الجزائر تحدد أحد المنابع كمصدر للكوليرا.. والسكان يتحدّون بشرب مياهه
وفاة ثانية بوباء الكوليرا في الجزائر، وارتفاع عدد المصابين إلى 49 شخصا، ووزارة الصحة الجزائرية تعلن التحكم في الوباء.
تسبب وباء الكوليرا الذي انتشر بشكل مفاجئ في عدد من المحافظات الوسطى للجزائر ارتباكاً شعبياً ورسمياً، ترجمه التضارب في الأرقام المقدمة من قبل الهيئات الصحية الرسمية في البلاد، إضافة إلى مصدر الوباء.
- استنفار في الجزائر بعد وفاة شخص وإصابة 41 بوباء الكوليرا
- الجزائر.. استنفار صحي بعد وفاة 10 أشخاص بوباء الحصبة
منبع مائي.. مصدر الوباء
مصدر الوباء أرجعه بيان لوزارة الصحة الجزائرية إلى "مياه منبع (حمر العين) بمنطقة سيدي لكبير في محافظة تيبازة، وهي غير صالحة للاستهلاك، بعد أن ثبت تلوثها ببكتيريا قوسية تسبب الإصابة بوباء الكوليرا".
وأضاف البيان، الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، أن على سكان هذه المناطق "اتباع التدابير الأساسية للحد من انتشار الوباء، من خلال الغسل الجيد لليدين بالماء النظيف عدة مرات في اليوم، خصوصاً قبل لمس المواد الغذائية وقبل الأكل، وبعد الخروج من المراحيض، وغسل الخضر والفواكه قبل استهلاكها وتغلية المياه، وإضافة ماء الجافيل (معقم) في حال تخزينها".
كما دعا بيان وزارة الصحة الجزائرية إلى الابتعاد "عن التزود بالمياه على مستوى نقاط الماء غير المراقبة، مثل المنابع والآبار، مع التوجه إلى المؤسسة الاستشفائية الأقرب في حال حدوث إسهال أو تقيؤ، وشرب الكثير من الماء والأملاح، ومراقبة الأطفال والمسنين".
كما كشف مدير الوقاية والترقية بوزارة الصحة الجزائرية جمال فورار، في تصريحات لمختلف وسائل الإعلام الجزائرية، أن "مصالح الوزارة رفعت عينات من مياه المنبع التي كانت تستهلكها العائلات المصابة بمحافظة تيبازة، وتم إخضاعها للتحليل على مستوى معهد باستور، وثبت تلوث مياهه ببكتيريا الكوليرا".
من جانبه، كشف وزير الصحة وإصلاح المستشفيات الجزائري مختار حسبلاوي، في أول ظهور له بعد تفشي الوباء منذ شهر، من خلال ندوة صحفية الأحد بمحافظة البليدة، أن وزارته عاينت 38 منبعاً مائياً في محافظات الجزائر العاصمة والبليدة وتيبازة والبويرة.
وأشار الوزير الجزائري إلى أن 71% من نسبة التحاليل كشفت أنها ملوثة بنوع من البكتيريا، لكن لا علاقة لها بوباء الكوليرا وهي بكتيريا "فيبريو كلوغيفو"، لكنها تشكل خطراً على الأشخاص الذين يعانون نقص المناعة الجسدية، وأعاد التأكيد في المقابل على أن المنبع الوحيد الذي أثبتت التحاليل أنه يحتوي على بكتيريا الكوليرا هو "منبع سيدي لكبير" بمحافظة تيبازة.
ردم المنبع والسكان يحتجون
عقب إصدار وزارة الصحة الجزائرية بيانها، أقدمت سلطات محافظة تيبازة على ردم المنبع المائي "حمر العين" بمنطقة سيدي لكبير، الذي يعود تاريخه إلى حقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر، والذي يصب من جبل "سيدي لكبير"، في وقت يوجد بمحافظة تيبازة 300 منبع غير مراقب وغير مرتبط بالشبكة العمومية للمياه، وفق تصريحات مسؤولي المحافظة.
وسخرت سلطات محافظة تيبازة صهاريج مائية لسكان المحافظة تجوب مختلف أحيائها بهدف توفير المياه، ودعتهم إلى استعمال مياه الحنفيات الصالحة للشرب.
وعقب تأكيد وزارة الصحة الجزائرية مصدر انتشار وباء الكوليرا في الجزائر، استنكر سكان منطقة "حمر العين" بمحافظة تيبازة ما جاء في بيان الوزارة، ونشر عدد منهم فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحدوا فيها وزارة الصحة الجزائرية بشرب مياه المنبع قبل ردمه، واعتبروه خاليا من الأمراض، وأن غالبية الحالات المصابة من محافظة البليدة وليس من محافظة تيبازة أو حتى من منطقة حمر العين.
تحكم تام في الوباء
وزير الصحة الجزائري زار، الأحد، مستشفى محافظة البليدة، وأعلن أن الجزائر تتحكم في الوباء بشكل كبير، وتعهد بالقضاء عليه "في غضون يومين أو 3 وأن الدولة الجزائرية متأهبة للقضاء على الكوليرا"، كاشفاً في المقابل عن شفاء 31 مصاباً من أصل 49 حالة.
وقال مختار حسبلاوي، في ندوة صحفية، إن "وباء الكوليرا مرتبط بالمياه، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة وتلوث المنابع كان أول سبب في انتشار هذا المرض"، وأعلن عن تشكيل لجان مكلفة بالوقاية بمحافظة البليدة التي شهدت أكبر عدد من المصابين بالوباء، مع معاينة كل المناطق الزراعية المحيطة بمكان إصابة العائلات.
وعن تأخر وزارة الصحة الجزائرية في الإعلان عن ظهور وباء الكوليرا في الجزائر، دافع وزير الصحة الجزائري عن ذلك، وأشار إلى أن "مراكز التحليل التابعة لوزارة الصحة كانت في حالة شك بشأن وجود البكتيريا الوبائية، وهو ما جعل الوزارة تتريث في الاعلان عن الوباء إلى حين تأكيد التحاليل على ثبوت وجود البكتيريا المسؤولة عن الكوليرا بشكل فعلي".
وفاة ثانية وارتفاع عدد المصابين
من جانب آخر، سجلت الجزائر حالة وفاة ثانية بوباء الكوليرا بمحافظة البليدة وفق ما أكده مدير مستشفى بوفاريك رضا دغبوش في تصريحات صحفية، وقال إن الأمر يتعلق "بسيدة توفيت مباشرة بعد وصولها إلى المستشفى وهي في حالة متأخرة من المرض بعد إصابتها بإسهال حاد".
كما أكد وزير الصحة الجزائري ارتفاع عدد المصابين بوباء الكوليرا إلى 49 حالة أغلبها في محافظة البليدة، إضافة إلى محافظات الجزائر العاصمة، تيبازة، البويرة، عين الدفلى، المدية (وسط الجزائر)، مع الاشتباه في حالات أخرى بمحافظة غليزان (غرب الجزائر)، ومنطقة بريكة بمحافظة باتنة (شرق البلاد).
وقدمت مختلف المصالح الصحية في المناطق الموبوءة أرقاماً مختلفة ومتضاربة بخصوص الحالات التي يشتبه إصابتها بالوباء، حيث ذكر معهد باستور أن عدد الحالات المشتبه إصابتها بوباء الكوليرا بلغ 180 حالة، أما مدير الوقاية بوزارة الصحة الجزائرية جمال فورار فكشف عن 139 حالة، في حين ذكر وزير الصحة الجزائري أن عدد الحالات بلغ 129 حالة.
ورصدت "العين الإخبارية" حالات الهلع التي أصابت سكان المناطق التي ظهر فيها وباء الكوليرا ومحافظات أخرى، من خلال التوافد الكبير للجزائريين "بالمئات" على المستشفيات العمومية والعيادات الخاصة، في وقت أكدت إدارة مستشفى محافظة البليدة أن المستشفى يستقبل يومياً ما يقارب 500 مواطن أبدوا مخاوف من إصابتهم بالكوليرا.
كما رصدت "العين الإخبارية" تهافت الجزائريين في العاصمة على قارورات المياه المعدنية من المحلات التجارية، إلى درجة باتت غير متوفرة في كثير من المحلات، واستغل عدد من التجار "أزمة الكوليرا" لرفع أسعار المياه المعدنية وصلت في بعض من المحلات إلى ضعف أسعارها.