ذكرى فبراير تلفظ المشري.. الإخوان خارج حسابات ليبيا
خسائر متتالية يتكبدها إخوان ليبيا؛ التنظيم الذي آثر البحث عن المكاسب متخذا من حالة الوهن والضعف في الدول مائدة يقتات عليها.
ذلك التنظيم الإخواني الذي لفظه مواطنو المغرب العربي، وجد من الحالة الليبية حصنًا أخيرًا يتخذه درعًا وسيفًا، في محاولة للملمة شتاته، إلا أن الليبيين لفظوه بعد أن ذاقوا مرارة أفعاله في نهاية تماهت مع مآلاته في البلدان المجاورة؛ كان آخرها طرد رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" الإخواني خالد المشري من احتفالات ذكرى 17 فبراير بمدينة الزاوية.
ورغم أن طرد المشري من تلك الاحتفالات كان دليلا على انحسار التنظيم، إلا أنه في الحالة الليبية له دلالات أخرى متعددة وتبعات جمة نظرًا للمشهد المعقد في البلد الأفريقي.
وبحسب محللين ليبيين استطلعت "العين الإخبارية"، آراءهم، فإن طرد ممثل التنظيم الإخواني المتطلع للاستمرار في المشهد السياسي، ناتج عن حسابات سياسية و"تعارض مصالح" بين جناحين للتنظيم؛ أحدهما يعارض تكليف فتحي باشاغا رئيسًا للحكومة، فيما الآخر يؤيد بقاء عبدالحميد الدبيبة رئيسًا وعدم تغييره.
تنظيم هش
المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، يرى أن تنظيم الإخوان في ليبيا يعد مولودًا وافدًا من الخارج، مشيرًا إلى أنه ليس له جذور وحضور في المجتمع الليبي المحافظ بطبعه، مما يجعله هشًا دون قواعد شعبية قوية.
ويقول المرعاش إن "التنظيم الإخواني في ليبيا لا يستطيع الحياة دون الاعتماد على دعم التنظيم العالمي المسيطر عليه"، لافتا إلى أن طرد خالد المشري من احتفالات الذكرى 11 لأحداث فبراير/ شباط 2011، يأتي في إطار ضعف التنظيم.
ورغم أن من طرد خالد المشري من الاحتفالات هم عناصر تنتمي لتيار مفتي الإرهاب في ليبيا الصادق الغرياني، والذين يحتجون على ما وصفوه بـ"تنازلات" من المشري للبرلمان، في إشارة إلى توافقه المحدود مع البرلمان، إلا أنه يأتي في إطار ضعف التنظيم، بحسب المرعاش.
وحول تراجع تنظيم الإخوان وانقلابه على تكليف باشاغا رئيسًا للحكومة، قال الخبير الليبي إن حالة الغموض التي تتحكم في تصريحات المشري، تارة بإعلان التراجع عن تأييد تكليف البرلمان باشاغا بتشكيل حكومة استقرار جديدة، وأخرى بالتأكيد على التوافق مع البرلمان، هي انعكاس مباشر لحالة التفكك التي يعيشها ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة"، وحالة الضعف المطبقة على التنظيم.
حصاد مشاركة ليبيا.. هل ربح المنفي من القمة الأفريقية الأوروبية؟
وأوضح أن المشري يناور حتى يعرف الكفة الرابحة في الصراع بين الدبيبة وباشاغا، قبل أن ينحاز للقوة الأكثر تأثيرًا، والتي ستتسلم السلطة، مؤكدًا أن التنظيم الإخواني والذي لا تحكمه أي مبادئ أخلاقية، سينخرط في أي حالة عنف أو حرب تؤمن له إما تقاسم السلطة أو الاستحواذ عليها.
أما عن آليات ردع التنظيم وتحييد خطره بليبيا، فدعا المحلل الليبي إلى "طرد عناصره التي زرعها في مفاصل الدولة الليبية منذ 2011، مستغلا حالة ضعف الحكومات المتعاقبة وتسامح الشعب الليبي مع من يظهر الورع والتقوى ويطلق اللحية"، متوقعًا أن تقدم الحكومة القادمة على خطوة تنظيف دولاب الدولة من عناصره المتغولة في المؤسسات المالية والإدارية، وتفكيك بعض الميليشيات العسكرية الموالية للتنظيم.
قبل أيام من الإعلان عن تشكيلة باشاغا.. الاستقالات تطارد حكومة الدبيبة
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي محمد يسري، إن طرد المشري لا يعد دليلا على اندثار تنظيم الإخوان في ليبيا، إلا أن ما حدث عبارة عن حسابات سياسية وتعارض لمصالح مجموعات وتكتلات سياسية.
واعتبر المحلل الليبي أن ما وصفه بـ"تماشي" المشري كرئيس للمجلس الأعلى للدولة مع المعطيات الحالية والتي تقود إلى تولي باشاغا رئيسًا للحكومة وتنحية عبد الحميدالدبيبة، دفع أنصار الأخير للمطالبة بطرده فور رؤيته في الاحتفالات.
خديعة إخوانية
إلا أن انقلاب المشري على تكليف باشاغا يعد محاولة لاستمراره في المشهد وحتى يظهر للمجتمع الدولي أن التنظيم غير معرقل للعملية السياسية، وإنما يعترض على تفاصيل قانونية فقط، بحسب يسري الذي قال إن توافق المشري الأولي مع مجلس النواب كان بهدف إظهار أن لمجلسه أهمية في صناعة السلام والاستقرار في البلاد.
بعد اتهامات "الدبيبة".. رسائل دعم غربية للمبعوثة الأممية بليبيا
ورغم أن الخبير توقع أن يلجأ تنظيم الإخوان للعنف حال فشل تمرير سيناريوهاته، إلا أنه قال إن الصراع المسلح لن يحدث إلا في مناطق ضيقة جدا من المنطقة الغربية؛ لأن الملف الأمني والعسكري أصبح أكثر تنظيما وترتيبا، فضلا عن المجتمع الدولي بات يراقب.
طرح لا يؤيده المحلل الليبي مختار الجدال، والذي يتبنى رؤية مختلفة بعض الشيء، معتبرا أن من قام بطرد المشري هم جماعة "تنظيم القاعدة" أو ما يعرف في الزاوية بـ"أتباع شعبان هدية ومحمود بن رجب"، والذين يرفضون أي حلول أو تقارب في ليبيا، ويستخدمون عدة فزاعات أهمها الانقلاب على "ثورة فبراير".
وأشار إلى أن تلك الفئة ترفض أي حل سياسي لا يبقيها في المشهد أو ضد سلطتها، وقد تلجأ للتصعيد العسكري كـ"فزاعة" لتحريض الشباب وجمعهم على ذرائع ستؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهات بمدينة الزاوية.
تلك الانقسامات في المشهد السياسي الليبي يستفيد منها تنظيم الإخوان الليبي كعادته، بحسب المحلل الذي قال إن التنظيم يعمل على تقسيم نفسه على طرفي الصراع السياسي، في محاولة لحصد مكاسب من أي من الأطراف الرابحة.
ولفت إلى وجود تيارين في تنظيم الإخوان؛ أحدهما متشدد يدعم الإبقاء على حكومة الدبيبة وآخر يظهر نفسه أنه مع دعم الاستقرار والتقارب واختيار باشاغا، متوقعًا أن يؤدي ذلك إلى انقسام حاد بين الطرفين.
aXA6IDMuMTUuMTg2Ljc4IA==
جزيرة ام اند امز