الخطر الرابض على الحدود.. مليشيات ليبيا تستنفر جيش الجزائر
استنفار أمني وعسكري تشهده الحدود الشرقية للجزائر خشية تسلل مليشيات ومرتزقة الغرب الليبي.
إعلام جزائري تناول مخاوف الجزائر من تسلل المليشيات الناشطة في الغرب الليبي إلى أراضي البلاد هرباً من حالة السلم التي فرضها الليبيون والدول الفاعلة والمجاورة.
- الجزائر: ندعم أمن واستقرار ليبيا لإجراء الانتخابات
- ليبيا تدعو تركيا إلى اتخاذ خطوات فعالة لإخراج المرتزقة
وتحدثت المصادر الإعلامية المحلية عن دفع الجيش الجزائري بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى كامل حدود البلاد مع ليبيا، وحتى مع النيجر ومالي، لمنع تسلل المليشيات والمرتزقة ممن كانوا سند حكومة الوفاق الإخوانية المنتهية ولايتها، والذين استقدمهم النظام التركي لدعم الفصائل المسلحة لفايز السراج، وسط تصاعد حدة التساؤلات عن مصير المجموعات الإرهابية الذين شحنتهم تركيا إلى ليبيا.
"تصدير المرتزقة"
وسائل إعلام جزائرية وصفت ما تواجهه الحدود الجزائرية الشرقية والجنوبية بـ"مرحلة تصدير المرتزقة والمليشيات"، معتبرة أنها أخطر من مرحلة سقوط الدولة الليبية وتدهور الوضع الأمني فيها بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
وأشارت إلى أن المرحلة السابقة شهدت "كارثة" انتقال السلاح الليبي إلى الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل الأفريقي وباتت ليبيا خلالها "مُصدراً لمختلف أنواع الأسلحة المهربة".
ووفق المعطيات الأمنية التي اعتمدت عليها المصادر الإعلامية الجزائرية، فإن الوضع في ليبيا انتقل، منذ 2020 إلى مرحلة "أشد خطورة" نتيجة ما قالت إن "هناك مؤشرات قوية على احتمال تصدير المرتزقة والمليشيات الأجنبية" إلى دول الجوار الليبي.
وهي الأزمة الجديدة التي طفت على أمن المنطقة وأصبحت مصدر قلق للمجتمع الدولي، ترجمه ذلك مجلس الأمن الذي ناقش أزمة المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا.
وبحسب المصادر الإعلامية ذاتها، فإن مخاوف الجزائر "من القادم" تبقى "موضوعية" وتستند إلى "معطيات أمنية دامغة"، أبرزها خطورة المقاتلين الأجانب وعناصر المليشيات الأجنبية خصوصاً بعد "الخبرة العسكرية المكتسبة والتي تصل لنحو 10 سنوات".
وبرزت تلك المخاطر في "الفاعلية القتالية لتلك العناصر الخطيرة البارزة في المواجهات العسكرية بالسنوات الأخيرة" والتي قد تتحول إلى "نواة صلبة لمجموعة مسلحة مستقلة"، وهو ما اعتبرته المصادر الأمنية الجزائرية "التهديد الأكبر للمنطقة".
الألغام التركية
وذكرت مختلف وسائل الإعلام والصحف الجزائرية في الفترة الأخيرة، أن قيادة الجيش الجزائري استنفرت قواتها على الحدود مع 3 دول وهي ليبيا والنيجر ومالي، مؤكدة أن الجيش الجزائري يسعى لمنع انتقال المرتزقة والمليشيات إلى أراضيه ومنطقة الساحل.
ونقلا عن مصادر أمنية لم تذكرها، أشارت صحيفة "الخبر" الجزائرية إلى "أوجه المخاطر القادمة من ليبيا" والتي تأتي كلها تحت عنوان واحد وهو "الألغام التركية" التي زرعتها في ليبيا وتركتها موقوتة ضد دول المنطقة، وقد تؤدي إلى المزيد من انفجار الأوضاع المتأزمة أصلا في منطقة الساحل من تشاد إلى مالي مرورا بالنيجر ونيجيريا والكاميرون.
واعتبرت الصحيفة أن ليبيا تشكل "المحطة الثانية أو الثالثة لمجموعة كبيرة من المقاتلين القادمين من سوريا والعراق" بعد انهيار تنظيم داعش الإرهابي في معاقله الرئيسية، وكذلك المرتزقة الأجانب الذين استقدمهم النظام التركي وفروا من سوريا بعد سيطرة الجيش السوري على أغلب مناطق البلاد.
كما أشارت إلى أسر المقاتلين، لافتة إلى أن ليبيا أصبحت "الملاذ الأقل ضررا لعائلات المرتزقة والدواعش القادمين من سوريا.
استنفار دبلوماسي
وتلتقي التقارير الصحفية المحلية بالجزائر مع التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية صبري بوقادوم الذي شدد على أن "انسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا" يبقى واحدا من أهم شروط إنجاح المصالحة الليبية وقيادتها إلى بر الأمان.
وخلال ترؤسه جلسة اجتماع مجلس الأمن والسلم للاتحاد الأفريقي، الأسبوع الماضي، دعا وزير الخارجية الجزائري إلى توحيد الجهود الأفريقية والأممية لمساعدة حكومة الوحدة الوطنية الليبية في تحقيق أولوياتها الرئيسية في خطة عملها، بما في ذلك تنظيم انتخابات عامة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وشدد بوقادوم على أن "التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الدائم الموقع في 23 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، بما في ذلك انسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب، وتنفيذ حظر الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى النشر الفعال لقوة وآلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة ليبية، لها أهمية قصوى إذا أردنا الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدتها وسلامة أراضيها".
وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن أكثر من 20 ألف بين مقاتل أجنبي ومرتزقة لا يزالون متواجدين في ليبيا، وسط تحذيرات خبراء أمنيين من "عدم وجود أي بوادر لانسحابهم من ليبيا"، رغم توصيات مؤتمر برلين الذي دعا إلى الخروج الفوري وغير المشروط لجميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.
منطقة جذب
الخبير الأمني أحمد كروش، اعتبر في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الأزمة الليبية مزمنة وليست وليدة اليوم، وتفاقمت مع استباحة أراضيها من القوات الأجنبية والمخططات الإرهابية، والأكثر من ذلك أنها أصبحت منطقة جذب للجماعات الإرهابية، واستعمال الجماعات الإرهابية كوسيلة من وسائل تصفية الحسابات لبعض الدول والاشتباك بين هذه الأطراف".
وأضاف أن "الكل يعلم ما تداوله الإعلام عن قيام تركيا بجلب أكثر من 20 ألف إرهابي من شمالي سوريا إلى ليبيا لمواجهة الجيش الليبي، وعند حدوث تسوية شاملة في ليبيا تؤدي إلى مصالحة دائمة بين الليبيين وهذا ما تسعى له الجزائر، فإن مصير هؤلاء الإرهابيين يصبح غامضاً وخطر تسللهم إلى دول الجوار يبقى قائماً خاصة وأنهم مجموعات إيديولوجية تابعة لتركيا تعتمد على تغطية دينية ولا تؤمن بين الحدود أصلا".
وبحسب تقارير إعلامية، فإن التحرك العسكري الجزائري على الحدود لا يهدف فقط لمنع تسلل الإرهابيين من الغرب الليبي إلى الأراضي الجزائرية، بل حتى لمنعهم من اختراق دول الساحل.
وأكد الخبير الأمني أنه "من المستحيل أن تبقى هذه المليشيات في غرب ليبيا، لأن هذا البلد الجار يتجه لينعم بالأمن والسلم، وبقاؤها يعني عرقلتها لأي حل سلمي للأزمة الليبية واستراتيجيتهم خلف بيئة غير مستقرة للعيش فيها، واحتمالات إرجاعهم إلى سوريا تبقى ضعيفة بالنظر إلى التسوية الحاصلة لحل الأزمة السورية".
وأشار إلى أن المخاوف الجزائرية تستند أيضا إلى "اللقاءات السرية التي جرت بتركيا مع حركة رشاد الإخوانية الإرهابية ما ينبئ بوجود أمر ما يتم التحضير له، لكن تبقى الحدود الجزائرية عصية على الجماعات الإرهابية التي فشلت مرارا في اختراق حدود البلاد، ولا ننسى أيضا أن تركيا جاءت بالجيش السوري الحر إلى الحدود الجنوبية في 2018 وألقي عليهم القبض بعد دخولهم للجزائر، وكلها كانت محاولات يائسة لاختراق الحدود الجزائرية".
وختم أحمد كروش تحليله بأن "أنقرة ستعمل على فتح ورشات جديدة لهؤلاء المرتزقة والإرهابيين، وهناك مناطق نزاع يُحتمل أن تنقل إليها أنقرة تلك المجموعات من بينها تشاد والقرن الأفريقي ودول الساحل، وسيعبثون بأمن المنطقة".
aXA6IDM1LjE3My40OC4xOCA= جزيرة ام اند امز