بالصور.. أجاثا كريستي ودور مجهول في حفظ آثار العراق
في تقرير مطول مصحوب بمجموعة من الصور لآثار العراق المهيبة، كشفت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية جانبا من حديث من حياة أجاثا كريسي.
في تقرير مطول مصحوب بمجموعة من الصور لآثار العراق المهيبة، كشفت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية جانبا من حديث من حياة أجاثا كريستي ملكة روايات الجريمة والغموض بلا منازع، مسلطة الضوء على عشقها للآثار ودرايتها بعمليات التنقيب والحفاظ على الأثر حتى أنها كانت تقوم بتنظيفه مستخدمة بعضا من الكريمات المرطبة الخاصة بها.
لم تكن رحلات أجاثا كريستي إلي العراق بالجديد، فقد جسدت رواياتها عن مصر والشرق جزءاً من التاريخ الإنساني، فيمكن للقراء أن يرى في أعمال المبدعة البريطانية شكل الحياة وطبيعتها في أحضان الشرق خلال الثلاينيات في مصر والخمسينات في العراق حين ذهبت إلي البلاد التي تحتضن دجلة والفرات بصحبة زوجها الثاني عالم الآثار ماكس مالون، وهنا تكشف "اسوشييتد برس" الأمريكية عن قصة الحب والعلاقة العاطفية الراقية التي ربطت أجاثا بزوجها الأثرى حتى أنها كانت تهجر عالم الكتابة والأدب في سبيل أن ترافقه في رحلاته المرهقة إلى الشرق.
وكشفت الوكالة الأمريكية النقاب لأول مرة عن الدور المجهول لملكة روايات الجريمة في الحفاظ على موقع آثار الحضارة الأشورية في النمرود، مشيرة إلى عشق أجاثا للمواقع الأثرية في العراق، خاصة تلك الموجودة في محافظة نينوى، وكان حبَّا من اللقاء الأول حين زارتها فى الخمسينيات من القرن الماضي بصحبة زوجها مالون، في رحلاته للتنقيب عن الآثار في العراق، حيث كانت أجاثا تقوم بما تقوم به كل زوجة محبة، فتساعد زوجها في التقاط الصور الوثائقية للموقع أثناء التنقيب، وتعلمت كيفية تنظيف وجمع أجزاء القطع الأثرية التي يتم العثور عليها.
وأوضحت "أسوشييتد برس" أن المبدعة البريطانية كانت تستعين بمرهم ترطيب البشرة الذي تحمله معها في تنظيف قطع الآثار العاجية التي يتم العثور عليها في العراق، وكذلك التقاط صور فوتوغرافية موثقة عملية التنقيب في الموقع بشريط أفلام "كوداك"، وتحميض الفيلم بمهارة، بعد أخذ كمية من مياه نهر دجلة المجاور وتصفيتها لإظهار الصور.. وأضافت الوكالة الأمريكية أن ماكس مالون، كان عالماً آثارياً محترماً في مجال عمله، وهو من عزز لدي أجاثا ولعها بالشرق حيث اعتادت أن تترك مهنتها جانباً لعدة أشهر سنوياً لمصاحبته في عمله الميداني، مشيرة إلى أن ملكة الروايات البوليسية كانت في الستينيات من عمرها خلال هذه الزيارات ولكنها تحملت مشاق الرحلة مع الصحراء وصعوبة الحياة المختلفة عما اعتادته في حياتها بانجلترا من أجل حبها لزوجها وعشقها لآثار "النمرود" التي وثقتها بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التقطتها بنفسها.
وفي استرسال للمزيد من أحداث الرحلات التنقيبية، نقلت "أسوشييتد برس" عن ماثيو بريجارد حفيد أجاثا كريستي قوله إن جدته كانت تذهب في شتاء كل عام مع زوجها مالوان إلى العراق، وفي بعض الأحيان إلى سوريا، لتفقد المواقع الأثرية ليعودان خلال شهري مايو ويونيو إلى انجلترا، موضحا أنها كانت مولعة بتفقد المواقع الأثرية كولعها بكتابة القصص. وأضاف الحفيد أن حب كريستي للآثار وعمليات التنقيب أنعكس في بعض رواياتها التي تعود أحداثها في الشرق الأوسط مثل رواية جريمة في بلاد الرافدين، وموت في النيل.
وأشار الحفيد خلال حديثة للوكالة الأمريكية إلى كتاب أجاثا كريستي الوثائقي "أخبرني كيف تعيش"، الذي يحكي سلسلة عمليات التنقيب الأثرية في سوريا خلال فترة الأربعينات من القرن الماضي، والذي يكشف عن حب ملكة روايات الجريمة إلى المغامرة والسفر إلى مواقع الحضارات القديمة، حتى أنها كتبت في خاتمة الكتاب الصادر الذي صدر عام 1944 "إن شاء الله سأذهب إلى هناك مرة أخرى.. إن الأشياء التي أحبها لن تنمحي من هذه الأرض ."
وأوضح حفيد كريستي، أن من "أهم القطع الأثرية التي عثر عليها الآثاري مالون في موقع نمرود، هي سلسلة من القطع العاجية منها وجه امرأة أطلق عليها اسم "موناليزا النمرود" الذي تم استخراجه بصعوبة من بئر طيني.. وفي هذا الصدد نقلت"أسوشييد برس" عن عالمة الآثار البريطانية جورجينا هيرمان، التي عملت مع مالون، في تنقيبات موقع نمرود، قولها: "قضت أجاثا كريستي ساعات وهي تحاول تجفيف وتنظيف "موناليزا النمرود" باستعمال كريم ترطيب الوجه الذي كانت تحمله معها"، مشيرة إلى أن بعض "القطع عثر عليها وهي محطمة وكانت كريستي تقضي وقتاً ممتعاً في محاولة ترميمها وإرجاع كل قطعة منها إلى محلها. وأضافت هيرمان أن أجاثا كريستي كانت مولعة بحل الألغاز والكلمات المتقاطعة، وكانت تعمل على جمع كل الأجزاء المحطمة من القطع الأثرية التي يصل عددها بالمئات، محاولة تجميعها الواحدة مع الأخرى وإعادتها إلى مكانها لتعود القطعة الأثرية كما كانت.
واختتمت الوكالة الأمريكية تقريرها باستنكار وغضب حفيد كريستي تجاه ما يحدث فى سوريا والعراق الآن قائلا: "لو كان مالون الذي علمه مبادئ الحروف السومرية عندما كنت صبيا أو أجاثا كريستي التى وثقت لآثار نينوي شاهدا ما تفعله "داعش" بهذا التاريخ الإنساني لماتا كمدا وحزنا على إرث فشل العالم في حمايته".