«كل وظائف البشر ستختفي».. رائد في الذكاء الاصطناعي يحذر من نهاية مخيفة
من الكتابة والتحليل إلى السباكة
تقنيات الذكاء الاصطناعي المتنامية ستقود لا محالة إلى نهاية حتمية هي اختفاء كل وظائف البشر: المكتبية والحرفية وغيرها!
التحذير هذه المرة، وفقا لتقرير نشرته مجلة فورتيون، يأتي من أحد أبرز العقول التي ساهمت في بناء هذه الثورة التكنولوجية. وهو يوشوا بنجيو، العالم الذي لعب دورًا محوريًا في تطوير أسس الذكاء الاصطناعي الحديث، والذي يرى أن العالم يقترب من لحظة فاصلة قد تختفي فيها جميع الوظائف البشرية تقريبًا، وليس فقط تلك المرتبطة بالمكاتب أو الشاشات.
ووفق رؤية بنجيو، فإن أي شخص يعتمد في عمله على الحاسوب أو الأجهزة الرقمية بات مهددًا بشكل مباشر. فالأنظمة الذكية تتقدم بوتيرة تجعلها قادرة على أداء مهام معقدة كانت حكرًا على البشر، بدءًا من التحليل والكتابة واتخاذ القرار، وصولًا إلى البرمجة والإدارة. وهذا التقدم لا يقتصر على أتمتة المهام الروتينية، بل يمتد إلى الأعمال المعرفية والإبداعية التي طالما اعتُبرت عصية على الآلة.
لا وظائف محصنة
لكن التحذير لا يتوقف عند حدود الوظائف المكتبية. فحتى المهن الحِرَفية التي يُنظر إليها تقليديًا بوصفها “آمنة”، مثل السباكة أو الكهرباء أو أعمال الصيانة، لم تعد بمنأى عن هذا التحول. فالتطور في الروبوتات والأنظمة الذكية المدمجة يجعل من الممكن، في نظر بنجيو، أن تحل الآلة محل الإنسان في تنفيذ مهام يدوية بدقة وكفاءة أعلى، ومع تكلفة أقل على المدى الطويل.
وهذا التصور يضع العالم أمام سؤال جوهري: ماذا سيحدث للمجتمعات عندما تصبح الوظائف نادرة أو غير ضرورية؟ وفي حين أن بنجيو لا يقدّم إجابة سهلة، لكنه يشير إلى أن المشكلة ليست تقنية بقدر ما هي سياسية واجتماعية. فالتكنولوجيا، من وجهة نظره، أداة محايدة، لكن طريقة توظيفها وتوزيع ثمارها هي ما سيحدد ما إذا كانت ستقود إلى ازدهار جماعي أو إلى اتساع فجوة عدم المساواة.
صدمات اجتماعية واقتصادية عميقة
ويحذّر العالم الكندي من أن تجاهل هذه التحولات قد يؤدي إلى صدمات اجتماعية واقتصادية عميقة. فاختفاء الوظائف لا يعني فقط فقدان الدخل، بل يطال أيضًا معنى العمل ذاته ودوره في تشكيل هوية الأفراد واستقرار المجتمعات. ولذلك يدعو إلى التفكير مبكرًا في نماذج بديلة، مثل إعادة توزيع الثروة، أو تقليص ساعات العمل، أو توفير دخل أساسي يضمن الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
في المقابل، لا يخلو حديث بنجيو من قدر من التحذير الأخلاقي. فهو يؤكد أن السباق المحموم لتطوير أنظمة أكثر ذكاءً يجب أن يرافقه نقاش جاد حول الحدود والمسؤوليات. فالعالم، برأيه، يقف أمام قوة غير مسبوقة، وإذا لم تُحكم بضوابط واضحة، فقد تتجاوز قدرة البشر على السيطرة عليها.
وبينما يرى البعض في الذكاء الاصطناعي فرصة تاريخية لتحرير الإنسان من الأعمال الشاقة، يذكّر بنجيو بأن هذا التحرير قد يتحول إلى عبء إذا لم تُعاد صياغة العقد الاجتماعي بما يتناسب مع عصر الآلة الذكية. فالمستقبل، كما يراه، لا يتحدد بما تستطيع التكنولوجيا فعله، بل بما يختاره البشر لأنفسهم في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.