"رشاد" الإخوانية بالجزائر.. سجل حافل بالإجرام والإرهاب
بعد ربع قرن كامل، "تُوجت" حركة "رشاد" الإخوانية في الجزائر بلقب "التنظيم الإرهابي" لتُرسم وصمات العار الكثيرة التي لاحقتها.
وبجانب حركة "الماك" الانفصالية، باتت حركة "رشاد" الإخوانية "خامس" تنظيم إرهابي بعد "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" وتنظيمي "القاعدة" و"داعش" على قائمة الإرهاب في الجزائر.
- الجزائر تدرج حركتي "رشاد" و"الماك" على قوائم الإرهاب
- "رشاد حركة إرهابية".. غضب جزائري يكشف مخططات الإخوان
ومساء الثلاثاء، صنفت الجزائر رسمياً، حركتي "رشاد" الإخوانية و"الماك" الانفصالية "تنظيمين إرهابيين".
ولقي القرار الرسمي ترحيباً شعبياً واسعاً من قبل الجزائريين الذين أجمعوا في ردود أفعالهم على اعتبار، أمس الثلاثاء "عيدا وطنياً لعقاب الخونة"، فيما اعتبر آخرون بأنه قرار غير كاف "إذا لم تتبع السلطات قرارها بطلب إحضارهم لمحاسبتهم.
"رشاد".. الوجه الحقيقي لإرهاب الإخوان
ويؤكد خبراء أمنيون أن حركة "رشاد" الإخوانية تبقى أخطر تنظيم إرهابي في الجزائر، بالنظر إلى طبيعة مخططاتها المنسوخة من تجارب دول عربية ما زالت تعاني من ويلات الاقتتال الداخلي والتدخلات الخارجية، باعتمادها على "منظور الميليشيات المسلحة".
غير أن حقيقة حركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية تتعدى ذلك، وتكشف الحقائق الكثيرة بأن خطر هذا التنظيم الإخواني يتجاوز حدود الجزائر إلى "تنظيم إرهابي بأبعاد عالمية"، مرتبط بأخطر التنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش)، وبمخابرات أجنبية معروفة بأنها "القاعدة الخلفية لجماعة الإخوان" في العالم.
و"رشاد" هي حركة إخوانية إرهابية ولدت من الرحم المشوه "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية التي تسببت في مقتل زهاء ربع مليون جزائري خلال تسعينيات القرن الماضي، والتي عرفت بـ"العشرية السوداء" أو "المأساة الوطنية" وفق المصطلح الرسمي الوارد في قانون السلم والمصالحة الوطنية الصادر عام 2005.
وتزعم الحركة الإخوانية، معارضتها للنظام الجزائري، وتأسست في أبريل/نيسان 2007 من قبل 6 إخوان هاربين من العدالة الجزائرية في تهم تتعلق بالإرهاب والسرقة، قبل أن تتحول مع بداية ما يعرف بـ"ثورات الربيع العربي" إلى محاولة تنفيذ مخططات النظام التركي في المنطقة.
ومع نهاية 2018، أحبطت الأجهزة الأمنية الجزائرية أخطر سيناريو للحركة الإخوانية عندما فككت شبكات إرهابية في عدد من مناطق البلاد كانت تحضر نفسها "مليشيات مسلحة" وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة الحربية القادمة من تركيا وغرب ليبيا، وفق ما أكدته مصادر أمنية جزائرية في وقت سابق لـ"العين الإخبارية".
وتستعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير أخطر عناصر "رشاد" الإخوانية الإرهابية في الجزائر وعلاقاتها المتشعبة بالإرهاب ومخابرات دولية، ومختلف أسلحتها من الذباب الإلكتروني الإخواني إلى تشكيل ميليشيات مسلحة وفق مخطط مدروس لإعادة سنوات الدم في هذا البلد العربي الذي عانى كثيرا من ويلات الإرهاب الإخواني.
محمد العربي زيتوت
يصفه الجزائريون بـ"رأس الفتنة" وواحد من "أثريائها الجدد"، حيث بدأ المدعو زيتوت رحلته منذ سنة 1990، عندما "فر" إلى بريطانيا محملا بأموال منهوبة من السفارة الجزائرية في ليبيا والتي كان يعمل بها "سائقاً".
ثم دأب على الترويج لنفسه بأنه "دبلوماسي سابق"، قبل أن تتسرب وثائق تؤكد بأنه كان "مجرد سائق سفارة"، اختار اللجوء السياسي في بريطانيا بعد أن أثبتت تحقيقات الأمن الجزائري تورطه مع دبلوماسي في سفارة الجزائر بليبيا في سرقة أموال طائلة.
من هنا بدأ حقد الإخواني على الجزائر، ولحماية نفسه من أي ترحيل، لجأ إلى الأساليب ذاتها التي يعتمد عليها الإخوان وهي خيانة الأوطان، عندما "عرض نفسه عميلا لمخابرات أجنبية بينها مخابرات دولة عربية" بـ"رقم تعريفي وراتب مغري ثابت وتحفيزات وحسابات بنكية" وفق تأكيدات مصادر أمنية جزائرية لـ"العين الإخبارية".
انخرط على إثرها في منظمة "الكرامة" الإرهابية ناطقاً رسمياً لها، وعضوا بارزا في "مؤتمر الأمة" الذي يضم أخطر التيارات الإخوانية بالدول العربية والإسلامية.
مع بداية مع يعرف بـ"ثورات الربيع العربي" سال لعاب خراب جماعة الإخوان، كان بينهم الإخواني الجزائري محمد العربي زيتوت معول دمار في عدد من الدول العربية بينها سوريا وليبيا.
كان له دور كبير في الفتنة التي حدثت في ليبيا مع جماعة الإخوان في هذا البلد، عندما كثّف دعواته لليبيين لقبول تدخل حلف شمال الأطلسي للإطاحة بحكم معمر القذافي، عبر منصات إلكترونية وقنوات إخوانية فتحت له شاشاتها منذ عقدين كاملين لبث سموم الفتنة وتحريض الشعوب العربية على تدمير أوطانها.
ومع مواطنه الإخواني المدعو رضا بوذراع الحسيني، عميل المخابرات التركية، كان الإخواني زيتوت أحد أبرز الممولين لتنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي في سوريا بالمال والسلاح وفق ما أكده تقرير سابق للخارجية الأمريكية.
ومع بدء مظاهرات الحراك الشعبي بالجزائر في فبراير/شباط 2019، دعا الإخواني الهارب الجزائريين إلى ما أسماه "حمل السلاح ضد الجيش"، لتسقط عنه واحدة من أقنعة الفتنة ومص دماء الشعوب خدمة للأجندات الإرهابية لتنظيم الإخوان العالمي والمخابرات الداعمة لها.
وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2019 أصدرت محكمة جزائرية حكماً غيابياً بالسجن النافذ 20 سنة ضد الإخواني المدعو "محمد العربي زيتوت".
ووجهت المحكمة 3 تهم للإخواني الهارب إلى لندن على رأسها "التخابر مع دولة أجنبية" دون أن يذكر الحكم القضائي اسم تلك الدولة، رغم تأكيد المراقبين أنها "دولة قطر"، بالإضافة إلى "تهمتي التحريض ضد الجيش والسب والشتم".
وفي 22 مارس/أذار الماضي، أصدرت الجزائر مذكرات توقيف دولية ضد عناصر إخوانية هاربة بتهم تتعلق بالإرهاب كان من بينهم الإخواني زيتوت المقيم في بريطانيا.
ومع تصاعد المطالب الشعبية لتصنيف "رشاد" الإخوانية تنظيماً إرهابياً، حاول الإخواني زيتوت "التنكر" لكل ماضيه وحاضره الأسود وعلاقاته بالإرهاب والمخابرات الأجنبية وحتى للتنظيم العالمي للإخوان في محاولة يائسة لاستعطاف الجزائريين بخطاب "دولة القانون"، وهي المطالب التي أربكت مخططات الحركة الإخوانية الإرهابية والأطراف الأجنبية التي تقف وراءها بحسب خبراء أمنيين.
مراد دهينة
"إرهابي محترف ومتمرس" منذ تسعينيات القرن الماضي، منذ التحاقه بـ"الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية سنة 1992 بعد أن تلقى تدريباً على العمل الإرهابي المسلح في مخيمات تنظيم القاعدة الإرهابي بالسودان على يد زعيمه المقبور أسامة بن لادن، وهو اليوم "مفتي" الحركة الإرهابية بحسب شهادات منشقين عنها.
تمكن في 1993 من الفرار من فرنسا إلى سويسرا بعد أن اتهمته باريس بتجارة الأسلحة، وأصدرت بعدها الجزائر حكماً غيابياً ضده بالسجن 20 سنة، ثم مذكرة توقيف دولية عام 2012 في قضية "تكوين جماعة إرهابية" سنوات التسعينيات وأشرف على عمليات قتل فنانين ومواطنين خلال فترة تواجده بالجزائر، وفق مراقبين.
وفي 2004، كان الإخواني مراد دهينة من أبرز مؤسسي "منظمة الكرامة" الإرهابية ثم حركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية سنة 2007.
وخلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، ظهر الإرهابي مراد دهينة على إحدى القنوات الفرنسية، إذ صدم الجزائريين برده على سؤال عن أسباب عدم إدانة العناصر الإخوانية الهاربة والتابعة لـ"الجبهة الإرهابية للإنقاذ" لقتل الصحفيين والفنانين في الجزائر.
الإخواني دهينة أظهر في رده "تفاخرا" بعمليات القتل التي كانت تطال أي جزائري لم ينتم إلى الجبهة الإخوانية الإرهابية، ورد بالقول: "نحن لا نريد الغرق في الإعلام أو الاختيار أو إدانة الموت، لا أحد من هؤلاء بكى موتانا، على العكس الكل صفّق، البعض اختار طريق المواجهة وإثارة مجموعة من الشباب ودفعوا الثمن".
عباس عروة
أخصائي في الفيزياء الطبية وفيزياء الصحة، وتعرفه حركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية بـ"الخبير الدولي في السلم وحل النزاعات".
غير أن الحقائق المتسربة عن هذا الإخواني الجزائري تؤكد بأنه واحد من أخطر الإرهابيين المنتمين لحركة "رشاد" الإخوانية، وظهرت خبرته "في السلم" من خلال علاقاته بتنظيم القاعدة الإرهابي في الجزائر ومنطقة الساحل.
الإخواني عباس عروة من مؤسسي الجناح السياسي لما كان يسمى بـ"جبهة الإنقاذ" الإخوانية سنة 1990، ثم حركة "رشاد" الإخوانية بعد أن انتقل إلى سويسرا طالباً اللجوء السياسي.
وبات أحد العملاء البارزين في مخابرات دولة أجنبية وفق ما ذكرته تقارير صحفية لوسائل إعلام جزائرية، تمكن خلالها من تجنيد عدد من الأكاديميين العرب المحسوبين على التيار الإخواني لصالح مخابرات أجنبية الذين كانوا يعملون في جامعة دولة عربية معروفة بدعمها وتمويلها للإخوان.
للإخواني عباس عروة صلات وثيقة بتنظيم القاعدة الإرهابي خصوصاً فرعه في منطقتي المغرب العربي والساحل، وأحد المقربين البارزين من المفتي السابق للتنظيم الإرهابي وهو أبو حفص الموريتاني.
في الأعوام الأخيرة، فضح نشطاء جزائريون طبيعة العلاقة بين الإخواني عروة وتنظيم القاعدة، إذ قدموا أدلة عن تورطه في جمع الأموال وشراء الأسلحة لفرع القاعدة في الساحل، وتجنيد عناصر في صفوفه من خلال شراء الذمم مستغلين حالة الفقر التي تعيشها شعوب منطقة الساحل.
مصادر التمويل
واستنادا إلى المعلومات الكثيرة والدقيقة التي حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادر مختلفة بينها أمنية وأخرى في أوروبا، فإن لحركة "رشاد" الإخوانية مصادر تمويل متعددة سمحت لعناصرها بتكوين ثروة طائلة.
عائدات العمالة
أبرز تلك المصادر، عائدات التخابر مع مخابرات أجنبية، بعد تكليفهم بجمع معلومات من عملائهم في الجزائر عن الوضع الداخلي، وكذا من خلال التحريض على العمل المسلح والصدام مع الأمن، وتكثيف الأخبار المضللة والكاذبة عبر منصات التواصل.
ورصدت أجهزة الأمنية الجزائرية منذ 2019 عشرات الصفحات عبر منصات التواصل من دول أوروبية، وتقف ورائها حركة رشاد الإخوانية عبر عناصرها وعائلاتهم، تركز عل بث الفتنة والفرقة في المواضيع الحساسة أبرزها الجيش والهوية والعلاقات مع فرنسا.
تبرعات "الباي بال"
مصدر كبير آخر تجني منه حركة "رشاد" الإرهابية عائدات مالية ضخمة وفق ما تسرب من وثائق ومن شهادات منشقين عنها، والمتعلقة بـ"عائدات مواقع التواصل على رأسها اليوتيوب".
ويعتمد عناصر الحركة الإخوانية الجزائرية خصوصاً المدعو محمد العربي زيتوت على جمع التبرعات من المشتركين في موقع اليوتيوب عبر الموقع الخدمي "Pay Pal" أو ما يعرف بـ"البنك الإلكتروني"، عبر الاحتيال واستعطاف متابعيهم بقضايا إنسانية أو حقوقية.
تبييض الأموال
تملك الحركة الإخوانية الإرهابية عشرات الشركات "الوهمية" في أوروبا، والتي تقوم بعمليات تبيض للأموال أغلبها التي تتلقاها من دولة عربية معروفة بدعمها وتمويلها للتيارات الإخوانية.
وفي آب/أغسطس 2020، اكتشف الجزائريون حقيقة التنظيم الإخواني من خلال عدد كبير من الوثائق السرية المسربة والخطرة والتي كشفت حقائق كثيرة بينها ثمن العمالة لمخابرات أجنبية وتمويل الإرهاب.
ويمتلك غالبية أعضاء "رشاد" الإخوانية إمبراطوريات مالية على رأسهم الإخواني محمد العربي زيتوت، في عدد من الدول الأوروبية، ولجأت إلى حل بعضها سعياً للتهرب الضريبي وطريقة مثلى لتبييض الأموال وأخرى "شركات وهمية".