دعم أحزاب الموالاة لمظاهرات الجزائر.. رضوخ أم مناورة سياسية؟
تباين في الجزائر حول أسباب تغير خطاب أحزاب الائتلاف الحاكم باتجاه دعم الحراك الشعبي بين اعتباره رضوخا للأمر الواقع ومناورة سياسية.
شهدت الجزائر للجمعة الخامسة على التوالي مظاهرات حاشدة مطالبة "برحيل نظام بوتفليقة"، واتسعت معها رقعة الرافضين لبقائه والداعمين لحراك شعبي، يقول المراقبون إنه أربك حسابات السلطة وأحزاب الموالاة والمعارضة.
- بالصور.. الإخوان في قائمة "المطَالبين بالرحيل" بمظاهرات الجزائر
- خارطة طريق بوتفليقة.. مراوغة سياسية أم استجابة للشعب؟
وفي خضم تواصل الاحتجاجات الشعبية في الجزائر، تغير موقف أحزاب الائتلاف الحاكم الداعم لبوتفليقة، معلنة دعمها للحراك الشعبي ومطالب التغيير، وهو الموقف الذي فاجأ الجزائريين، وإن حملوا شعارات "رافضة لدعمهم" في مظاهرات الجمعة.
وبحسب مطالب الجزائريين التي رفعوها في مظاهراتهم، فإن أحزاب التحالف الرئاسي كانت أيضاً من بين "المغضوب عنهم" شعبياً، وطالبوا منذ 22 فبراير/شباط الماضي، برحيل حكومة أحمد أويحيى، ووضع حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في "المتحف".
غير أن تحول خطاب أحزب الائتلاف الحاكم من انتقاد المظاهرات وترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، إلى دعم مطالب الجزائريين بالتغيير، حمل معه تساؤلات عن دلالات ذلك، ومستقبل الأزمة السياسية في الجزائر التي دخلت السبت شهرها الثاني.
وطرح مراقبون تساؤلات عن أسباب تغير مواقف أكبر الأحزاب الداعمة لبوتفليقة منذ توليه الحكم قبل 20 سنة، إن كان ذلك نتيجة الضغط الشعبي؟ أم مناورة سياسية؟ أم أنها تلقت إشارات بأن بوتفليقة لن يكون في المرحلة المقبلة وأن وافداً جديداً سيحل على "قصر المرادية" غير الرئيس الحالي الذي ستنتهي ولايته الرئاسية في 27 أبريل/نيسان المقبل.
استسلام للأمر الواقع
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية" اعتبر السعيد بوحجة، رئيس البرلمان الجزائري السابق والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أن تغير خطاب أحزاب الموالاة من الحراك الشعبي كان "رضوخاً للأمر الواقع الذي كرسه الشعب المُطالِب بالتغيير"، ورأى أن حل الأزمة لا "يتم بهدم الدولة بل بالحوار واحترام السياسيين لقوانين الجمهورية".
وقال بوحجة "أرى أن ما حدث هو استسلام للأمر الواقع منذ بداية المظاهرات، والجزائريون ينادون بالرحيل، واعتراف الأفالان والأرندي بالحراك الشعبي معناه – إن كانوا صادقين – هو الرضوخ لمطالب الرحيل".
وعن توقعاته لمستقبل الأزمة السياسية ورؤيته لحلها، يرى رئيس البرلمان الجزائري السابق أن "الحوار هو الأساس، وهو أسلوب حضاري للخروج من هذه الأزمة، وأن يُفضي الحوار بالتغيير الذي يطالب به الشعب، وقد يرِد عبر نص قانوني، أو إجراءات أخرى تطمئن وتحمي المواطن من الرشوة والفساد والمحسوبية ومن أمور كثيرة، حتى العدالة أيضاً يجب أن يشملها التغيير وذلك بحصر النظري مع التطبيقي"
وتابع: "نملك نصوصاً نظرية تبدو مهمة، لكن عند تطبيقها يطغى عليها سلوك الفرد، وبالتالي لا بد من التقييد بإجراءات تضمن التغيير حتى تجعل الإنسان المنفذ للقانون يخضع لروح النص النظري، وهذه مهمة جداً".
وأضاف أن "الشباب يعاني اليوم من المحسوبية في التوظيف وهنا يقع التغيير، لا بد على المواطن أن يحصل على ضمانات تجعله يطمئن لقوانين الجمهورية ولطرق تطبيقها، بشكل يجعله مقتنعاً بأنه محمي قانوناً في بلد ضحى من أجله ملايين الشهداء".
واختتم السعيد بوحجة بالتأكيد أن "التغيير لا يعني هدم الدولة، بل معالجة المشاكل التي يعاني منها المواطن، ومن هذا المنطلق يُبنى الحوار النزيه الذي يجب أن تحظى مخرجاته بإجماع، حتى تُترجم إلى نصوص قانونية تكون صالحة للعمل في جميع مؤسسات الدولة".
مناورة سياسية
أما المحلل السياسي زواق فيرى أن دعم أحزاب الائتلاف الحاكم في الجزائر للحراك الشعبي ومطالبه بالتغيير "مجرد مناورة سياسية منها".
وقال في حديث مع "العين الإخبارية" "هي مناورة سياسية، لأن جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي يعرفان جيداً أن مطالب الشارع تجذرت ومن المستحيل تجاوزها أو تصور مستقبل الجزائر من دون خطاب الشارع الحالي، ولذلك أرادات أن تضع قدماً في المستقبل".
وأضاف أن "بوتفليقة نفسه أعلن رغبته في المغادرة بعد عام، ومن الطبيعي جداً أن يتحول خطاب هذه الأحزاب، وهي تعرف جيداً أنها مرفوضة من قبل الشارع بكل المقاييس، فأرادات أن تضع قدماً لها في المستقبل حتى يبقى لها وجود".
وتابع: "السؤال المطروح الآن هو: هل يقبلها الشارع أم لا؟ وأعتقد أن المتظاهرين المتضررين من سياساتهم سيرفضونها، والشارع يطالب بحل جبهة التحرير باعتبارها إرثاً تاريخياً لكل الجزائريين ويطالب بوضعها في المتحف وابتعادها عن السياسة".