4 أسباب ترعب إخوان الجزائر من تعديل الدستور.. "يكتب نهايتهم"
الدستور المعروض على الشعب "يبخر أحلامهم" في الوصول إلى السلطة، بعد عقود من الاستفادة من امتيازات ما يعرف بـ"نظام المحاصصة السري"
خشية من نتائجه التي تكتب نهايتهم وكنوع من الابتزاز السياسي، قررت ما تعرف بحركة "مجتمع السلم" الإخوانية بالجزائر الاعتراض على الدستور خلال الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأصدرت الحركة الإخوانية، بياناً مقتضباً، أعلنت فيه قرار التصويت بـ"لا" على مشروع التعديل الدستوري، من دون أن تقدم توضيحات عن أسباب قرارها، بعد أيام من مقاطعتها جلسة مناقشة التعديل في البرلمان.
قرار يُجمع مراقبون على أنه لم يكن مفاجئاً عن تيار إخواني امتهن "مسك العصا من منتصفها" خصوصاً في المواعيد الانتخابية والمسائل المصيرية، معترضاً تارة على نزاهة الانتخابات وأول المهرولين للمشاركة فيها.
أو التعامل مع نتائجها تارة أخرى عندما سارع حينها رئيسها الإخواني عبد الرزاق مقري للقاء الرئيس عبدالمجيد تبون "مغازلاً ومتملقاً" رغم تشكيكه في "جدوى الانتخابات الرئاسية" خلال الأزمة السياسية التي مرت بها الجزائر العام الماضي.
وأكد موقف الحركة الإخوانية المعروفة اختصاراً بـ"حمس" ما انفردت به "العين الإخبارية" في تقارير سابقة، إذ أشار خبراء ومحللون سياسيون إلى أن الدستور المعروض على الشعب "يبخر أحلامهم" في الوصول إلى السلطة، بعد عقود من الاستفادة من امتيازات ما يعرف بـ"نظام المحاصصة السري" المعتمد على توازنات سياسية معينة.
وهو النظام الذي أقرت به الرئاسة الجزائرية للمرة الأولى، وأعلنت اعتزامها إنهاء العمل بنظام "الكوتة" الذي منح لجماعة الإخوان الانتهازيين في المجالس المنتخبة "وزناً سياسياً يفوق قاعدتهم الشعبية"، وعدته "أحد أنواع الفساد السياسي" المستشري في البلاد.
وفشلت كل طبخات وخلطات جماعة الإخوان للوصول إلى الحكم، وبقي "قصر المرادية" الرئاسية عقدة ملازمة لهم منذ ظهورهم على المشهد السياسي قبل 3 عقود، كان آخرها فشل محاولاتهم تسلق الحراك الشعبي وركوب مطالبه.
4 أسباب خفية
وأشار خبراء ومراقبون إلى الأسباب الخفية التي دفعت "حمس" الإخوانية لإفشال مشروع التعديل الدستوري باعتباره أول خطوة في الإصلاحات السياسية التي تعهد بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال فترة ولايته الرئاسية.
وأوضحوا أن جماعة الإخوان ترى في الاستفتاء المقبل "فرصة قد لا تعوض لإسقاط نظام تبون"، والتمهيد لذلك بـ"حفرة لا" التي قد تعرقل قاطرة التغيير كما يسميها تبون، رغم أن مشروع الدستور حسم احتمالات الإجراءات المتبعة في حال تصويت أغلبية الناخبين ضد مشروع الدستور.
أما السبب الثاني – وفق الخبراء – فهو "تعديل قانون الانتخاب انطلاقاً من الدستور الجديد"، وهو ما تأكد عقب قرار الرئاسة وضع حد لنظام "الكوتة" بما يعني سعي الإخوان لإفشال الدستور المقبل الذي "سيكتب نهايتهم" في الساحة السياسية، خصوصاً بعد تزايد رقعة الرافضين للتيارات الإخوانية في الشارع الجزائري، وهو ما يعني "إحالتهم تلقائياً إلى الأرشيف السياسي".
سبب ثالث قد يكون واحدا من أخطرها، وهو محاولة الحركة الإخوانية التسلق مجددا على الكتلة الشعبية التي عبرت عن تحفظها لما جاء في التعديل الدستوري، وسط توقعات بأن تكون قوة قد تقلب نتائج الاستفتاء.
أما رابع الأسباب المتوقعة من الخبراء، فقد تكون محاولة من "حمس" لمغازلة السلطة وفق مواقف تميل إلى الابتزاز السياسي بهدف الحصول على تنازلات من السلطة، من ضمنها تشكيل حكومة ما بعد الاستفتاء الدستوري.
يحبط مخططات الإخوان
الأكاديمي الجزائري، بهلول محمد، علق على موقف الحركة الإخوانية بمنشورين على "فيسبوك"، أكد في الأول بأن قرارها بالتصويت بـ"لا" على التعديل الدستوري "يؤكد بأنه يقطع الطريق على المتأسلمين".
أما المنشور الثاني فقد كان تهكمياً وساخراً من حالة "التلون السياسي" التي وصل إليها جماعة الإخوان بالجزائر.
وكتب الدكتور بهلول: "قرارهم بالتصويت بـ(لا) عبارة عن رجل أصم يحاول إقناع رجل أطرش بأن رجلاً أعمى شاهد رجلاً مشلولاً يجري وراء رجل مقطوع اليدين، حتى يمنعه من شد شعر رجل أصلع".
فيما أجمعت صفحات على "فيسبوك" بأن "الإخوان يرون في الاستفتاء المقبل فرصة لسقوط منظومة الحكم بالجزائر، ويحاولون عدم تضييعها مثلما ضاعت عليهم في الانتخابات الرئاسية بعد الحراك".
واعتبرت أن "حمس" الإخوانية "تدعو أتباعها في الجزائر لإنجاح مشروع الإخونجية الأردوغانية على حساب الوطن".
مغازلة سياسية
الخبير في القانون الدستوري، عامر رخيلة، أبدى عدم استغرابه من قرار "حمس" الإخوانية التي قال إن معناها في اللغة هو "التشدد"، وقدم قراءة لما يراه أسباباً لم تجهر بها دفعتها لهذا القرار ربطها بالانتهازية، وعده موقفاً "مثيراً للضحك"
وقال رخيلة، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن "المتغير هو الثابت الوحيد في قواعد السياسة، ويبدو لي أن جماعة (حمس) يعملون بهذه القاعدة، بحيث لا ثبات لهم في أي موقف، والسبب في تقديري يعود لتركيبة هذه الحركة".
وأوضح أن ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية تتكون "من التركيبة الوسطى من المجتمع من الموظفين والتجار الذين يعتبرون محركها، وهو ما يعني أن مصالحهم الموضوعية مرتبطة بالسلطة، ولذلك مواقفهم من السلطة في بعض الحالات فيها مغازلة ومحاولة لشد وجذب".
وكشف العضو السابق في المجلس الدستوري والمحكمة العليا بالجزائر أن هذه الحركة الإخوانية "وصل بها الأمر في مراحل معينة لمساومة السلطة على المشاركة في التمثيل الدبلوماسي وفي المناصب الإدارية".
عينٌ على الحكومة
وأشار رخيلة إلى أن موقف "حمس" الإخوانية "هو استمرار في مغازلة السلطة وقد يكون ذلك سبباً في زيادة انقسامها؛ لأن هذه الحركة تعودت عشية كل موعد انتخابي أن تكون لها حصة من الكعكة السياسية، وأتوقع أن يطرحوا مطالبهم بعد الاستفتاء حتى يكون لهم دور في الحكومة".
وأضاف أن "موقفها لم يفاجئني، وتأكد أنهم لن يرافعوا لصالح هذا الموقف، وإذا اقتضى الأمر يتخذون موقفاً آخر عند اقتراب موعد الاستفتاء" في إشارة إلى مواقفها السابقة المراوغة بالابتزاز والانتهازية للحصول على مزايا سياسية تخدم أجندتها.