بعد قرار الفائدة.. هل تعيد الاستثمارات الأجنبية حساباتها في مصر؟
يبدو أن هناك جوانب إيجابية كبيرة لحزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية مع البنك المركزي لمساندة السوق بطريقة غير مباشرة.
في اليوم الذي أعلن فيه البنك المركزي، عن رفع أسعار الفائدة عقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، اجتماعا لمتابعة جهود "صندوق مصر السيادي" في جذب الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وذلك بحضور الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ومحمد أبا زيد، المستشار القانوني لوزيرة التخطيط، وأيمن سليمان، المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي.
وخلال الاجتماع، أعلنت الدكتورة هالة السعيد أن صندوق مصر السيادي نجح في جذب وتوجيه استثمارات أجنبية كبيرة الحجم بالشراكة مع مستثمرين استراتيجيين من القطاع الخاص لمصر، بقيمة استثمارات تقدر بأكثر من ملياري دولار أمريكي في المرحلة الأولى، بصورة مباشرة ومن خلال البورصة المصرية، وسيتم الإعلان عن تفاصيل تلك الاستثمارات خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
تعزيز التنمية الاقتصادية
وأضافت الوزيرة: "ستسهم تلك الصفقات الاستثمارية في تعزيز التنمية الاقتصادية للبلاد، وترسيخ وضع مصر كإحدى الوجهات الاستثمارية الرائدة في العالم، ومع النمو الاقتصادي الذي تشهده مصر، والتزامها نحو تحقيق التنمية المستدامة الشاملة من خلال رؤيتها طويلة المدى (رؤية مصر 2030)، سيتم تنفيذ المزيد من الشراكات والصفقات الاستثمارية المماثلة".
وأضافت أن ذلك يأتي في إطار جهود الدولة نحو جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في مصر، وجهود صندوق مصر السيادي المستمرة في تحقيق أحد أهدافه الرئيسية المتمثلة في جذب الاستثمارات الخاصة إلى مصر في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وفور خفض البلاد قيمة عملتها بحوالي 14%، والإعلان عن زيادة مفاجئة في أسعار الفائدة، ارتفعت السندات الحكومية المصرية المقومة بالدولار.
تعافي السندات الدولارية
وواصلت السندات الدولارية التعافي من موجة بيع، بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية في وقت سابق هذا الشهر.
وأظهرت بيانات "تريدويب" أن أحد السندات الحكومية المستحقة السداد في 2040 ارتفع 1.3 سنت إلى 77.7. وكان السند قد هبط دون 64 سنتاً للدولار في السابع من مارس/آذار الجاري، وجرى تداوله يوم الإثنين عند أعلى مستوى منذ أول مارس/آذار الجاري. وكان أنهى العام الماضي عند 84.25 سنت.
واعتبر محللون أن تعديلاً لقيمة العملة يعتبر خطوة أساسية لكي تحصل القاهرة على برنامج دعم جديد من صندوق النقد الدولي.
الجنيه يشهد "تصحيحاً"
وأوضح محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر خلال مؤتمر صحفي أن الجنيه شهد "تصحيحاً" يعكس التطورات العالمية والمحلية.
وقال إنه سيجعل الصادرات أكثر تنافسية وسيساعد في الحفاظ على سيولة النقد الأجنبي.
وجاء التحرك نحو خفض قيمة العملة المحلية مصحوباً بزيادة قدرها 100 نقطة أساس في أسعار الفائدة القياسية للبنك المركزي، رفعت سعر الإقراض لليلة واحدة إلى 10.25%، وسعر الإيداع لليلة واحدة إلى 9.25%.
وحذّر محللون من أن زيادات كبيرة في أسعار الطاقة والغذاء واحتمال هبوط حاد في أعداد السياح الروس والأوكرانيين هذا العام سيزيدان الضغوط على مالية مصر العام الحالي.
وفي مطلع العام الحالي توقع صندوق النقد ارتفاع صافي التدفقات الخارجية محلياً إلى 8.6 مليار دولار في العام المالي الحالي مقابل 5.4 مليار للماضي.
تأثرت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة للأسواق العالمية في العامين الماضيين نتيجة جائحة كورونا الأمر الذى يؤثر بالطبع على السوق المحلية.
ورغم عدم وجود إحصائيات حديثة بشأن حجم التدفقات في العام الماضي أو توقعات العام الجاري؛ يشير آخر التقارير الذي أصدرته منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة "أونكتاد" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى أن النصف الأول من العام الماضي شهد انتعاشا أقوى من المتوقع في الاستثمارات عالميا إلى ما يقدر بنحو 852 مليار دولار بعد تراجعها الكبير في عام 2020.
رفع الفائدة يجذب مزيدا من الاستثمارات
وتوقع عدد من الخبراء الاقتصاديين أن رفع سعر الفائدة يجذب مزيدا من الاستثمارات الأجنبية لمصر.
وقال الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، في مداخلة بإحدى القنوات المحلية أمس الإثنين، إن الدولة المصرية قدمت حزمة متعدة من الدعم للقطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال الإجراءات المتخذة مؤخرا، متابعا: "تغيرات السياسة النقدية تحافظ على الإصلاح الاقتصادي الذي تقوم به الدولة المصرية، لمواكبة الأسواق العالمية".
وتابع الدكتور مصطفى بدرة: "هناك تغيرات في سعر الصرف لتلبية احتياجات السوق وحركة الاستيراد، وبالتالي هناك احتياجات أكبر للدولار لمواكبة الحركة العالمية في الخارج وتدبير احتياجاتك كمستورد وتاجر، لاسيما بعد ارتفاع سعر الفائدة في العالم، وهذا ما يؤثر على خروج الدولار من السوق المصري إلى الأسواق الأخرى، لذلك كان لابد من تحريك سعر الفائدة لدى الدولة".
وأشار إلى أهمية القرارات الاقتصادية المصرية الأخيرة، لزيادة الاستثمارات، وقد انعكس ذلك على انتعاش البورصة اليوم، مبينا: "رفع سعر الفائدة يغري المستثمر الأجنبي والمحلي، والذين يغيروا الدولار إلى جنيه مصري للدخول في عمليات شراء، لذلك هناك أهمية كبيرة في حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مع البنك المركزي لمساندة للسوق بطريقة غير مباشرة".
كانت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، قالت – في تصريحات سابقة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- إن مصر احتلت المرتبة الثانية بين أكثر الوجهات العربية جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2020 وأكبر متلقى للاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا في عام 2020 إذ استحوذت التدفقات الواردة إلى البلاد على 15٪ من إجمالي 39.8 مليار دولار قادمة إلى القارة.
وأكدت وزيرة التخطيط أن مصر تلقت 5.9 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2020 بما مثل 14.5٪ من 40.5 مليار دولار تم استثمارها في المنطقة في ذلك العام، وفقًا لتقرير مناخ الاستثمار الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، مضيفةً أن مصر جاءت في المرتبة الثانية لتتلقى 19.9 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مدار العام.
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OSA= جزيرة ام اند امز