أسبوع الجزائر.. حراك دبلوماسي حول ليبيا وخطوات لتغيير دستور بوتفليقة
زيارات وزراء خارجية لبحث الأزمة الليبية ولجنة مكلفة بتعديل عميق للدستور.. أبرز حدثين في أسبوع الجزائر
شهد أسبوع الجزائر المنتهي حراكين؛ أحدهما دبلوماسي لوقف طبول الحرب التي تقرع في ليبيا، والثاني سياسي، وضعت فيه البلاد الخطوة الأولى نحو تغيير عميق للدستور الموروث عن عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
- أسبوع الجزائر.. تشكيل الحكومة ورفض التدخل التركي والإفراج عن معتقلين
- أسبوع الجزائر.. رحيل قائد الجيش واستنفار بشأن الأزمة الليبية
وشكّل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لجنة قانونية أوكل لها مهمة "فك الألغام والعقد" التي تركها نظام بوتفليقة في دستور البلاد، بالتوازي مع بدء تبون استقبال نشطاء سياسيين معارضين للتشاور حول المشهد السياسي للبلاد.
كما أولت الجزائر نشاطاً دبلوماسياً لـ"الأزمة الليبية" التي دخلت مرحلة خطرة بعد تحريك تركيا قواتها لغزو ليبيا بطلب من رئيس حكومة الوفاق،فايز السراج، لإنقاذه ومليشياته من تقدم الجيش الوطني الليبي.
ليبيا تحرك دبلوماسية الجزائر
واستقبلت العاصمة الجزائرية على مدار أسبوع كامل عدداً من وزراء خارجية الدول، أبرزهم الإيطالي لويجي دي مايو، والمصري سامح شكري، وقبلهما فايز السراج رئيس ما يعرف بـ"حكومة الوفاق الوطني" الليبية، ومولود شاويش أوغلو وزير خارجية الرئيس التركي رجب أردوغان.
وقبلها أجرى وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، اتصالات هاتفية مع نظرائه: الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، والمصري سامح شكري، والفرنسي جون إيف لودريان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، بالإضافة إلى وزراء خارجية مالي والنيجر والتشاد.
ويهدف التحرك الدبلوماسي الجزائري لاحتواء الوضع الأمني في ليبيا وتجنيبها والمنطقة نذر حرب دق طبولها النظام التركي، والبحث عن مخرج سياسي سلمي للأزمة الليبية التي تعيش عامها التاسع.
ومن أبرز ما تحقق من ذلك الحراك الدبلوماسي الذي أعاد الجزائر إلى الملف الليبي وفق ما ذكره خبراء أمنيون لـ"العين الإخبارية" "إبلاغ النظام التركي والسراج رفض الجزائر بشكل رسمي الوجود العسكري التركي على الأراضي الليبية، أو استعمال أراضيها قاعدة لوجستية لتمرير مرتزقة أردوغان".
وذكر مراقبون أن الجزائر اختارت "أسلوب الرد الواضح على رسائل النظام التركي"، خاصة مع التصريح الذي تناقلته وسائل إعلام محلية للرئيس الجزائري التي شدد فيها على "رفضه أن يكون دم الليبيين ثمناً لحماية المصالح الأجنبية".
خيبة تركية
ويرى مراقبون أن الجزائر فهمت رسالة أردوغان "التي حملت تهديداً مبطناً لها ولدول المنطقة عندما استبق إرسال جنوده إلى ليبيا بإيفاد مرتزقة من سوريا أغلبهم من تنظيم داعش الإرهابي"، وهي الورقة الرابحة التي استعملها أردوغان لابتزاز دول المنطقة.
وما يؤكد عودة السراج وتشاووش أوغلو إلى بلديهما بـ"نكسة دبلوماسية" كما أكد خبراء أمنيون هو "عدم إدلائهما بأية تصريحات صحفية بالجزائر" عكس بقية وزراء الخارجية الذين زاروا البلاد.
وهو مؤشر وفق خبراء على "عدم وجود ما يقال" بعد "فشلهما في توريط الجزائر بالأزمة الليبية والانسياق وراء مخطط النظام التركي "اللاهث وراء إعادة الأوهام العثمانية" في شمال أفريقيا رغم فشله الذريع في سوريا.
وكشف خبراء أمنيون عن أن الدبلوماسية الجزائرية دخلت مجدداً على خط الأزمة الليبية من منطلق "طرف محايد ووسيط ومدافع في الوقت ذاته عن محورية دول الجوار في أي حل سلمي للأزمة الليبية"، قبيل مشاركتها مع دول عربية وأوروبية ببرلين في مؤتمر دولي لحل الأزمة الليبية برعاية الأمم المتحدة.
ووفق رؤيتهم، فإن الدور الجزائري يرتكز على "تثبيت موقفها برفض التدخلات العسكرية الأجنبية في الأراضي الليبية، والبحث عن عناصر التهدئة والعودة إلى مسار الحوار لتجنيب بلادهم والمنطقة أي انزلاقات خطرة".
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي 2011، تحولت الحدود مع ليبيا إلى واحدة من أكبر المشاكل الأمنية التي تؤرق الجزائر.
وأدخلت الجيش في "حرب استنزاف" كما ذكر خبراء أمنيون بالتوازي مع حالة الاستنفار على حدود مالي، بعد دفعه بآلاف الجنود والعتاد العسكري إلى المنطقة، صد خلالها محاولات اختراق عدة للجماعات الإرهابية وإدخال أسلحة.
لجنة لإصلاح الدستور
على صعيد آخر، شكّل الرئيس الجزائري، الأربعاء الماضي، لجنة من 16 شخصية قانونية لإعداد مقترحات لـ"تعديل عميق لدستور بوتفليقة" يُنهي بالدرجة الأولى الحكم الفردي حدد لها مهلة 3 أشهر قبل تسليم تقريرها، ويعرض بعدها على استفتاء شعبي للمرة الأولى منذ 24 عاما.
وأحدث تكليف أستاذ القانون الدولي أحمد لعرابة برئاسة اللجنة نقاشاً واسعاً في الجزائر، بعد تضارب الأنباء حول دوره في آخر تعديل دستوري عام 2016 الذي منح لبوتفليقة مزيداً من الصلاحيات التي وصفها القانونيون بـ"الصلاحيات الإمبراطورية والخرافية".
غير أن خبراء أوضحوا بأن اختيار "لعرابة" تحديداً دون غيره من الشخصيات الأخرى، يعود بالدرجة الأولى إلى "معرفته الدقيقة بالألغام التي وضعها نظام بوتفليقة في الدستور"، ما يعني بحسبهم "قدرته على تفكيكها وتعويضها بمواد قانونية تعيد النظر في منظومة الحكم".
4 تعديلات عميقة
وحددت الرئاسة الجزائرية في رسالة تكليف اللجنة، 4 تعديلات جوهرية على دستور البلاد، سماها "المحاور الكبرى للتعديل العميق على الدستور"، وهي الأولوية الأولى التي كشف عنها تبون بعد تنصبيه رئيساً للبلاد.
وتضمنت تلك المحاور مطالب الحراك الشعبي الخاصة بالحريات وتكريس الديمقراطية، وتحديد صلاحيات السلطات الثلاث، وهو ما انفردت به "العين الإخبارية" خلال مقابلة سابقة مع الرئيس الجزائري، كشف حينها "حصرياً" عن طبيعة التعديلات الجذرية التي ينوي إدخالها على الدستور الذي يصفه القانونيون بـ"الملغم".
وتضمن المحور الأول الحقوق وحريات المواطنين من فردية وجماعية، وحماية التظاهر السلمي وحرية التعيير والصحافة بكافة أنواعها.
والمحور الثاني عن "أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد"، والثالث لـ"تعزيز فصل السلطات وتوازنها" يتضمن نقطة أساسية وغير مسبوقة بأن "يصبح تحديد العهدة الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة أمراً ثابتاً لا يمكن المساس به"، فيما تلخص المحور الرابع في "تعزيز سلطة الرقابة البرلمانية".
8 ممنوعات
وفي سياق متصل، وضع تبون أمام اللجنة "حدوداً لا يمكن تعديلها في الدستور"، ترتبط بالأساس بطبيعة نظام الحكم وبعض المواد القانونية التي تعد من "ثوابت الجزائر السياسية والدينية والعسكرية"، لا يمكن للجنة تعديل الدستور تقديم أي مقترحات لتعديلها.
وتلخصت في "الطابع الجمهوري للدولة، والنظام الديمقراطي المرتكز على التعددية الحزبية، والإسلام ديناً ثابتاً للدولة، والعربية لغة وطنية ورسمية، والحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وسلامة التراب الوطني ووحدته، والراية الوطنية والنشيد الوطني، وإعادة انتخاب رئيس البلاد مرة واحدة غير قابلة للتجديد مرة ثالثة".
aXA6IDE4LjExNy4xMDcuNzgg جزيرة ام اند امز