الاستثمار في البتروكيماويات.. ورقة الجزائر لـ"اصطياد" شركات عملاقة
كشفت الجزائر عن مباشرتها مفاوضات مع شركات طاقوية عالمية لجذب "استثمارات ضخمة" في قطاع البتروكيماويات.
وفي جلسة أمام نواب مجلس الأمة (الغرفة الأولى للبرلمان)، أعلن محمد عرقاب وزير الطاقة والمناجم الجزائري عن شروع بلاده في مفاوضات مع شركات الطاقة الأجنبية لمباشرة "مشاريع عملاقة" في البتروكيماويات دون أن يقدم تفاصيل أخرى عن أسماء الشركات أو مراحل المفاوضات معها.
- 40 مليار دولار استثمارات "سوناطراك" الجزائرية خلال 5 سنوات
- كورونا يضاعف آلام شركات الطاقة الجزائرية.. مليار دولار خسائر
وحدد عرقاب أن مجالات الاستثمار تشمل تكسير للنفتا وغاز البترول المسال بطاقة إنتاجية تصل إلى مليون طن سنوياً.
وكذا مشروع إنجاز وحدتين بإمكانيات شركة "سوناطراك" الحكومية، مخصصتين لإنتاج المواد البتروكيماوية اللازمة للصناعة المحلية.
وذكر بأن الأولى تمثل وحدة إنتاج 200 ألف طن سنويًا من مادة "ميثيل ثالثي بوتيل الإيثر" في المنطقة الصناعية بأرزيو الواقعة غربي البلاد، وكذا مركب لإنتاج 100 ألف طن سنويًا من الكيل بنزان الخطي في المنطقة الصناعية بسكيكدة (شرق).
وأشار إلى جاهزية المناطق الصناعية بمختلف هياكلها لضمان "الانطلاقة السريعة للمشاريع المتعلقة بالصناعة البتروكيماوية".
وأبرز وزير الطاقة الجزائري الأهمية التي توليها حكومة بلاده لقطاع البتروكيمياويات والإمكانيات التي توفرها، وذكّر في هذا الشأن بوحدة منطقة "أرزيو" الواقعة بمحافظة وهران والتي تبلغ طاقتها الانتاجية 1.3 مليون طن سنوياً من "الأمونيا" و2.3 مليون طن سنوياً من "اليوريا" بالشراكة مع مجمع "سهيل بهوان" العماني.
وكذا المصنع الثاني "سورفارت" بالمنطقة ذاتها بالشراكة بين مجمع "سوناطراك" النفطي الجزائري وشركة " اوسي إي" الهولندية، والذي ينتج 1.5 مليون طن سنوياً من "الأمونيا" و1.1 مليون طن سنوياً من "اليوريا".
وأشار إلى أن إنتاج الجزائر من مادة "اليوريا" سجل ارتفاعاً ملحوظاً بفضل المصنعين ووصل إلى 3.448.500 طن سنوياً، معلناً في السياق عن قرار حكومي بوقف صادرات هذه المادة بعد تحقيق اكتفاء ذاتي محلي يغطي احتياجات السوق المحلية، مع "إمكانية تصديرها" كما قال.
تحديات طاقوية
ويواجه قطاع الطاقة في الجزائر عدة تحديات أعادت من خلالها النقاش حول مستقبل اقتصاد هذا البلد العربي المعتمد بالأساس على النفط وعائداته بنسبة تقارب الـ97% من نيل استقلاله قبل نحو 60 عاماً.
ومن أبرز تلك التحديات، بقاء الاقتصاد الجزائري "رهينة" لتذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية، إذ سجلت الجزائر تراجعاً في عائدات المحروقات في 2020 بحوالي 30%، فيما بلغت خسائر شركة سوناطراك النفطية 10 مليارات دولار، وفق أرقام رسمية.
أما التحدي الثاني فيكمن في تراجع مخزون الجزائر الطاقوي وسط توقعات بـ"نضوب النفط" الجزائري بحلول عام 2035 "في حال استمرار وتيرة تزايد الاستهلاك المحلي"، وأن تصبح الجزائر بعد ذلك "بلدا غير نفطي" وفق تقرير لوكالة "بلومبرج".
ويعزو الخبراء الاقتصاديون أسباب تراجع المخزون الجزائري إلى تقلص الآبار التقليدية وتوقف عمليات الاكتشافات الجديدة خصوصاً بعد خروج عدة شركات نفطية من الجزائر بسبب قانون المحروقات القديم الذي رأت "مجحفاً في حقها".
وفي الوقت الذي تحدث فيه خبراء عن تراجع حصة الجزائر الإنتاجية من النفط في منظمة "أوبك" إلى نحو 850 ألف برميل يومياً، إلا أن السلطات الجزائرية سارعت لنفي ذلك في وقت سابق، وأكدت بأنها تصل إلى نحو 1 مليون و348 ألف برميل يومياً.
بينما كشف وزير الطاقة والمناجم الجزائري، الخميس، عن أن قرار منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاؤها برفع مستوى إنتاجها النفطي بشكل تدريجي سمح بزيادة طفيفة من الإنتاج الجزائري قدرت بـ11 ألف برميل يومياً شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين، وبـ14 ألف برميل يومياً شهر يوليو/تموز القادم.
وتسعى الجزائر لإحداث تغيير جديد على قانون المحروقات هو الثالث من نوعه في ظرف 4 سنوات على قانون المحروقات بهدف جذب الشركات النفطية الأجنبية للاستثمار في قطاع الطاقة.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، وقعت شركة سوناطراك الحكومية أكبر اتفاق لها خلال هذا العام مع شركات "أوكسيدنتال" الأمريكية و"إيني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية لاستغلال حوض "بركين" الغازي في الكتلتين 404 و208 وفق بيان للشركة الجزائرية دون أن تكشف عن قيمته المالية.
ورصد عملاق النفط الجزائري "سوناطراك" موازنة استثمارية ضخمة للأعوام الـ5 المقبلة قدرت قيمتها بـ40 مليار دولار بينها 51% بالدينار الجزائري في محاولة لتحقيق "إدماج المحتوى المحلي مع أنشطة سوناطراك والترويج له" بحسب تصريحات لمدير عام الشركة توفيق حكار.
وعلى المدى القريب، حددت شركة سوناطراك أهدافاً لزيادة الانتاج النفطي وإعادة تشغيل حقول في الجنوب الجزائري، أبرزها حقل "قاسي الطويل" "وبير الركايز".
فيما حددت مشروعها الاستثماري على المدى المتوسط بتلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة إلى نحو 70 مليون طن مكافئ اعتبارا من 2024، والحفاظ على مستوى صادرات يفوق 90 مليون طن مكافئ نفطي سنوياً.