إخوان الجزائر من معاداة الجيش إلى مغازلته.. ومراقبون: انهيار سياسي
الإخواني مقري يرحب بدعوة الجيش الجزائري للحوار بعد شهر من تهجمه وتشكيكه فيه واتهامه بحماية "نظام بوتفليقة" وأنه "خطر على الجزائر".
بعدما أفشل الحراك الشعبي والجيش ألاعيبهم ومراوغاتهم لتصدر المشهد، لا يزال إخوان الجزائر "من حين لآخر" يبحثون عن منفذ للخروج من خيبة الرفض الشعبي لأي دور لهم في الحراك، لإعادة التموقع في خارطة سياسية أكد مراقبون في وقت سابق لـ"العين الإخبارية" أن الحراك الشعبي غيّر إحداثياتها، ولن يكون فيها مكان لـ"المتلونين سياسياً".
- الحراك والجيش يُفشلان ألاعيب إخوان الجزائر لركوب الثورة
- محللون: رهان إخوان الجزائر على ركوب موجة الاحتجاجات "سيبوء بالفشل"
وبعد الإخواني جاب الله، انضمت حركة مجتمع الإخوانية إلى ركب "المتملقين والمغازلين" للجيش الجزائري ومنه إلى "بيت الطاعة"، معلنة "ترحيبها بمبادرة الحوار" التي دعا إليها قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح.
ودعت -في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله- إلى "الإسراع في تلبية مطالب الحراك"، رغم أن الحراك الشعبي وضع رئيسيها الحالي والسابق (أبوجرة سلطاني) على قائمة "المطالبين بالرحيل".
بيان الحركة الإخوانية، الذي جاء رداً على دعوة قايد صالح للحوار، جاء هذه المرة "مرحباً ومثمناً إلى حد التملق" كما وصفه متابعون، وذكر بأنها "تُرحب وتُثمن كل اتجاه صادق نحو الحوار الجامع والواسع الذي ترافقه وترعاه مؤسسات ذات مصداقية ، وأنها تدعو بالمناسبة للمسارعة في الاستجابة إلى المطالب الجامعة للشعب الجزائري المعبر عنها في الحراك الشعبي".
وبحسب المتابعين لموقف "حمس" الإخوانية الجديد، فقد كان دليلاً جديداً على "تغيير في لون مواقفها حسب مصالحها وطبيعة المرحلة، حتى وإن ناقضت مواقف سابقة لها وما أكثرها".
هجوم إخواني على الجيش
ومن خلال تتبع مواقف الحركة الإخوانية حتى قبل الحراك الشعبي السلمي في 22 فبراير/شباط الماضي، يتضح بحسب المراقبين أنها "حطمت الرقم القياسي في عدد المواقف المتناقضة خاصة تجاه دور الجيش في الأزمة"، واختلفت توصيفات المتابعين لذلك ما بين "ألزهايمر السياسي الذي أصابها" أو "فقدانها للبوصلة بعد كفّي الرفض الشعبي وصرامة مواقف المؤسسة العسكرية".
وفي البيان الأخير "رحبت" الحركة الإخوانية بـ"مرافقة ورعاية مؤسسة ذات مصداقية للحوار"، والمعروف بحسب الكثير من المراقبين أن المؤسسة الوحيدة في الجزائر التي بقيت محتفظة بقدر كبير من الإجماع والتوافق لدى غالبية الحراك الشعبي هي المؤسسة العسكرية.
غير أن ذلك لم يكن موقف الحركة الإخوانية على الأقل قبل شهر من إصدارها بيانها الأخير، إذ "شدد" رئيسها عبدالرزاق مقري لوسائل إعلام جزائرية يوم 31 مارس/آذار الماضي على أن الحركة مع "مرافقة المؤسسة العسكرية للوصول إلى الحل وتحقيق التوافق الوطني والانتقال الديمقراطي السلس".
وما يؤكد "رفض" الحركة الإخوانية "السابق" دور "رعاية الجيش" لأي مبادرة للحوار، حديثه في التصريح ذاته عن رفضه ما سماه "تحكم المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي والمعادلات الانتخابية".
وقبل ذلك، وبتاريخ 6 مارس/آذار الماضي، "اتهم" الإخواني مقري قائد أركان الجيش الجزائري بـ"حماية نظام بوتفليقة"، ووضعه في كفة واحدة من حيث "الخطر الوحيد على الجزائر"، ووصلت به "الثقة الزائدة" كما وصفها متابعون حد "الاستهزاء بأساليب تعبير قايد صالح وبمواقف الجيش من الأزمة".
ونشر الإخواني رسالة عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، زعم أنها رد على كلمة ألقاها قائد أركان الجيش الجزائري، ذكر فيها وبالحرف الواحد أن "الخطر الوحيد على النظام العام وعلى استقرار البلد هو النظام السياسي، سواء الذي أنت جزء منه وتقوم بحمايته أو الذي تحاربه وتوجه له رسائلك بأساليبك غير المباشرة"، على حد زعمه.
جرأة الإخواني مقري التي أظهر بيانه الأخير بأنها لم تكن إلا "كارتونية وبطولة وهمية" بحسب تغريدات جزائريين عبر منصات التواصل، حملت "تطاولاً وتشكيكاً صريحين" حتى على الدور والمهام الدستورية والمحورية التي يقودها الجيش الجزائري في حماية أمن البلاد.
وزعم في منشوره أن "الانهيار الاقتصادي حينما يوصلنا إلى الإفلاس ستصبح الميزانية الضخمة التي أبقت المؤسسة العسكرية قائمة عبئاً على المواطنين، وعندئذ ستجد أيها الفريق، أنت أو الذين يأتون بعدك، صعوبات في دفع أجور الجنود وصيانة السلاح وبالتالي حماية الحدود، ويضاف إلى هذه العوامل الاختراق والوصاية الأجنبية على البلد".
إفلاس إخواني سياسي
تدحرج مواقف حركة مجتمع السلم الإخوانية بالجزائر من "الطعن والتشكيك في دور الجيش الجزائري في حماية البلاد خلال الأزمة الأخيرة إلى مغازلته واستعمال أساليب التملق" أو كما تعرف في الجزائر بـ(الشيتة) وبشكل مفاجئ، فسره مراقبون على أنه "اعتراف منها بفشلها وإفلاسها السياسي، واقتناعها بأنها باتت على هامش المشهد السياسي وقاب قوسين من دخول متحف التيارات السياسية المرفوضة شعبياً".
ويتأكد ذلك من موقفها الذي عبرت عنه في 6 مارس/آذار والذي أظهر بحسب المراقبين "انزعاجاً وارتباكاً إخوانياً حيال موقف قيادة الأركان الصارم الذي حشر أجنداتها في اختراق الحراك وجعله ورقة ضغط تساوم بها".
ولم تكن عبارات التملق والتزلف في بيان الحركة الإخوانية الأخير وفق ما ذكره مثقفون جزائريون في منشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلا "اعترافاً بحالة الذل السياسي الذي وصلت إليه الحركة الإخوانية".
وبعدما "قطع الحراك الشعبي أرجل إخوان الجزائر التي حاولت رفسه بها لتصدره"، يقول مراقبون إن ترحيبها وتهليلها بدعوة الجيش الجزائري للحوار لم يأت إلا بعد "اقتناعها بفقرات أخرى من كلمة قائد الأركان الأخيرة"، عندما تعهد بـ"فتح كل ملفات الفساد وبأن مقصلة القضاء لن تستثني أحداً".
إضافة إلى حديثه "عن اطلاعه شخصياً على ملفات فساد ثقيلة سُلمت للعدالة"، وتورط "أحزاب سياسية في تلقي تمويل من رجال المال والدور المشبوه لبعضها مع أطراف خارجية وبالدولة العميقة".
وكشفت مصادر أمنية جزائرية لـ"العين الإخبارية" عن أن "حركة مجتمع السلم الإخوانية كانت من بين الأحزاب التي استفادت من قروض بنكية منذ تسعينيات القرن الماضي من البنوك الجزائرية ولم تسددها".
وأكدت أنها "استفادت من قرضين نهاية تسعينيات القرن الماضي والثاني أوائل الألفية الثالثة"، محددة قيمة أحد القرضين، التي قالت إن قيمته بلغت "16 مليار سنتيم جزائري أي ما يعادل أكثر من مليون دولار أمريكي".