنمية فيها، مشيرًا إلى أن المنطقة شهدت تنافسًا متزايدًا بين القوى العظمى، بما في ذلك إيران وروسيا والصين والولايات المتحدة. ومنذ عام 2001، تم إنشاء ما لا يقل عن ثمانية عشر قاعدة عسكرية أجنبية في المنطقة، في المقام الأول لعمليات مكافحة الإرهاب والقرصنة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، طورت أنقرة شبكة معقدة من العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع المنطقة، بما في ذلك المشاركة في مهمة مكافحة القرصنة التي استمرت عقودًا قبالة القرن الأفريقي في إطار قوة المهام المشتركة 151 التابعة لحلف شمال الأطلسي، إضافة إلى بيع معدات عسكرية لدول بالمنطقة.
وفي عام 2017، دعا المسؤولون الجيبوتيون تركيا لإنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من مضيق باب المندب الحرج في محاولة لتعزيز حرية الملاحة والاستقرار الإقليمي. وفي 20 فبراير/شباط من هذا العام، وقعت جيبوتي وتركيا اتفاقية تعاون في مجال التدريب العسكري.
ولقد استثمرت تركيا، الحليف الوثيق للدولة الواقعة في القرن الأفريقي، في التعليم والبنية الأساسية والصحة في البلاد، كما قدمت لها مساعدات إنسانية واسعة النطاق.
وأصبحت تركيا حليفا وثيقا للحكومة الصومالية في السنوات القلية الماضية. وتبني أنقرة مدارس ومستشفيات وبنية تحتية في الصومال وتقدم منحا دراسية للصوماليين للدراسة في تركيا.
aXA6IDEzLjU4LjIwMS4yNDAg جزيرة ام اند امز