على الرغم من أن النيجر وبوركينا فاسو ومالي اختارت القيام بانقلاب كوسيلة لتغيير مستقبلها، فمن المهم أن نأخذ في الاعتبار أن أي حلّ في منطقة الساحل يجب أن يعالج، أو على الأقل يخفف، من مسألة التهديد الإرهابي.
وهذا من شأنه أن يضمن أمن المنطقة واستقرارها، وهو أمر ضروري لنجاح أي مبادرة تسعى إلى تحسين نوعية حياة المجتمعات المحلية.
ومن الضروري أن نفهم أن التهديد الإرهابي يمثّل مشكلة تتطلب التعاون الدولي والمساعدة الخارجية. وبما أن الجماعات الإرهابية هي منظمات عابرة للحدود، فلا يمكن مكافحتها إلّا من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون بين البلدان.
إن الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على أولئك الذين يساعدون الإرهابيين والمسؤولين عن تطرّف الشباب في المنطقة أمر ضروري للتصدّي بفعالية لهذا التهديد العالمي.
كما أن التنسيق والتعاون بين الدول أمر ضروري لمكافحة الإرهاب بشكل فعّال. لذلك، تظل الجهود المنعزلة التي تبذلها دولة واحدة أقل فعالية وقد تجتذب الانتقام من الجماعات الإرهابية.
وعليه، فإن التنسيق والتعاون بين الدول ضروريان لمكافحة هذا التهديد العالمي وضمان أمن المجتمعات في منطقة الساحل.
بالإضافة إلى خوض الحرب، فمن الضروري مواجهة الخطاب المتطرّف، وتحسين نوعية الحياة، وتعزيز الاستقرار على المدى الطويل، وكسب دعم السكان.
إن عدم الاستقرار لا يؤدي إلّا إلى تشجيع الأنشطة غير القانونية مثل الاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية والتهريب والتعدين غير القانوني.
وتعتبر هذه الأنشطة بمثابة تمويلٍ للإرهابيين، مما يؤكد كذلك على أهمية المعالجة الشاملة لهذا التهديد للأمن الإقليمي من خلال التعاون الواسع النطاق.
ومن الضروري أن نأخذ في الاعتبار أن عدم الاستقرار في منطقة الساحل عادة ما يسبقه ظهور جماعات قطّاع الطرق التي تحلّ محلها فيما بعد منظمات إرهابية.
ولذلك فإن المعركة ضد كِلا المجموعتين يجب أن تكون بنفس القدر من الشدّة.
باختصار، يتطلّب حلّ مشكلة الساحل رؤية عالمية شاملة. ورغم أن الإرهابيين قد يكونون من مواطني المنطقة، إلّا أن شبكات نشاطهم دولية، لذا من الضروري التصدّي لهم من خلال استراتيجية متكاملة وعالمية. من هنا تبدأ التعقيدات. وإذا حاولت دولة ما مواجهة التمرّد بمفردها، فإن الجماعات الإرهابية سوف تغيّر تكتيكاتها لجعل هزيمتها صعبة.
ويتعّين على بلدان الساحل أن تواجه صراعات مسلحة يوميّة، وعدم الاستقرار السياسي، والفقر، والجفاف، والتهديدات الإرهابية، ولهذا السبب يتعيّن عليها مكافحة التدخّل الأجنبي والجهات الفاعلة غير الحكومية لتعزيز مصالحها الوطنية.
وإذا تم تحليل المعطيات الخاصة بالمنطقة بعناية، فمن الواضح أنه لا يزال هناك مجال لتفاقم الوضع، وأن المنطقة قد تغرق في حالة من الفوضى الكاملة.
وفي حالة النيجر، فإنها تواجه معضلة معقّدة، أشبه بتلك التي تعاني منها بلدان أخرى في المنطقة.
ومن الضروري وضع التهديد الإرهابي في المقدمة وضمان سلامة السّكان قبل معالجة أي قضية أخرى. وغالباً ما تستغل الجماعات الإرهابية الفقر والخراب وعدم المساواة وانعدام الفرص الاقتصادية لتجنيد الأشخاص الضعفاء ودفعهم إلى التطرّف.
ومن الضروري أن نأخذ في الاعتبار أن حلّ النزاعات التي طال أمدها، واستعادة الاستقرار، هما عمليتان معقّدتان تتطلبان نهجاً شاملاً ومستداماً، والذي يشمل:
1. التدخّل العسكري والأمني للقضاء على الإرهابيين وإعادة السلام إلى المناطق المتضررة.
2. التنمية وإعادة الإعمار، مع التركيز على التقدّم الاقتصادي والبنية التحتية والتعليم والرّعاية الصحية.
3. الحكم الفعّال الذي يحارب الفساد ويعيد ثقة السّكان.
4. منع ومكافحة الجريمة المنظمة، وخاصة في مجال مكافحة الاتجار بالمخدرات والتهريب والأنشطة الإجرامية الأخرى.
5. التعاون الإقليمي والدولي، وهو أمر ضروري لمعالجة الصّراعات بشكل فعّال وتقديم الدعم المالي واللوجستي اللازم.
ومن المهم أن تفهم هذه الدول أن القيام بالانقلاب لا يعني عزل نفسها وعدم الحاجة إلى تعاون الدول المجاورة والمجتمع الدولي، ولهذا السبب يشكّل التعاون في الحالتين مفتاحاً أساسياً لحلّ الصّراعات بشكل فعّال
باختصار، يتطلّب حلّ مشكلة الساحل رؤية عالمية شاملة. ورغم أن الإرهابيين قد يكونون من مواطني المنطقة، إلّا أن شبكات نشاطهم دولية، لذا من الضروري التصدّي لهم من خلال استراتيجية متكاملة وعالمية. من هنا تبدأ التعقيدات. وإذا حاولت دولة ما مواجهة التمرّد بمفردها، فإن الجماعات الإرهابية سوف تغيّر تكتيكاتها لجعل هزيمتها صعبة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة