حصار الحوثي لـ"العبدية".. مأساة تكشف تجارة المنظمات بالإنسانية
لم تحرك جريمة حصار 35 ألف إنسان في العبدية بمحافظة مأرب، ضمائر عشرات المنظمات الدولية التي غرقت في تبييض جرائم مليشيات الحوثي.
وكشفت العبدية (شرقي اليمن) زيف المتاجرين بالقضايا وإفرازات الحروب وتوظيفهم الورقة الإنسانية في بورصة الصراع والاستقطاب السياسي، سواء المنظمات الدولية الكبيرة أو أذرعها في الداخل اليمني.
ومن خلال المرور على آخر تحديثات المنظمات الدولية الكبيرة العاملة في المجال الحقوقي تغيب العبدية وهي أبشع جريمة حصار معلومة في الأعوام الأخيرة عن قائمة التقارير المحتفى بها بالنسبة لهذه المنظمات، وهو تجاهل مقصود وممنهج كما هو حالها مع كل جرائم الحوثيين.
وذات المنظمات التي تعامت عن ذكر ما ترتكبه المليشيات الحوثية في العبدية عبر بيان أو تقرير هي التي تسترت على جريمة حصار مدينة تعز طيلة 7 أعوام، بل إن وجه الحصار الأكثر سوادا هو منع الماء عن المدينة من منابعه في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي على حدود محافظة إب.
فما هو مؤكد أن سلم أولويات هذه المنظمات ليس الإنسان، وعملها ليس محايدا، ولعل حرب اليمن التي أفرزها الانقلاب الحوثي قد كشفت بجلاء، كيف تحولت منظمات ذات تأثير في مسار القرارات الدولية إلى أذرع سياسية للوبيات وجماعات ضغط تعمل دون كلل لصالح مليشيات الحوثي الانقلابية؟
تراخٍ واضح
غياب زخم الضغط الحقوقي من قبل المنظمات الدولية أفرز حالة من التراخي في المواقف الدولية السياسية تجاه جريمة حصار العبدية، وهذا ما ذهب إليه محافظ مأرب سلطان العرادة خلال حديثه مع مبعوث واشنطن إلى اليمن تيم ليندر كينج.
وتحدث العرادة عن التراخي غير المبرر للمجتمع الدولي تجاه الجرائم والتصعيد الخطير والانتهاكات التي ترتكبها مليشيات الحوثي بحق المدنيين في محافظة مأرب التي تضم ملايين النازحين.
وأخطر من تجاهل المنظمات الدولية لحصار العبدية هو السكوت على الخطاب الحوثي الخبيث الذي حول 35 ألف إنسان محاصرين في العبدية إلى دواعش وإرهابيين، في تصرف همجي لشرعنة القتل والتنكيل بحق القرويين البسطاء الذين يعرف الحوثي قبل غيره زيف اتهامه لهم.
وهذا ما قاله رئيس وفد المفاوضيين الحوثيين محمد عبدالسلام حين اعتبر المعارك في العبدية بين مليشياته وعناصر القاعدة وداعش، وهو خطاب ينضح بالتوحش والتبرير للجريمة والهمجية في التعامل مع آلاف الأطفال والنساء.
جريمة الحصار والتنكيل التي تشهدها قرى العبدية تضاف إلى سجل المليشيات الأسود بحق الإنسان اليمني، كما تضيف إلى قائمة المنظمات الانتهازية أرقاما جديدة بعد تعرية هذه المنظمات وهي تقف إلى صف القاتل الانقلابي والمجرم ضد الضحية الأعزل.
وقبل العبدية كانت ولا تزال محافظة مأرب التي تأوي نحو مليوني نازح مسرحا لسلسلة جرائم وانتهاكات تتقاسمها بوجع مناطق المحافظة طيلة عامين دون توقف ووصل الحال بالمليشيات الحوثية أن تقصف بصواريخ باليستية أحياء سكنية بل منازلا وبشكل مباشر.
افتقدت مأرب ذاك الزخم الدولي للمنظمات والدول وأذرع الأمم المتحدة حين كانت القوات المشتركة والتحالف العربي على أبواب مدينة الحديدة لتحريرها من رجس الحوثيين وجرائمهم الوحشيه بحق المدنيين.
وقفت المنظمات الدولية كحارس على بوابات الحديدة، وكانت تصدر كل يوم موقفا يحذر من الكلفة الإنسانية الكبيرة لتحرير الحديدة بينما كانت الخشية الحقيقية لهذه المنظمات من الكلفة التي ستدفعها المليشيات الحوثية بهزيمتها في الحديدة.
اليوم تدفع مأرب وكل اليمن ثمن ذاك التزوير للواقع والتورط اليمني في القبول بالضغط الدولي للتوقيع على اتفاق ستوكهولم، بينما كانت عملية تحرير الحديدة ستكتب الفصل الأخير من مغامرة الحوثيين الانقلابية.
العبدية مأساة عابرة للحدود وللقارات وستبقى وشما أسود على وجه أدعياء العمل الحقوقي والإنساني الذين انتصروا للقاتل على حساب أطفال العبدية ونسائها وكبار السن وكل من حل فيها، وفقا لمراقبين.