4 دلالات وراء التغييرات بمخابرات الجزائر.. سيطرة تبون أبرزها
التغييرات التي أحدثها الرئيس الجزائري على جهاز المخابرات تهدف إلى اجتثاث فلول النظام السابق واستمرار الحرب على الفساد
قال خبراء ومحللون سياسيون جزائريون، إن التغييرات الأخيرة التي أجراها الرئيس عبدالمجيد تبون، الأسبوع الماضي، داخل جهاز المخابرات، تعد استثنائية في توقيتها وتتوافق مع متطلبات المرحلة الراهنة.
وأقال الرئيس الجزائري، الأسبوع الماضي، العقيد كمال الدين رميلي مدير جهاز الأمن الخارجي والوثائق، وعين اللواء محمد بوزيت خلفاً له، كما كلف العميد عبدالغني راشدي برئاسة مديرية الأمن الداخلي خلفاً للعميد واسيني بوعزة.
وهما الشخصيتان العسكريتان اللتان أشرفتا على التسيير الأمني للأزمة السياسية التي مرت بها الجزائر، العام الماضي، إلى جانب قائد الأركان الراحل أحمد قايد صالح.
وفي تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية" أشار خبيران جزائريان إلى 4 دلالات حملتها تغييرات تبون في مناصب حساسة بالمؤسسة العسكرية.
وتتمثل هذه الدلالات في: تأكيد تبون قدرته على إحداث التغييرات داخل المؤسسة العسكرية واستبعاد فرضية أنه واجهة للجيش في حكم الجزائر، إضافة إلى مواصلة الحرب على الفساد.
ولفت الخبيران أيضاً إلى أن هذه الخطوة تؤكد عزمه على اجتثاث فلول النظام السابق من خلال تغييرات تتماشى مع طبيعة المرحلة، وقطع الطريق أمام الأطراف الموالية لفرنسا واستكمال تأميم كل مؤسسات الجزائر من الاختراق والنفوذ الخارجي بضباط من جيل الاستقلال.
ضرورة المرحلة
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، أشار الخبير الأمني الجزائري أحمد كروش، إلى أن القرارات عادية كون المرحلة الحالية "تتطلب تغييرات تتماشى مع أولوياتها من خلال مسؤولين قادرين على تسييرها".
وأضاف أنها "تتوافق مع صلاحياته الدستورية، وأن الرئيس الجزائري يسعى إلى "خلق ديناميكية جديدة في مؤسسة الجيش بعيداً عن الحسابات والشائعات التي روج لها مؤخراً".
واستبعد كروش أن يكون هذا الأمر مرتبطاً بما يسمى "صراع الأجنحة"، وشدد على أن "المؤسسة العسكرية الجزائرية بعيدة عن الصراعات الداخلية، وهي مثال للانضباط والعمل المشترك".
ونوه بأن القيادات السابقة في المؤسسة العسكرية "حافظت على أمن واستقرار البلاد خلال العام الماضي وأوصلتها إلى إجراء انتخابات رئاسية دون أي تدخل خارجي أو من أطراف داخلية.
تشكيك
وأجبرت التغييرات التي أجراها تبون على قيادات جهاز المخابرات ووزارة الدفاع، الرد على شائعات تفيد بوجود عملية اعتقالات لقيادات بالجيش.
ووصف كروش الشائعات المتكررة حول الجيش في الجزائر بـ"التشكيك المبرمج"، وأشار إلى أن الهدف من ورائها "هو نقد كل ما يأتي من المؤسسة العسكرية أو ما لا يتوافق مع أجنداتها التي لا تنجح إلا في حالات الفراغ الدستوري والفوضى".
ويرى الخبير الأمني الجزائري أن الجهات التي تقف وراء ما أسماه "تهويل التغييرات" داخل جهاز المخابرات، هي ذات الأطراف التي "حرّضت الجزائريين على الخروج إلى الشارع، من خلال برمجة عقولهم بفكرة أن فيروس كورونا هو صنيعة النظام الجزائري، ومؤامرة لإجهاض المسيرات يومي الجمعة والثلاثاء، ثم انتقدوا الحكومة على ما اعتبروه تقصيراً في اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمجابهة كورونا".
من جانبه، قال المحلل السياسي الجزائري عبدالرحمن بن شريط،إن اللغط الذي أثير حول الإقالات التي شملت مناصب حساسة في جهاز المخابرات في توقيت واحد، مرتبط أساساً بمحاولة "أطراف داخلية وخارجية تسعى لإعطاء انطباع أن المؤسسة العسكرية منقسمة على نفسها، وأن هناك شخصيات نافذة في الجيش يحملون أملا لقطع الطريق أمام المسؤولين الحاليين".
ووصف بن شريط لـ"العين الإخبارية" الدور الذي يقوم به الجيش الجزائري لمجابهة جائحة كورونا من خلال الجسر الجوي مع الصين لجلب المعدات الطبية بـ"العودة القوية" التي دفعت تلك الأطراف للترويج بزعم وجود "انقسام في الأجهزة الأمنية".
اجتثاث فلول النظام السابق
وأوضح أن التغييرات مرتبطة بـ"التحولات الكبرى التي تعيشها الجزائر واستمرار سياسة محاربة الفساد وغلق مصادر دعم وتمويل العصابة في مختلف القطاعات سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو إعلامية أو سياسية".
ولفت إلى أن ما تم من تغييرات داخل الجيش الجزائري "خطة متكاملة ومنسجمة، لكنها لم تصل إلى مبتغاها، لأنها تحتاج إلى مراحل للحفاظ على استقرار كل القطاعات، والجهاز الأمني، بما فيه الجيش والدرك والشرطة، لن يستطيع التحكم في الوضع إذا لم يصل إلى أدق التفاصيل".
ووفق المحلل السياسي، فإن التعيينات الجديدة داخل المؤسسة العسكرية تحمل في طياتها هدفين رئيسيين، وهما "تعيين كفاءات مؤتمنة، والثاني اجتثاث فلول النظام السابق أو التي تعمل بشكل أو بآخر لخدمة مصالح دول أجنبية".
ومن الأمور اللافتة التي كشف عنها الخبير الأمني أحمد كروش، أن الضباط المعينين مؤخراً في الجيش والمخابرات "من جيل الاستقلال وتلقوا تدريبهم في أكاديميات عسكرية جزائرية".
واعتبر الأكاديمي عبدالرحمن بن شريط أن ذلك "ساهم مجدداً في تجفيف منابع تسريب المعلومات الحساسة لأطراف أجنبية والتي بدأت مع القيادات السابقة للجيش والمخابرات"، ما يعني أن التغييرات الأخيرة "تحمل رسالة مشفرة موجهة لأطراف خارجية".
ويعتقد أن ذلك تأكد من خلال "ردود الفعل من قبل دوائر فرنسية وأذنابها على الشخصيات الحالية التي أصبحت تسير المؤسسة العسكرية، وسعيها قبل ذلك إلى محاولة استمرار المظاهرات في ظل هذه الظروف الصحية وتعفين الوضع، وهو ما يؤكد أن تلك الأطراف لعبت كل أوراقها إلى الرمق الأخير، وذلك الخطاب السياسي المشكك والمحرض يعد بوصلة لتوجه الجيش".
وأقال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الخميس الماضي، العقيد كمال الدين رميلي مدير جهاز الأمن الخارجي والوثائق، في ثاني تغيير بجهاز المخابرات خلال أسبوع.
وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، أن اللواء السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش بالإنابة، أشرف على تنصيب اللواء محمد بوزيت في منصب المدير العام الجديد للأمن الخارجي والوثائق، باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع الوطني.
ودعا قائد الجيش الجزائري العاملين في هذه المديرية إلى "الالتفاف حول قائدهم الجديد ودعمه ومساندته من خلال التزامهم، على جميع المستويات وفي حدود صلاحياتهم، بالقيام بالمهام المنوطة بهم بكل الصرامة اللازمة والمثابرة الضرورية، بما يكفل حماية المصالح العليا للجزائر".
aXA6IDE4LjIyNC41My4yNDYg جزيرة ام اند امز