الجزائر أكبر مورد للغاز الطبيعي لإسبانيا تتراجع.. ما علاقة المغرب؟
تاريخيا، كانت الجزائر أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى إسبانيا، قبل أن تترك مركزها الأول للولايات المتحدة، وتعود للخلف مرة أخرى وراء روسيا.
وتعود أسباب التراجع الكبير للجزائر كمورد رئيسي وأساسي للغاز الطبيعي إلى إسبانيا، إلى تدهور في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على خلفية نزاع الصحراء الغربية مع المغرب، فضلا عن التشغيل العكسي لخط أنابيب المغرب - أوروبا وإعادة تصدير مدريد الغاز الجزائري إلى الرباط، وما تبع ذلك من تراجع اقتصادي في التعاون بين البلدين.
وحلت روسيا محل الجزائر، لتصبح ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى إسبانيا في شهر يونيو الماضي، وذلك بعد تراجع التدفقات القادمة من الجزائر، وسط استمرار التوتر الدبلوماسي مع مدريد.
ووصلت الواردات من روسيا إلى 8752 جيجاواط/ساعة في يونيو، أي أكثر من الضعف بالمقارنة بشهر مايو، وبما يعادل 24% من إجمالي طلب إسبانيا، وفقاً لشركة "إينا غاز" الرائدة في مجال نقل الغاز الطبيعي بإسبانيا.
وتراجعت التدفقات من الجزائر إلى 7763 جيجاواط/ساعة مقابل 9094 جيجاواط/ساعة في مايو، وهو نحو نصف الكميات المسجلة في يونيو 2021، وبما يمثل 22% من الطلب.
فيما تظل الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى إسبانيا، بحصة قدرها 30%.
أسباب تراجع تدفق الغاز الجزائر لإسبانيا
يأتي تراجع تدفقات الغاز من الجزائر، التي كانت تاريخياً أكبر مورد لإسبانيا، في أعقاب مواجهة دبلوماسية بين البلدين بعد قرار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز دعم المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط".
التشغيل العكسي لخط أنابيب المغرب - أوروبا
وبدأ الغاز التدفق الشهر الماضي من إسبانيا باتجاه المغرب عبر خط أنابيب المغرب - أوروبا، وهو الخط الذي كان عادة ما ينقل الوقود في الاتجاه العكسي بعدما أوقفت الجزائر الضخ من خلاله العام الماضي.
وتؤكد الجزائر أن الغاز الذي ترسله إلى إسبانيا عبر خط أنابيب آخر لا يمكن إعادة تصديره إلى المغرب.
وتواصل إسبانيا الاعتماد بشكل أكبر على الغاز الطبيعي المسال، الذي مثل في يونيو نحو 77 % من وارداتها من الغاز، بارتفاع بـ29% عن الشهر نفسه من 2021.
اكتشافات النفط والغاز في الجزائر
أكد وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، أن الجزائر تؤدي دورًا فعالًا باعتبارها موردًا موثوقًا من خلال إطلاق مشروعات هيكلية كبرى ذات أهمية إقليمية، مثل خطي أنابيب الغاز "ترانسمد" و"ميدغاز" اللذين يربطان الجزائر بأوروبا بطاقة تصديرية تتعدى 40 مليار متر مكعب سنويًا.
وأوضح أن بلاده تمتلك 4 خطوط لإسالة الغاز الطبيعي بطاقة إجمالية تقارب 56 مليون متر مكعب سنويًا، وخطين لفصل غاز النفط المسال، بالإضافة إلى أسطول مهم من ناقلات الغاز المسال، والنفط الخام والمواد النفطية.
وكشف وزير الطاقة والمناجم الجزائري عن أن صادرات بلاده من النفط والغاز بلغت نحو 97 مليون طن من النفط المكافئ نهاية عام 2021، بقيمة قدرها 35.4 مليار دولار، موضحًا أن المتوسط السنوي لصادرات منتجات المحروقات يُقدر بنحو 91 مليون طن من النفط المكافئ منذ عام 1971.
صادرات الغاز الجزائري
قال عرقاب: "تمتلك الجزائر احتياطيات مهمة من الغاز الطبيعي، لذا يسعى قطاع الطاقة والمناجم إلى تطوير نشاط المنبع لتوسيع قاعدة الاحتياطات لا سيما الغاز من أجل زيادة الإنتاج عن طريق تكثيف جهود البحث والاستكشاف بالشراكة مع الشركات الأجنبية، وتحسين أداء الاستكشاف وعمليات استغلال مكامن المحروقات باستخدام أحدث التقنيات".
وضمن حديثه عن اكتشافات النفط والغاز في الجزائري، توقع وزير الطاقة والمناجم أن يرتفع إنتاج بلاده من الغاز الطبيعي بنسبة 4% بحلول عام 2026، خلال حواره مع "نشرة أوابك" الشهرية.
وأشار إلى أن صادرات الغاز الجزائري ارتفعت بنسبة 71% خلال 2021 مقارنة بالعام السابق، لتسجل 12 مليار دولار، مشددًا على أن تحقيق هذه النتائج يُعد تحديًا كبيرًا في ظل التزايد المستمر للطلب المحلي على الطاقـة.
الغاز المسال
أوضح عرقاب أن سوق الغاز الطبيعي المسال شهدت ارتفاعًا حادًا في الأسعار خلال عامي 2021-2022، رغم التوسع في القدرات العالمية لإنتاج الغاز المسال في السنوات الأخيرة، خاصة في الولايات المتحدة، ما أسهم في خفض أسعار الغاز في السوق العالمية.
وقال إن تراكم العديد من العوامل مثل الأزمة الطاقوية في أوروبا لا سيما ضعف مستويات التخزين والحد من توصيل الغاز الروسي عبر خط الأنابيب إلى أوروبا وظهور البرازيل بصفتها مستوردًا جديدًا للغاز الطبيعي المسال، أدى إلى زيادة المنافسة عليه في منطقة آسيا، التي تُعد أكثر المناطق استيرادًا له، ما خلق توترًا في السوق وتسبب في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال سنة 2021.
وأكد عرقاب أن الجزائر تُعد من موردي الغاز الأساسيين في السوق الأوروبية -11% من واردات أوروبا من الغاز- لعدة عقود، حرصت خلالها شركة سوناطراك على احترام التزاماتها التعاقدية، ما مكنها من كسب ثقة شركائها الأوروبيين.
الاكتشافات النفطية في الجزائر
وأضاف أنه بالموازاة مع ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، شهدت صادرات الغاز الجزائرية خلال 2021 ارتفاعًا بنسبة 40% (54% بالنسبة إلى الغاز الطبيعي، و13% بالنسبة إلى الغاز الطبيعي المسال) لتصل إلى قرابة 56 مليار متر مكعب.
وأشار إلى أن الجزائر تعمل على الوصول إلى أسواق أخرى لزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال بالنظر إلى ما تمتلكه من إمكانات.
وأوضح أنه رغم صعوبة المنافسة في هذه الأسواق التي تنشط فيها كبريات الشركات العالمية والتي تمتلك قدرات تصديرية كبيرة، استطاعت سوناطراك في الأشهر الماضية أن تصدر كميات من الغاز المسال في السوق الفورية مستفيدة من ارتفاع الأسعار التي كانت مستوياتها أعلى بـ3 أو 5 مرات من الأسعار التعاقدية.
وتوقع عرقاب ارتفاع صادرات الجزائر من الغاز المسال إلى ما يقارب 22 مليون متر مكعب في 2022.
إنتاج الهيدروجين
شدد وزير الطاقة والمناجم على أن بلاده أدرجت ضمن خطتها للانتعاش الاقتصادي، الانتقال نحو الطاقات الجديدة والمتجددة بصفته محورًا أساسيًا، وجعلته من الأولويات، بهدف النمو الأخضر من خلال استخدام تقنيات الطاقة المبتكرة والرقمية.
وأوضح أنه يجري إدراج تطوير الهيدروجين ضمن الأهداف البالغة الأهمية للحكومة الجزائرية، قائلًا: "لهذا الغرض يجري حاليًا إعداد إستراتيجية وطنية، وكذا خريطة طريق لتطوير هذا النوع من الطاقة، خاصة أن الجزائر لديها قدرات كبيرة في هذا المجال التي ستسمح لنا بأن نكون من بين الدول التي سيكون لها تخصص كبير ودور في إنتاج الهيدروجين وتسويقه في العالم".
وأضاف: يمكن أن يسمح الهيدروجين للجزائر بدخول سوق تصدير جديدة وواعدة، إذ أدرجت الحكومة في إطار الرؤية المستقبلية تطوير هذا المورد في إطار التحديات والالتزامات الدولية خاصة اتفاقية باريس، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 على المستوى الوطني والإقليمي والدولي التي تتطلب الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وأوضح أن الهيدروجين سيؤدي دورًا مهمًا في مزيج الطاقة الذي سيمكّن الجزائر من أداء دور مهم في سوق الهيدروجين العالمية، والاستحواذ على حصة جيدة من هذه السوق الواعدة، لتضيف إلى موقعها الريادي في أسواق الطاقة دورًا جديدًا، بصفتها مصدرًا للهيدروجين، بجانب دورها التاريخي بصفتها مصدرًا لإمدادات الغاز منذ عدة عقود.
aXA6IDE4LjIyMS41OS4xMjEg جزيرة ام اند امز