بالصور.. جزائريون يتحدون محاولات تقسيم حراكهم بلافتات مُبدعة
مظاهرات الجمعة الـ11 بالجزائر توجه رسائل قوية بأساليب راقية وحضارية تُعبر عن تمسكها بوحدة هوية البلاد ورفض محاولات التفرقة
"لا للاستسلام"، لم يكن الشعار الوحيد في مظاهرات الجمعة الـ11 بالجزائر، أو لم يكن فقط دعوة للإصرار على مطالبه السابقة، بل كان أيضا شعاراً لعدم الاستسلام لتآمر الدولة العميقة ضد إرادة الجزائريين.. بحسب ما رصدته "العين الإخبارية" في المظاهرات الأخيرة.
- مئات المتظاهرين يحتشدون وسط العاصمة الجزائرية في الجمعة الـ11
- أسبوع الجزائر.. التحقيق في قضايا الفساد يتسع والجيش يدعو للحوار
مظاهرات عاد معها الزخم نفسه الذي انطلق به الحراك الشعبي قبل أكثر من شهرين، بمشاركة ملايين الجزائريين في جميع محافظات البلاد، بعد تراجعه في الجمعتين السابقتين.
وخلال الساعات الأولى من صباح الجمعة، كان الشعار البارز في مظاهرات الجزائريين "لا للاستسلام"، تأكيدا منهم على مطالبهم بضرورة رحيل جميع رموز نظام بوتفليقة ومحاسبة الفاسدين، ورفضاً لمحاولات الالتفاف عليها، كما قالوا.
غير أنه، ومع تزايد أعداد المتظاهرين في العاصمة الجزائرية وبقية المحافظات الجزائرية خاصة بعد صلاة الجمعة (الساعة 17:00 بتوقيت أبوظبي) واحتشادهم في ساحات الحراك بالملايين، تبين السبب وراء عودة الزخم للحراك الشعبي بعد تراجعه في الجمعتين الماضيتين.
ومن مناطق وساحات مختلفة، كانت المشاهد والمطالب والتحذيرات متشابهة في لافتات وشعارات الجزائريين الذين خرجوا بقوة للتعبير عن رفضهم "إخراج الحراك عن مساره والعمل على تفرقة الجزائريين من خلال محاولات تقسيم البلاد واللعب على وتر الهوية وتفريق شعبها بين عربي وأمازيغي" كما رصدته "العين الإخبارية".
ويكفي الغوص في تلك الأمواج البشرية كما فعلت "العين الإخبارية" بالجزائر العاصمة، أو متابعة الفضائيات الجزائرية التي نقلت المظاهرات من مختلف المحافظات، أو مشاهدة الصور التي نشرها الجزائريون عبر منصات التواصل، للخروج بتسمية أو توصيف لمظاهرات الجزائريين على أنها "جمعة اللاّءات".
فكانت جمعة لـ: "لا لبقاء رموز نظام بوتفليقة"، "لا للفساد"، "لا للعصابة"، "لا للالتفاف على مطالب الحراك" "لا لبن صالح وبدوي وبوشارب"، و"لا للتفرقة"، "لا لحزب فرنسا"، "لا للجهوية" (العشائرية)، "لا للعنصرية"، و"لا لتقسيم الجزائر".
وكشفت المظاهرات الأخيرة عن مخاوف وتحذيرات الجزائريين مما قالوا "إنها محاولات وخطط الدولة العميقة للعب على وتر هويتهم، وتفريق الجزائريين بين عربي وأمازيغي"، في وقت يقول كثيرون إن "تلك الحرب مشتعلة على مواقع التواصل ولا أثر لها في ساحات الحراك الحقيقي".
كثير من اللافتات شدّدت على أن "قضية هوية الجزائريين خط أحمر حسم فيها بيان 1 نوفمبر 1954"، وبأن الهدف من حراكهم "بناء الجزائر التي حلم بها شهداء ثورتهم التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي" (1954 – 1962) أو كما يسميه الجزائريون "إعادة بناء الدولة النوفمبرية".
وفي العاصمة الجزائرية، حمل المتظاهرون "48 علماً وطنياً للجزائر، يمثل كل علم منها اسم محافظة جزائرية"، كتعبير منهم على أن "علم الشهداء هو الوحيد الذي يجمع كل مكونات المجتمع الجزائري بعربه وأمازيغه" وليس أعلام أخرى كرّست بحسبهم "المزيد من التفرقة بين أبناء البلد الواحد".
وحمل المتظاهرون لافتات تتهم وتحذر مما قالت إنها "محاولات العصابة التصادم بين الشعب والجيش"، وكُتب عليها "العصابة تخطط لتصادم الشعب مع جيشه، فلنكن حذرين.. الجيش والشعب خاوة خاوة (إخوة) رغم تآمر العصابة".
ومن أبرز مظاهر الحراك الشعبي بالجزائر في جمعته الـ11 تلك المنافسة التي أطلقها الجزائريون بين بعض محافظات البلاد عن "أكبر وأجمل (لافتة ضخمة) تيفو" يُعبر عن مطالب الجزائريين في التغيير السلمي نحو الأفضل.
حيث صنعت "5 تيفوات" الحدث من أربع محافظات جزائرية تقع شرق البلاد، أُطلقت جميعها من مبانٍ شاهقة دلالة على حجمها، كما أبدع صانعوها في رسمها وكتابة شعاراتها.
الأول من محافظة "برج بوعريريج"، حيث كُتب عليه عنوان كبير باللغتين العربية والإنجليزية "الوطن، الحكمة، المستقبل"، رسم عليه المتظاهرون طريقين، واحدة تمثل "طريق الجزائر" والثانية "طريق على شكل أفعى تمثل الدولة العميقة ومن وراءها".
"التيفو" الثاني الذي صنع الحدث كان من محافظة "أم البواقي"، وكُتب عليه أيضا بالغتين العربية والإنجليزية "مستنقع السعيد.. Game Over" في إشارة إلى السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري المستقيل.
ومن محافظة "المسيلة" الجزائرية أبدع شباب الحراك في رسم "تيفو" عن "وحدة الجزائر"، رسموا فيه جزائريين من مختلف المناطق وبمختلف الألبسة التقليدية التي تمثل جنوب وشمال وشرق وغرب البلاد، تتوسطها يد مقبوضة وعلم الجزائر ومقام الشهيد.
كما صنع سكان محافظة "باتنة" لافتة كبيرة بعنوان "عقاب الشعب"، مع صورة لعلم الجزائر يتوسطها ميزان العدالة، وأسفلها رسم لقائد أركان الجيش الجزائري وهو يرمي أشخاصاً خارج القلعة ووراءه سجن به مجموعة من الأشخاص، في إشارة إلى دعم ومرافقة الجيش الجزائري لمحاربة الفساد.
ومن محافظة البويرة التي تعتبر أغلبية سكانها من الأمازيغ على غرار ولايتي باتنة (الشاوية) وبرج بوعريريج (القبائل)، أطلق المتظاهرون "تيفو" بعنوان "دماء شهدائنا وقود حراكنا"، مع رسم لرجل قوي يحمل بيده سيفاً كُتب عليه "عدالة مستقلة" يمثل "الجزائر" ومتجها لقطع "أخطبوط فرنسا في الجزائر" كما ظهر في اللافتة الكبيرة.
ورغم نجاح الحراك الشعبي الجزائري في الإطاحة بالرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، فإن المظاهرات مستمرة في أغلب المدن الجزائرية وتطالب برحيل جميع رموز نظام بوتفليقة و"اقتلاع العصابة" كما ورد في لافتاتهم وهتافاتهم.