باريس: الجزائريون من يختارون قادتهم ويحددون مستقبلهم
الخارجية الفرنسية تأمل في أن تجرى الانتخابات الرئاسية الجزائرية في ظروف جيدة.
أصدرت فرنسا موقفها من الترشح الرسمي للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، معتبرة ذلك "شأناً داخلياً يخص الجزائريين"، معربة عن أملها في أن "تتم في ظروف جيدة".
وقال بنجامين جريفو، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية، الإثنين، في تصريحات صحفية "لقد لاحظنا ترشيح الرئيس بوتفليقة، نأمل في أن تجرى الانتخابات الرئاسية في ظروف جيدة"، مضيفاً أن "الشعب الجزائري هو الذي يختار قادته ويحدد مستقبله".
بدوره، قال مارك فيسنو، الوزير الفرنسي المكلف بالعلاقات مع البرلمان في الحكومة الفرنسية "إنه ليس من حقنا أخذ أي نظرة أو تدخل في الشأن الجزائري".
وأضاف في تصريحات، الإثنين، لوسائل إعلام فرنسية "الجزائريون شعب عظيم، والأمر متروك لهم ليقرروا بأنفسهم في العملية الانتخابية المقبلة، والشرعية تهمنا، ولكن لا نتدخل لأنه سيكون غير مناسب تماماً".
في مقابل ذلك، قدّم أورليان تاشي، النائب البرلماني عن حزب "الجمهورية إلى الأمام" الذي ينتمي إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نظرة مغايرة، معتبراً أن الحراك الشعبي في الجزائر ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة هو "من أجل مستقبل الجزائر ويجب النظر إليه بإيجابية".
وقال تاشي في تصريحات لوسائل إعلام محلية في فرنسا: "لا أريد أن أتدخل كسياسي فرنسي في الطريقة التي تُبنى بها الأمور في الجزائر، لكن لدي رأي كمواطن".
وذكر أنه "عندما يتحرك الشباب والشعب من أجل مستقبل بلده، فأعتقد أنه يجب أن ينظر إليه على أنه إيجابي، نحن بحاجة إلى أن يكون هناك شعب جزائري يحدد مصيره".
ويرى متابعون للعلاقات الجزائرية – الفرنسية أن موقف باريس "تغير بشكل لافت" من مسألة ترشح بوتفليقة للانتخابات المقبلة، ويلاحَظ ذلك – بحسبهم – في "تغير لهجة باريس بين الأسبوع الماضي واليوم".
وخلال الأسبوع الماضي قال المتحدث باسم "الكيدورسيه" (الخارجية الفرنسية) إن "فرنسا تريد إجراء هذه الانتخابات في أفضل الظروف الممكنة، وبشفافية كاملة في الحملات الانتخابية".
وفي الوقت الذي لم يصدر أي موقف رسمي جزائري تجاه هذه التصريحات، رد علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات المعارض، على الموقف الفرنسي بالقول "إن الجزائريين يعرفون كيف يحلون مشاكلهم بأنفسهم"، مضيفاً أن "الجزائر دولة حرة ومستقلة وقادرة على تجاوز مشكلاتها، ولا نرغب في التدخل بشؤوننا الداخلية، مع أن الدول الأخرى حرة في التعليق".
وينظر الجزائريون بحساسية لمواقف فرنسا من الشأن الداخلي لمستعمرتها السابقة، ويقول المراقبون في الجزائر وباريس إن ذلك مرتبط بذاكرة الجزائريين من الجرائم الكبيرة والكثيرة التي ارتكبتها خلال احتلالها للجزائر طوال 132 سنة (1830 – 1962).
ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية المنددة بترشح بوتفليقة لولاية خامسة قبل أسبوعين، ذكرت وسائل إعلام فرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "يتابع عن كثب وبشكل شخصي الوضع في الجزائر".
وكشفت إذاعة "RFI" الفرنسية، الأسبوع الماضي، أن وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان طلب من السفير الفرنسي في الجزائر كزافييه دريانكورت التنقل إلى باريس لتقديم "حوصلة عن متابعته الميدانية لتطورات الوضع السياسي في الجزائر".
وخرج آلاف الجزائريين المقيمين في العاصمة الفرنسية باريس ومدينة مارسيليا، الأحد، في مظاهرتين ضد ترشح الرئيس الجزائري الحالي عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، والبالغ من العمر 82 عاماً.
وردد المتظاهرون شعارات منددة بترشح بوتفليقة، من بينها "لا للعهدة الخامسة"، "لا السعيد لا توفيق" وغيرها، بحسب ما ذكره جزائريون مقيمون في باريس لـ"العين الإخبارية".
وتضم فرنسا أكبر جالية جزائرية مقيمة في المهجر، إذ تقدرها السلطات في البلدين بأكثر من 3 ملايين جزائري، وحوالي مليون جزائري مقيم لا يملك الجنسية الفرنسية.