الحوثي والتهديدات البحرية.. أطماع إيرانية تخنق ملاحة البحر الأحمر
يمثل التواجد في البحر الأحمر نقطة ارتكاز مهمة باستراتيجية إيران منذ ثورة الخميني، وزاد الشغف مع رغبتها في التحكم بأهم الممرات الدولية.
ونظرا للمعطيات السابقة فضلا عن الرغبة في تهديد طريق التجارة العالمية، كان التواجد في البحر الأحمر، أحد الأهداف التي سعت إيران لتحقيقها.
ودائما ما رغبت إيران في توظيف وسائل ضغط جديدة لصالح مشروعها التدميري "البرنامج النووي والصاروخي"، وجعل طرق التجارة العالمية، مهددة باستمرار طالما تعرضت مصالحها للخطر.
ومن أجل تحقيق المطامع الإيرانية، عملت طهران على تزويد أدواتها الإرهابية في اليمن، ممثلة في مليشيا الحوثي، بالقوارب المفخخة والألغام البحرية وطائرات الدرونز، ووفرت وسائل التدريب لجعل هجمات مليشيا الحوثي على السفن التجارية، أكثر دقة.
- اليمن تحت قصف التغير المناخي.. عواصف الاقتصاد والتجارة
- انقلاب الحوثي يكبد الاقتصاد اليمني 90 مليار دولار في 7 سنوات
أتاح حصول المليشيات على القوارب الإيرانية ذات القيادة الذاتية التي يتم توجيهها عن بعد، في إطلاق الحوثي تهديدات متكررة بتحويل البحر الأحمر، أحد أهم الممرات الدولية، إلى ساحة للقتال.
ومع انقضاء العام الأول على إنقلابها، تحول التهديد الحوثي إلى ما يشبه "محاولات متكررة" لضرب سفن تجارية، وأخرى حربية طوال السنوات الماضية.
لكن تحالف دعم الشرعية في اليمن أحبط معظم تلك الهجمات، إذ عادة ما يكون إفشال تلك المحاولات في مراحلها الأولى، أي قبل أن يتمكن عملاء إيران من تنفيذها، باستثناء حوادث قليلة لم تشكل خطورة على إبحار السفن التجارة المستهدفة.
ورشة القوارب المفخخة.. ورقة إيرانية
مطلع العام الحالي، تم تحديد ورشة خاصة بتجهيز وتفخيخ القوارب التي تستخدمها مليشيا الحوثي، لتهديد حركة السفن التجارية في البحر الأحمر ، وتم تحديد الموقع قرب مدينة اللحية المطلة على سواحل البحر الأحمر والتي تقع على مسافة 110 كم إلى الشمال من مدينة الحديدة الواقعة بوابة اليمن الغربية.
وللتمويه، منعا لاكتشاف أمرها، اتخذت مليشيا الحوثي مرسى خاص بقوارب الصيد في بلدة "العلوي"، وهي بلدة معزولة كثيفة الأشجار ، كمركز صيانة وتجهيز للقوارب المفخخة، وفقا لمصادر "العين الإخبارية".
- اليمن يبحث عن شركاء لتطوير قطاع الطاقة.. محادثات في القاهرة
- خطة إنقاذ الريال اليمني.. هل يكفي وقف التعامل بـ"الدولار"؟
وبحسب شهادات المصادر العاملة في قطاع الصيد في محافظة الحديدة الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، قامت الجماعة المدعومة إيرانيا بتحويل القوارب الحديثة التي تم مصادرتها من الصيادين، إلى ذلك الموقع لإعادة تأهيلها، وتفخيخها بالمتفجرات.
يستخدم الموقع الذي يشرف على إدارته خبراء إيرانيين، في نشر الألغام البحرية، والتي وصل عدد من تم تفكيكها من قبل قوات التحالف العربي خلال الأشهر الأخيرة إلى 200 لغم بحري إيراني الصنع من نوع صدف في جنوب البحر الأحمر.
وبحسب رئيس مركز جهود للدراسات باليمن عبد الستار الشميري، فإن إيران لازالت ترى أن تواجدها في البحر الأحمر يعد تواجدا في خاصرة الخليج، وأن ذلك سيمنحها الإمساك أكثر بالأمن القومي العربي.
وقال الشميري لـ"العين الإخبارية" إن طهران ترى أن الإمساك بهذه الورقة أداة ضغط استراتيجية طويلة المدى للاستفادة منها في حواراتها المتعددة، لا سيما البرنامج الصاروخي الذي يثير الكثير من الجدل حوله.
وأضاف الباحث والمحلل السياسي اليمني، أن نشر الألغام البحرية تعد الخطوة الثانية من استراتيجية الإرهاب الإيرانية من أجل إقلاق حركة عبور السفن، وجعل المياه الإقليمية اليمنية غير آمنة.
ويوافقه الرأي رئيس مركز نشوان للدراسات عادل الأحمدي الذي يتذكر مقولة قديمة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أن "من يسيطر على مضيق باب المندب إضافة إلى هرمز، لن يحتاج إلى سلاح نووي".
وتابع الأحمدي: أظن أن مقولة الرئيس هادي تختصر الإجابة إذ أن التحكم بخطوط الملاحة الدولية عبر هذين المضيقين سيكون ورقة ضغط فعالة في كل اتجاه، وتقوم مقام السلاح النووي، وليس مجرد ورقة في التفاوض حول البرنامج النووي.
وواصل الأحمدي حديثه مع "العين الإخبارية" بقوله: إيران تريد أن تمسك بخناق المنطقة عبر التحكم بالمضائق البحرية ذات الأهمية العالمية، والمؤكد أن أي تهاون إزاء هذه المطامع الإيرانية في البحر الأحمر وغيره، ستقود إلى تقويض أمن وسكينة العالم لعقود من الزمن.
رفع تكلفة التأمين البحري
تسبب الإرهاب الحوثي في البحر الأحمر في رفع شركات التأمين من قيمة التغطية للسفن التجارية نظرا لكونها منطقة عالية المخاطر من 12 إلى 15 بالمائة.
ويُخشى أن يؤدي رفع أجور التأمين بعشرات آلاف الدولارات عن كل سفينة، إلى زيادة أسعار السلع والمواد الغذائية، ما يجعلها بعيدة عن متناول المواطن اليمني.
ويرى الشميري أن ارتفاع قيمة التأمين البحري يعد شيئا طبيعيا للإرهاب الحوثي المدعوم إيرانيا، فيما يعد المخاوف المتعلقة بارتفاع أسعار المواد الغذائية أمرا قابلا للحدوث.
ويقول إن الإرهاب الحوثي في البحر الأحمر، الذي يعد من بين أكثر الممرات الملاحية ازدحاما في العالم وتعبر آلاف السفن مضيق باب المندب عند طرفه الجنوبي سنويا، يرفع مخاطر عبور السفن غير أن التحالف العربي يتصدى للإرهاب الحوثي كأحد المهام التي قدم من أجلها.
ويوافقه الرأي الباحث الاحمدي، الذي يؤكد على ضرورة تأمين هذه الممرات المائية الدولية عبر تحرير المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وتجريدهم من السلاح مع البدء في ذلك بمدينة الحديدة اليمنية.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNS4xNzEg جزيرة ام اند امز