"الرَّحَّابَة" و"البَارودْ".. توابل الأعراس الجزائرية الأصيلة
فرق "الرَّحَّابَة" الفلكورية التراثية الممزوجة بطلقات البارود بقيت إلى يومنا هذا "النكهة التي لا بد منها" في أعراس وأفراح الجزائريين.
رغم دخول عدد من الأنواع الموسيقية العالمية إلى اهتمامات الجزائريين، ورغم التطور الحاصل في أعراسهم أيضًا، إلا أن فرق "الرَّحَّابَة" الفلكورية التراثية الممزوجة بطلقات البارود التي تدوي الأعراس، بقيت إلى يومنا هذا "النكهة التي لا بد منها" في أعراس وأفراح الجزائريين، خاصة سكان "الشَّاوية" في الشرق الجزائري.
"الرَّحَّابَة" موروث "لا مادي" جزائري أصيل، وهي رقصات تتماشى بشكل دقيق مع إيقاع غنائي وموسيقي، تضبطه الأرجل، إذ يعود تاريخها إلى قرون مضت، حيث تقول كثير من الدراسات أنها "رقصات تنتمي إلى حوض البحر المتوسط بالشمال الإفريقي".
أما عن تسمية "الرَّحَّابَة"، فالمقصود بها الترحيب بالضيوف في مختلف الأعراس والمناسبات، أما في اللهجة الشَّاوية فتسمى "ثارداست" أو "إرحابن"، وتعني الضرب بالأرجل على الأرض مع الغناء.
تتكون المجموعة الفلكلورية "للرَّحَّابَة" من 8 أشخاص أو 4، ينقسمون إلى 4 أشخاص أو شخصين، ويشرعون في الغناء والرقص بوضع الكتف على الكتف في صفين متقابلين، وفي حركة تتميز بالذهاب والإياب على إيقاع الدف أو كما يسمى في الجزائر "البندير"، وأحيانًا على نغمات الناي أو كما تسمى أيضا "القصبة"، ويغنون بصوت واحد نفس الكلمات التي تلتقي على إيقاع واحد، فيسمع الناس نغمة واحدة على شكل أهازيج مستمدة من التراث الجزائري الأصيل، وهو ما جعل المختصين في المجال الموسيقي إلى وصف "للرَّحَّابَة" بأنها سمفونية تجمع بين الغناء وحركات الأرجل في انسجام وتناغم رائعين.
كما ارتبطت أهازيج "للرَّحَّابَة" بتخليد عدد من المواعيد والمناسبات الأخرى، كازدياد مولود جديد، وخلال موسمي الحصاد والحرث، ودخول فصل الربيع.
وإن كان أصل هذه الفلكلور الجزائري القديم من منطقة "الشَّاوية" شرق الجزائر، إلا ما يميزها عن بقية الفرق الفولكلورية الجزائرية، أنها تعدّت الحدود الشرقية للجزائر، فتحولت إلى الفرقة الأولى المطلوبة في أعراس ومناسبات سكان الغرب، وبعض مدن الجنوب الجزائري، والأكثر من هذا أنها تلقى رواجًا كبيرًا في أوروبا، حيث تشهد الحفلات التي تقام في عدد من المدن الأوربية إقبالاً كبيرًا من قبل الأوربيين، ويتعدى الجزائريين خاصة في فرنسا.
أعراس تحت "طلقات" البارود
لا يكتمل وصف الأجواء التي تصنعها فرق "الرَّحَّابَة" دون الحديث عن استعمال البارود في أعراس عدد كبير من مناطق الجزائر، الممزوج بين التعبير عن الفرح أحيانًا، والتباهي أحيانًا أخرى، لكنها تشترك في الرغبة بصنع أجواء الفرح التي توارثتها الأجيال الحالية عن الآباء والأجداد.
وفي مدن الشرق لا يكاد يخلو أي عرس من سلاح "الفوشي"، فهو عندهم رمز البطولة والرجولة والشجاعة والشرف، فكانت هذه القطعة أول سلاح استعمله المجاهدون الجزائريون في بدايات الثورة التحريرية المجيدة.
ليتحول فيما بعد إطلاق البارود واستعمال "الفوشي" من أهم طقوس الأعراس الجزائرية، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من عادات وتقاليد كثير من المدن والقرى الجزائرية.
فصوت البارود المدوي مؤشر على الفرح واستقبال الجديد، وفي الأعراس تطلق العيارات النارية من "الفوشي" في السماء، وفي الأرض فرحًا وابتهاجًا بالعريس، أما موكب العروس فيخصص له استقبال صاخب ومدوٍّ من خلال إطلاق البارود بشكل فلكلوري يليق بإكمالهما نصف دينهما، بحسب سكان هذه المناطق.
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuMTUzIA== جزيرة ام اند امز