«دور تركيا في أمن الطاقة الأوروبي».. رؤية استشرافية لوزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي
اختص الدكتور ألب أرسلان بيرقدار، وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي «CNN الاقتصادية» بمقال حصري حمل عنوان: دور تركيا في أمن الطاقة الأوروبي.
«الجغرافيا قدر»، بهذا التعبير استهل وزير الطاقة التركي مقالته الحصرية لـ CNN، واستناداً لهذه المقولة لابن خلدون، يرى الوزير التركي أن تركيا تعيش الواقع الذي فرضته أراضيها، والسمات التي تنتقل من جيل إلى آخر هي ما تُميّز تركيا على أساس مبادئ المجتمع والإيثار، ويرسّخ هذا الفهم ركيزة سياسة تركيا الخارجية وشؤون الدولة لأكثر من 20 عاماً، وروعة ذلك تكمن في إمكانات البلاد غير المحدودة.
- السعودية تقفز للمركز الرابع عالمياً بمؤشر الخدمات الرقمية لعام 2024
- الهند تتفوق على الصين في أكبر مؤشر للأسهم القابلة للاستثمار في العالم
ويستطرد وزير الطاقة التركي ليؤكد أنه لا يمكن أن تقتصر رحلة تركيا لتصبح مركزاً للطاقة على موقعها الجغرافي فقط، لذلك أجرت الاستثمارات اللازمة في البنية التحتية، وفتحت أسواق الطاقة لديها أمام القطاع الخاص، وسهّلت النشاط التجاري، وتواصل تنفيذ دبلوماسية الطاقة (من خلال علاقات دولية تضمن تعزيز الوصول إلى موارد الطاقة والأسواق). حيث انتقلت تركيا الآن من دولة تعتمد على الطاقة لتصبح دولة قادرة على تلبية احتياجاتها واحتياجات الدول المجاورة وما أبعد من ذلك، إذ تقدّم البلاد خيار الوصول إلى السوق العالمية عبر الطرق التي تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
ثروة الغاز
وفي ضوء ما ذكره المقال من معلومات مهمة، فإنه في مواجهة تحديات أمن الطاقة، تدرك تركيا تماماً أهمية الغاز الطبيعي، خاصة الغاز الطبيعي المسال، والحلول المرنة للطاقة في أثناء فترة الانتقال الطاقي (من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة). وبالفعل، حددت معظم الدول أهدافاً للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية لمنع العالم من مواجهة الآثار المدمرة لتغيّر المناخ، ولا يمكن أن يحدث هذا الانتقال الطاقي إلّا من خلال العمل الجماعي وتفاني شركائنا والمنظمات الدولية. ومع ذلك لا تزال العديد من المناطق تعتمد على البنية التحتية القديمة، كما لا تزال التطورات التكنولوجية اللازمة لدمج الطاقة المتجددة بكفاءة -مثل تخزين طاقة البطاريات والشبكات الذكية- في مراحل تطورها، ما يجعل الانتقال بطيئاً في بعض المناطق.
وفي ضوء ذلك عززت تركيا تنويع الموارد من خلال البنية التحتية التي أنشأتها مع الدول المجاورة، فضلاً عن شراء وحدة إنتاج الغاز المسال العائمة التي سيظهر تأثيرها في السوق فوراً بعد بدء تشغيلها، بينما لا تزال هذه السوق التنافسية قيد التطور.
برنامج طويل الأمد
ويكشف وزير الطاقة التركي عبر سطور مقالته برنامج تركيا طويل الأمد للتنقيب عن الغاز، حيث يجري العمل على تطوير مشاريع خطوط الأنابيب الدولية، بما في ذلك مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول «تاناب TANAP»، الذي يُعدّ شرياناً حيوياً يوفّر الغاز الطبيعي لقارة بأكملها، ومن المفترض أن يمتد نحو أحواض تركمانستان متصلاً بممر الغاز الجنوبي عبر أذربيجان إلى جورجيا وتركيا ثم إلى أوروبا.
كما يتم العمل على تطوير مشاريع خطوط الأنابيب الدولية، بما في ذلك مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول «تاناب TANAP»، الذي يعد شرياناً حيوياً يوفر الغاز الطبيعي لقارة بأكملها.
ومع تزايد سياسات الانتقال إلى الطاقة الخضراء في أوروبا، تحتاج السياسات التي تهدف إلى التخلص التدريجي من الفحم إلى الغاز الطبيعي كوقود انتقالي لكي تتمكن الدول كافة من الوصول إلى أهداف الطاقة المتجددة التي ترغب فيها، دون تعريض الإمدادات للخطر أو ارتفاع أسعار الطاقة.
كذلك، فإن وظيفة خط الأنابيب «تاناب» واستخدام قدرات إعادة تغويز الغاز المسال تعني أن القارة الأوروبية لديها خيار لمواجهة مشكلة إمدادات الغاز الحالية.
المحفظة الاستثمارية
يرصد المقال التطورات الاستثمارية في الأشهر الأخيرة، حيث تجاوزت محفظة تركيا الاستثمارية الإطار التقليدي، إذ وقّعت تركيا اتفاقية للغاز الطبيعي المسال لمدة 10 سنوات مع شركة «إكسون موبيل» لتوريد 3.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال.
وفي 15 أغسطس/آب 2024، حققت سوق الغاز لدى تركيا رقماً قياسياً بعدما وصل إنتاج الغاز الطبيعي المحلي إلى 7.6 مليون متر مكعب يومياً، ما يوفّر الغاز الطبيعي لنحو 3.3 مليون منزل، وهو إمداد لم يكن لدينا إمكانية الوصول إليه قبل اكتشافات تركيا.
وبالإضافة للإمدادات من حقل الغاز «شاه دنيز»، زادت تركيا من قدراتها وإمكاناتها للوصول إلى ما هو أبعد من الدول المجاورة إلى وسط أوروبا، في إشارة إلى الصفقة الأخيرة مع «شل» لتوريد 4 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، وطالما هناك طلب على الغاز، فنحن جاهزون لتلبية الاحتياجات.
ووفقا للمقال، زادت تركيا من قدراتها وإمكانياتها للوصول إلى ما هو أبعد من الدول المجاورة إلى وسط أوروبا، في إشارة إلى الصفقة الأخيرة مع «شل» لتوريد 4 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال.
كذلك، أعلنت تركيا الصفقة الجديدة بين «بوتاش» و«توتال إنرجي» لتوريد طويل الأجل للغاز الطبيعي المسال لنحو 1.6 مليار متر مكعب سنوياً على مدى 10 أعوام تبدأ من عام 2027.
وتعتبر مشاركة تركيا الأخيرة مع الولايات المتحدة لتوريد الغاز الطبيعي المسال أمراً حاسماً لتحقيق التوازن وتنويع محفظة الغاز الطبيعي لدينا.
بنية تحتية قوية
بجانب تقنيات إعادة تحويل الغاز المسال القوية، والحديث لوزير الطاقة التركي، فإن خطوط الأنابيب مثل «تاناب» و«تورك ستريم» (يمتد من روسيا إلى تركيا)، و«بلو ستريم» (ينقل الغاز الطبيعي إلى تركيا من روسيا) و«باكو- تبيليسي- جيهان» (يمتد من أذربيجان إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط)، فضلاً عن خطوط الأنابيب بين إيران وتركيا والعديد غيرها تشترك في هدف واحد، هو القدرة على تسهيل انتقال الطاقة في جميع أنحاء المنطقة.
ورغم أن البنية التحتية التركية قوية وجاهزة للتمدد إلى أبعد مدى، فإن مثل هذه المشاريع تتطلب إرادة سياسية قوية، والالتزام والاستقرار.
دعوة تركية
ويحمل وزير الطاقة التركي دعوة تركيا إلى «انتقال ذكي للطاقة»، فبعدما وصلت إلى نقطة تتلاقى فيها أهداف الانتقال في مجال الطاقة والأهداف المناخية والمصالح الوطنية والنمو الاقتصادي والاستدامة، أصبح استخدام الغاز الطبيعي لا مفر منه في هذه المعادلة.
ووفي خاتمة المقال يحذر الوزير التركي في مقالته من تغيّر المناخ، واصفا إيه بأنه "خطر يلوح أمام المناطق التي يؤثر فيها، فعلينا رسم خارطة طريق تجمع المناطق الجغرافية معاً، وإذا كانت «الجغرافيا قدراً»، فلننمو ونزدهر معاً".
aXA6IDQ0LjE5Mi45NS4xNjEg جزيرة ام اند امز