باحث لـ"العين الإخبارية": التقارب الجزائري التونسي "يُرعب" الإخوان
لا يتوانى منصف المرزوقي الرئيس التونسي الأسبق منذ لفظه من قبل التونسيين عن كيل الحقد المجاني لبلاده وجارتها الجزائر.. فما السر؟
فمنذ خسارته كرسي الرئاسة التونسية عام 2014 بعد أن أدرك التونسيون مساوئه وضعف حكمه وخياناته وتواطؤه مع الإرهاب، لم يبق أمام المرزوقي إلا "حافة الطريق" ليرمي منها حجارته على الجزائر بمناسبة وبدونها.
بدت رغبة الرئيس التونسي الأسبق في الانتقام من الجزائر جلية بعد رفضها "التدخل" في الانتخابات الرئاسية ببلاده التي جرت في 2014 وأوصلت الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي إلى قصر قرطاج.
مصادر جزائرية مطلعة أكدت لـ"العين الإخبارية" أن "رفض الجزائر دعم المرزوقي في الانتخابات الرئاسية عام 2014 من منطلق عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول" يقف خلف هذه الكواليس.
وتزايد غضب المرزوقي من الجزائر بعد التحذير من "أنه كان واجهة لمخطط إخواني خطر ينوي إدخال المنطقة بكاملها في بيت طاعة التنظيم العالمي أو جرها نحو السيناريو الليبي لفرض منطق الخراب"، بحسب المصادر.
ويرتبط تعليق المصادر الجزائرية ذاتها بالتصريحات الأخيرة لمنصف المرزوقي التي كال فيها الاتهامات المجانية للجزائر والإساءة لسمعة بلده تونس.
وعلى مدار عام كامل، تفوه الرئيس الأسبق لتونس بتصريحات حاقدة أثارت الكثير من الجدل؛ حيث قال المراقبون إنها لم "تكن محض صدفة" بل تظهر كلما برز التقارب بين الجزائر وتونس، خاصة بعد القرارات التاريخية التي أصدرها الرئيس التونسي قيس سعيد منتصف هذا العام لوقف فساد وسطوة الإخوان ببلاده.
ولعل آخر التصريحات الصادرة عن "رئيس الصدفة" عندما حاول الاصطياد في المياه العكرة وتحديدا في الأزمة الجزائرية المغربية على حد وصف باحث جزائري لـ"العين الإخبارية"؛ حيث سعى إلى "تشويه" صورة بلاده تونس وكذلك تشويه مواقف الجزائر والمغرب المبدئية من قضاياها الجوهرية.
وأجمع كثير من المراقبين على أن تكالب المرزوقي طوال 2021 على البلدين تزامن مع بروز التقارب الجزائري-التونسي الذي وصل لمرحلة "التعاون الاستراتيجي".
تقارب اعتبره الباحث الجزائري "مزعجا ومخيفا ومرعبا" للتنظيم الإرهابي، منبها إلى الإخوان "خسروا مواقعهم المفروضة من الخارج بسبب التقارب بين الجزائر وتونس".
ألاعيب الإخوان
أما الباحث والأكاديمي الجزائري جمال محمدي المهتم والمختص في الشؤون التونسية، كشف لـ"العين الإخبارية" حقيقة تكالب منصف المرزوقي على الجزائر وتونس.
ولفت محمدي إلى أنه بصدد إصدار كتاب بحثي يفضح فيه ألاعيب ومخططات الإخوان، لرهن تونس والسطوة على قراراتها لصالح التنظيم العالمي.
ويبرز الأكاديمي الجزائري خلفيات قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد لإنقاذ بلاده من براثن الإخوان، فضلا عن أسباب نجاعتها واستباقها الخطر، قال إنه كان "داهماً على كل المنطقة وليس تونس فحسب".
وقال في حديثه لـ"العين الإخبارية": إن "تصريحات منصف المرزوقي وقبله راشد الغنوشي أو ما يسمى بـ(الإسلامويين) تخرج من أشخاص كان لهم الأثر السلبي على ما آلت إليه الأوضاع السياسية والاجتماعية في تونس لمدة 10 سنوات، وهؤلاء يحكمون باسم الإسلام وهم بعيدون كل البعد عنه".
وتابع: "حتى الممارسة السياسية والتعاطي مع المشكلات التي تعيشها تونس كانوا بعيدين عنها كل البعد، كان ولاؤهم دائما للأشخاص وليس للمؤسسات، هذا من جهة".
أما من جهة ثانية، فإن "تصريحات المرزوقي كلها تصب في تكريس التبعية الإسلاموية الإخوانية لأطراف خارجية، وهم يتهمون الرئيس قيس سعيد حتى قبل صعوده إلى الرئاسة أو أثناء الحملة الانتخابية بهذه الصفات، وتلك التصريحات ليست بالجديدة عن الوضع السياسي في تونس".
لماذا الجزائر؟
وعن سر الهجوم على الجارة الجزائري اعتبر الأكاديمي محمدي أن "الإخوان ينزعجون من أي تقارب يهدد مصالحهم، وهم يعلمون أيضا بأن الجزائر وتونس سندان وشقيقان".
وأضاف: "تونس كانت تاريخياً قاعدة خلفية للثورة الجزائرية، وبالتالي فإن الجزائر ليس لها تقارب سياسي فقط مع تونس، وإنما اجتماعي أيضا، ولها أيضا نفوذ على الساحة السياسية الدولية".
ويعني ذلك أن أي تقارب بين الجزائر وتونس يمس بمصالح هؤلاء (الإخوان)، وهذا هو التفسير البسيط لتصريحات المرزوقي، حتى زيارة قيس سعيد إلى مصر تم تأويلها وأُخرجت عن إطارها الصحيح والطبيعي، في حين أنها كانت زيارة عادية، وفقا لـ"محمدي".
أخونة المنطقة
وما بين هذا وذاك، أكد الأكاديمي الجزائري أن مشكلة الإخوان تكمن في أن ولاءهم يكون للأشخاص أكثر من الأوطان، فلديهم تنظيم يولون أهمية كبيرة لأشخاصه "قياداته".
وهنا يتساءل: "كيف تتصور أن الغنوشي يمتلك 40 سنة من العمل السياسي، والمرزوقي كانت له فرصة تصحيح رغم صعوده للحكم بفارق ضعيف بمعدل 7 آلاف صوت؟.. هذا ما يؤكد أنه ليس لديهم برامج (الإخوان) يستندون إليها وليسوا زعماء".
وتابع: "ليس من السهل أن تعطل مسار دولة من أجل تبعية خارجية لا تخدم الشعب ولا المنطقة ولا تمثل حتى الإسلام".
وشدد على أن قرارات سعيد تشرف منطقة شمال أفريقيا وحوض المتوسط، وهي تخدم الديمقراطية والمدنية، ويجب مع الوقت ذاته الأخذ بعين الاعتبار من الانتداب والهيمنة الإسلاموية (الإخوانية).
مستقبل تونس
ومن منظور استراتيجي، أكد الباحث والأكاديمي الجزائري جمال محمدي أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد لم تكن كما رُوج لها على أنها انقلاب على الديمقراطية أو على أسس الجمهورية أو شيء من ذلك.
وأضاف: "الإجراءات الاستثنائية جاءت تصحيحا لوضع ومسار سياسي خاطئ تم انتهاجه طوال 10 سنوات مضت، وأدت إلى إفلات الدولة التونسية، وتجويع الشعب كما يذكر دائما الرئيس سعيد، ومن التزاماته الدستورية كان عليه إنقاذ الجمهورية وتصحيح المسار السياسي والدستوري".
ونبه إلى أن الدستور التونسي تمت صياغته على أسس تخدم مصالح الإخوان الذين كانوا يهدفون إلى تركيع الدولة التونسية بتبعية للخارج، وبالتالي قرار 25 يوليو/تموز الماضي جاء لتصحيح احتقان سياسي وصلت إليه البلاد.
وكان على الرئيس سعيد اتخاذ هذا الإجراء الوطني والتاريخي إن صح التعبير لإعادة الأمور إلى مجراها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الدولة التي كانت مهددة بالانفلات والتبعية الخارجية التي ستمتد لسنوات أخرى، وهذا ما مكنه من وضع خارطة طريق سليمة للخروج من المأزق الذي آلت إليه خلال الـ10 سنوات الماضية.
aXA6IDUyLjE0LjEwMC4xMDEg جزيرة ام اند امز