تفتح أحداث العنف المتصاعد في غزة الباب على مصراعيه لكثير من موجات العواطف الجياشة بعيداً عن العقل.
وإذا كنا نتحدث عن العواطف في إطار وقوف الإنسان مع أخيه الإنسان، فهذا أمر جيد لا يمكن رفضه، لكن حين يطل التطرف والتشدد برأسه مستغلاً ما يجري هنا تكمن المصيبة.
حماس أو القسام في المحصلة فصيل مسلح متعطش للسلطة، انقلب هذا الفصيل على السلطة قبل سنوات، وحكم قطاع غزة وأذل خصومه ومناوئيه، وفي الوقت نفسه قامت قيادة حماس بما يسمى ربط نزاع مع تل أبيب، كانت الأموال تدخل بالحقائب إلى القطاع، وكان قادة الحركة يتمتعون بالهدوء النسبي ويمارسون هامشاً لا يستهان به من العلاقة غير المباشرة مع إسرائيل.
إيران في النهاية استثمرت كثيراً في الانقسام بدلاً من دعم سرايا القدس أو كتائب القسام، قالت طهران في أكثر من مناسبة: قرار غزة بيدي، ويمكن لي صناعة ما يعجز الآخرون عن تخيله، وبالفعل أضر كل هذا بالقضية الفلسطينية.
إدارة الصراع و ليس إنهاءه، والمتاجرة بالإنسان بدلاً من نصرته، هذا ديدن إيران ومليشياتها، قواعد اشتباك عسكرية مرسومة بالسنتيمتر بين حزب الله وإسرائيل، بل وتبادل المعلومات أحياناً بحسب معاريف الإسرائيلية عبر قوات اليونيفيل في جنوب لبنان.
والحوثيون الانقلابيون يفرضون أنفسهم على المشهد بقرصنة بحرية لسفينة تجارية مدنية، من خلال مشهد عبثي، بالغ الخطورة والتعقيد، بعض الناس تهلل وتكبر، وقنوات إعلامية تسمي الحوثي الإرهابي بالقوات المسلحة اليمنية، أي مستنقع آسن وقع به البعض للأسف.
وفي العراق لا يخفى على العقلاء حجم الشعارات والعنتريات والمزايدات من قبل المليشيات وأتباع المليشيات، وسرقات موصوفة ونهب موسع لأموال العراق على مرأى ومسمع من الجميع باسم فلسطين وتحرير القدس.
ولا خلاف على أن إسرائيل معتدية وما تقوم به جريمة حرب، لكن المليشيات لن تحرر المقدسات بالمقابل، وإيران ومليشياتها كذلك متورطون بقتل آلاف العرب والمسلمين في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وحالة التزييف الحالي للحقيقة على حساب تلميع المليشيات لن تنطلي على العقلاء والمنصفين.
الوقوف مع مدنيي غزة شيء والتأييد الأعمى لأفعال حماس بصفتها فصيل مسلح يتبع الحرس الثوري الإيراني أمر آخر، ولا يتوفر للشخص السوي من المعطيات المنطقية إلا القول: حماس قدمت الكثير من الخدمات لمن أضروا بقضية فلسطين على مدى سنين.
ونصيحة لكل متابع لما يجري: قف مع بلدكَ وعلّم ولدك إياك والشعارات والعنتريات واتباع خطوات المليشيات، فلدينا على الأقل نموذجان عربيان ناجحان هما السعودية والإمارات، بل ملهمان في مجال مكافحة الفيروسات المتطرفة المتشددة، ويتوجب أن نحث الجميع على العمل من أجل العيش الكريم والمنعم، لا انتظار خطابات نصرالله والحوثي والملثم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة