نقول للرويبضة إن في الإمارات عقولا نيرة تعرف ما تريد وكيف تحصل على ما تريد وقت ما تريد.
تمر على المرء في هذا الزمان لحظات عصيبة وفتن عظيمة وذلك مما يرى من أحداث يشيب لها الولدان.
ومن ذلك ما يعيشه واقعنا العربي والإسلامي من فتن عظيمة أدت إلى تقسيمات و شروخ عاطفية في قلوب ومشاعر العرب تجاه بعضهم البعض.
ولكي نوضح الصورة بشكل أكثر تبسيطا وتيسيرا للقارئ هو ما نلحظه اليوم من العامة والخاصة على مستوى العالم بشأن خوضهم في جميع الأمور دون أي حدود شرعية أو أمنية أو وطنية، وكأن الذي أصبح يملك مفاتيح الكتابة في جهازه الذكي أصبح حاله وكأنه يملك العالم بأسره، وأصبح العارف بأمور الدين والدنيا، فنراه يشرّق ويغرّب في أمور لا يملك منها قطميرها.
وفي هذا الزمان أصبح الكثير من الرويبضة وهم التافهون من الناس يتكلمون في أمر العامة فنراه يفتي في أمور شرعية دقيقة وهو بالكاد يميّز بين الجملة الاسمية والفعلية، وأجزم بأن العديد ممن يخوضون في هذه الأمور الحساسة لا يفرقون بين المبتدأ والخبر، فضلا عن حروف الجزم والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك من أمور شرعية وسياسية وإدارية دقيقة، فنرى بعضهم أوصل نفسه لدرجة فضيلة الشيخ، أو الأستاذية، أو درجة الاستشارية والخبرة التخصصية، ونرى بعضهم قد صعد المنابر فأصبح يخطب بالناس في الجُمعِ والأعياد، سواء كان هذا الصعود حقيقة أو مجرد تصوير وتمثيل ولعب على ذقون الناس، وقد لبس بعض هؤلاء المفتونين عباءاتهم أو عباءات آبائهم الذين رحلوا عن الدنيا !!! وصوّروا لأنفسهم ولغيرهم بأنهم دعاة حقّ وجهاد ورباط، وأنهم ممن هاجروا في سبيل الله من دولهم إلى دول أخرى بحثا عن الحق والعدالة، فارتموا في أحضان غير أحضان أهليهم ولبسوا غير لَبْس أهليهم وتخلقوا بغير أخلاق أهليهم وأتمروا بغير أوامر أهليهم، فأصبحوا شرذمة قليلين ولأهلهم ولدولتهم غائظين، فنراهم يهيمون في الأرض على وجوههم لا لشيء سوى لأوهام باطلة رسموها في أذهان أنفسهم.
وأصبح هؤلاء الرويبضة يتكلمون نيابة عن دولة الإمارات العربية وشعبها الكريم، وكأنه ليس في الإمارات رجال و أخوات الرجال و أمهات الرجال و بنات الرجال ، وأصبحوا يتكلمون عن الإمارات وأهلها وكأن شعبها الكريم يقاد إلى مجهول. عجبا لمثل هؤلاء الرويبضة ممن أساؤوا الأدب أولا مع أنفسهم من خلال الكلام فيما لا يعنيك ثم الأدب مع شعب كريم متنوع الخبرات والثقافات والمعرفة متوحد الدين لله عز وجل و متوحد الانتماء والولاء للوطن وللقيادة.
نقول للرويبضة بتنوع أجناسهم ومسمياتهم ومختلف درجاتهم الدينية والعلمية والوظيفية حنانيك حنانيك على نفسك أولا، وعلى صحيفتك يوم القيامة من دعاء شعب الإمارات عليك وعلى أمثالك ، وذلك على سوء أدبك وقلة حيائك وتجاوزك حدودك ، ونقول لك إن في الإمارات رجالا ونساء شيبا وشبابا أقسموا بالولاء المطلق للوطن وفي ذمتهم بيعة للوطن ولقيادتهم وهم محاسبون على بيعتهم، وبيعتهم صادقة ليست كبيعتكم للمرشد الإخواني أو المرشد المجوسي أو للعصملي .
ونقول للرويبضة إن في الإمارات عقولا نيرة تعرف ما تريد وكيف تحصل على ما تريد وقت ما تريد، وأن في الإمارات شعارا يعيشه شعب الإمارات ليلا ونهارا وهو اللامستحيل ، وأننا نفخر بوطننا ونفخر بإنجازاتنا ونفخر بعطاءاتنا العربية والإسلامية والإنسانية، وشارك رجال ونساء الإمارات في عدة مهمات إنسانية ومنها حروب فلسطين وحرب أكتوبر ١٩٧٣ وقوات الردع العربية في لبنان، وفي تحرير الكويت وفي الصومال وأفغانستان وغيرها وغيرها، ونفخر بتاريخنا الذي كافح ضد كل محتل وغاصب ونفخر بحكامنا واللذين نحبهم ويحبوننا، ونفخر بهم ويفخرون بنا، وعجبا لمن يحشرُ نفسه بين هذه العلاقة الودية، ونعجب من كمية أطنان الحقد والغل .
ونقول للرويبضة مثل ما قال الشاعر عمرو بن كلثوم "ألا لا يجهلنّ أحدٌ علينا ....فنجهل فوق جهل الجاهلينا"
ونقول إن في الإمارات رجالا ونساء بإمكانهم أن يردوا على أصحاب الفتن مثل ما يقولون وأكثر، وأن في الإمارات قادة نفخر بقدرتهم على الرد المناسب، لكن ولأننا عيال زايد وتربينا على أصول التربية والأخلاق، تأبى أخلاقنا وقيمنا مجاراة السفهاء، وإن كنت شخصيا أنوي أن أكون يوم القيامة خصيم كل من تجاوز على وطني وقادتي وتجاوز علي بالتكلم نيابة عني .
وهنا قد نطرح سؤالا بريئا على دعاة الفتنة ممن يهيجون عوام الناس و الرويبضة، ما هو الأولى في شرع الله تعالى هل طاعة ولي الأمر الشرعي في المنشط والمكره وفيما نحب ونكره؟ أم مجادلتهم في كل صغيرة وفي كل كبيرة وإثارة الفتن والقلاقل؟ أجيبونا بجواب يكون شفيعكم يوم القيامة. والذي يعنينا هنا، ليس دعاة الفتنة والرويبضة ولا أتباعهم من بني جلدتنا الذين باعوا عقولهم قبل أجسادهم لغيرهم، فأصبحوا معاول هدم في نسيج بناء البيت المتوحد في كيان وطنهم .ولكن الذي نعنيه هنا ويهمنا أمره هم أبناء الإمارات المخلصين لهذا الوطن الغالي، الذين يترجمون ترجمة عملية لقسم الولاء والانتماء لهذا الوطن، وعندما نقول " قسم الولاء "، فإننا نعني ذلك القسم الذي رددته قلوبنا قبل ألسنتنا، وأفئدتنا قبل جوارحنا، هذا القسم الذي ندين الله عز وجل به، ونأمل أن يكون حجة لنا يوم القيامة بأننا أطعنا ولاة أمرنا الشرعيين طاعة لله وامتثالا لأمر نبيه الكريم بلزوم طاعة ولاة أمرنا الشرعيين.
ولا شك بأن الأحداث الأخيرة التي يمر بها العالم هذه الأيام من طوائف التكفير والتخوين وحوادث الهرج والمرج والاقتتال في كل مكان والانقلابات هنا وهناك، وفتن الجرأة والتطاول على الحكام وولاة الأمر، كل هذه الأمور جعلت عوام الناس في حالة عدم اتزان وعدم ثقة في أي جهة كانت، الأمر الذي نتج عنه ضعف الإيمان لدى البعض أو التشكيك في الآخرين لدى البعض الآخر.
والذي نريد قوله في هذا المقال ... هو كلام موجه لأهل الإمارات خاصة، ولمن أراد العظة والفائدة من غيرهم ... نحن في الإمارات بخير ولله الحمد والمنّة، ولقد حفظ الله بلادنا من هذه الفتن التي تمر بالعالم، فعلينا شكر الله عز وجل على هذه النعمة، وعلينا مضاعفة الشكر أضعافا مضاعفة، وعلينا إخراج صدقات الشكر أن سلّمنا الله من هذه الفتن وأن يديم علينا هذه النعمة وأن لا يغرننا تقلب أهل الفتن والفجور في البلاد ومعهم الفتنة والظلام .
ومن صور شكرنا لله عز وجل هو ضرورة التفاتنا حول ولاة أمورنا الشرعيين وهم حكامنا الكرام . ومن صور الشكر الدعاء الصادق لولاة أمرنا بالهداية والصلاح والتوفيق والسداد، وأن ندعو لهم سرّا وجهرا، ليلا ونهارا .ومن صور شكرنا لله هو أن نحب بلدنا الإمارات دون قيد أو شرط ، سواء أُعطينا أم لم نُعطَ، فالولاء والانتماء لا علاقة لهما بالمنع أو المنح .
ومن صور شكرنا لله هو أن نبتعد عن مواضع الفتنة والتي تثير الضغائن والفتن، والذي نعتقده أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون مرتعا خصبا لذلك، إن لم نحسن التعامل الذكي معها.
ولنتذكر حديث سيد البشر " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يَصْب دما حراما "، وقد تكون وسائل التواصل الاجتماعي سببا في قتل الناس، القتل الالكتروني إن شئتم تسميته، اذا تم استخدامها بشكل تحريضي، وهنا نذكر الجميع بقول الشاعر "مامن كاتب إلا سيفنى ....ويبقي الدهر ماكتبت يداه/ فلا تكتب بكفك غير شيء ...يسرك في القيامة أن تراه ".
انتهت كلمات كاتب هذه السطور ولم تنته همومه تجاه الفتن العظيمة في أمة العرب والمسلمين نتيجة ما فعله دعاة الفتنة والضلالة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة