في خطوة جريئة تهدف إلى تقويض الاقتصاد الحوثي وتعزيز قوة الحكومة اليمنية، اتخذ البنك المركزي قراراً استراتيجياً يهدف إلى استنزاف رصيد الجماعة الحوثية من العملات الأجنبية.
جاء ذلك من خلال تجنب التعامل بالأوراق النقدية الملغاة، حيث يسعى البنك المركزي إلى تفادي العقوبات المحتملة المرتبطة بالتعامل مع جماعة متمردة ومصنفة إرهابية، مما يضيف ضغطاً كبيراً على الحوثيين.
هذه القرارات تأتي كجزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تضييق الخناق على الشبكة المالية الحوثية وتقليص قدرتها على الحصول على الأسلحة وتنفيذ الأعمال الإرهابية.
إنها ليست مجرد قرارات مالية، بل هي تحركات سياسية تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي في الجنوب وتعزيز موقف الحكومة التفاوضي.
التحركات الاقتصادية ذات الطابع السياسي هذه، يمكن أن تُحدث تحولات جذرية في التوازنات القائمة حالياً.
تجنب البنك المركزي التعامل بالأوراق النقدية الملغاة بهدف تفادي العقوبات المحتملة المرتبطة بالتعامل مع جماعة متمردة ومصنفة إرهابية. هذا القرار يعزز الضغط على الحوثيين بتقييد وصولهم إلى العملات الأجنبية الضرورية لتمويل أنشطتهم.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه الاستراتيجية إلى تضييق الخناق على الشبكة المالية للحوثيين، مما قد يجبرهم على تقديم تنازلات سياسية واقتصادية.
يعتقد الحوثيون أنهم قد عززوا نفوذهم واتخذوا احتياطات لمواجهة كل الاحتمالات على مر السنوات الماضية.
ويظنون أن نقل مقرات البنوك إلى عدن لن يؤثر على نفوذهم، بل قد يعفيهم من الالتزام بتسديد حسابات مجمدة ونهبها من استثمارات تلك البنوك في أذون الخزانة في البنك المركزي بصنعاء. لكن هذه الثقة قد تكون وهمية في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة.
منع الجماعة الحوثية التعامل مع 13 مصرفاً تعمل في مناطق الجنوب يمثل تحدياً كبيراً. أما خيار التصعيد العسكري الحوثي فسيواجه صعوبات وتعقيدات كبيرة، خصوصاً في الوقت الراهن.
التحركات الأخيرة تعكس تصميم الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بفاعلية وكفاءة. يمكن لهذه الإجراءات أن تؤدي إلى تصاعد التوترات، ولكنها أيضاً تفتح الباب أمام فرص جديدة لتحقيق استقرار طويل الأمد.
الهدف الأساسي للبنك المركزي حالياً هو إجبار الحوثيين على تقديم تنازلات، مثل السماح بتصدير النفط والغاز، وإلغاء قانون منع التعاملات الربوية، والإفراج عن أرصدة البنوك المحتجزة، وإيقاف استيلائهم على ممتلكات وأموال المعارضين السياسيين المقيمين في الخارج.
ولتحقيق هذه الأهداف، ينبغي على البنك المركزي اتخاذ إجراءات تصعيدية متواصلة ووقائية، والعمل وفق استراتيجية شاملة لتحسين الوضع الاقتصادي في الجنوب وتضييق الخناق على الحوثيين.
جدير بالذكر أن السعودية ودولة الإمارات والولايات المتحدة تدعم قرارات المجلس الانتقالي الجنوبي ومجلس الرئاسة مالياً وسياسياً بشكل واضح وصريح.
هذا الدعم الدولي يعزز من قدرة الحكومة اليمنية على تنفيذ استراتيجيتها بنجاح ويزيد من الضغط على الحوثيين لتقديم تنازلات.
إن الدعم المالي والسياسي الدولي يمثل عنصراً حاسماً في تحقيق الاستقرار المطلوب في الجنوب العربي، ويعطي زخماً إضافياً للتحركات المحلية.
المصداقية الآن على المحك، ويجب أن يستمر الضغط الشعبي والسياسي من المجلس الانتقالي على الحكومة والبنك المركزي لتحقيق الأهداف المرجوة.
إنها لحظة حاسمة تتطلب تحركات جريئة وتصميماً لا يلين لتحقيق الاستقرار والنمو في اليمن. في هذه المرحلة، يبقى السؤال: هل ستنجح هذه الاستراتيجية في تحقيق التوازن المنشود وتحقيق الاستقرار في الجنوب؟ الأمر يعتمد على تنفيذ القرارات بفاعلية ومواصلة الضغط لتحقيق التغيير.
من المهم هنا أن نذكر أن الخطأ الحقيقي حدث عند الانقلاب على خالد بحاح في 2016 وتصعيد أحمد بن دغر وعلي محسن الأحمر الإخواني.
وإصدار قرار خاطئ بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن دون نقل الأصول المالية، لأن القرار كان صورياً وعبثياً، مما مكن الحوثيين من السيطرة على إيرادات الدولة والنظام المصرفي منذ انقلابهم على السلطة في سبتمبر/أيلول 2014. هذا الخطأ الاستراتيجي ساهم بشكل كبير في تقوية الحوثيين وزيادة نفوذهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة