رؤية الإمارات التي تتمحور حول إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وتأكيدها على مسألة حل الدولتين.
دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة على دعم القضية الفلسطينية وحماية الحقوق العربية، والتركيز على أهمية توطيد علاقات التعاون والتنسيق فيما يخص العرب أنفسهم، وجعل الساحة العربية منطقة أمنٍ وأمان وسلمٍ وسلام، بعيداً عن الحروب المدمرة والصراعات المتفاقمة التي أدت بمجملها إلى إحداث الدمار والويلات.
وتأتي معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية، لوقف مفرزات صفقة القرن وما آلت إليه من نتائج بمضمون بنودها القاضية بضم مساحة من الضفة وغور الأردن والمستوطنات، والتأكيد على اعتبار القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، والتحرك معاً باتجاه استئناف المفاوضات الثلاثية، مع الإبقاء على الجسور مفتوحة ما بين الأطراف المعنية، وبتواصل أفضل ودون انقطاع، وصولاً إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية.
وموقف دولة الإمارات يتجلى من خلال دبلوماسيتها الصحيحة الواضحة لمجريات الأحداث، وتفهمها العقلاني لطبيعة الأهداف والحقائق في وقت ازدادت فيه الأوضاع انحداراً وسوءاً على الساحة العربية، وبات استقرار المنطقة وأمنها الاستراتيجي أمراً لا غنى عنه، واستناداً إلى المبادرة العربية بخصوص إنهاء الصراع القائم وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، تبذل الإمارات جهداً كبيراً ومتميزاً لإحقاق متطلبات السلام العادل والشامل وإعادة الحقوق العربية وحل الدولتين.
سعي الإمارات للسلام على الدوام ينطلق من ركائز أساسية لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وكل ما تتوخاه أن تكون النتائج مرضية لمصلحة العرب قومياً، لا أن تكون هذه النتائج سلبية، فالحل وبرؤية إماراتية سيكون شاملاً، ويتطلب التزام إسرائيل بشروط السلام وحقائقه الراسخة، ولن تقبل الإمارات إلا أن تكون إلى جانب عدالة القضية الفلسطينية وبسلام شامل.
وتدرك دولة الإمارات خلال العقود الماضية، السيناريو الإسرائيلي للسلام الذي يعكس تهربها من متطلبات قرارات الشرعية الدولية، فقطاع غزة مازال تحت وطأة الاحتلال واتفاق أوسلو ترك الأرض نهباً للتهويد والاستيطان، ووادي عربة قضى بضم أرض أردنية لإسرائيل فضلاً عن تسليم حوض اليرموك تحت بند التأجير دون مقابل لمدة خمس وعشرين سنة قابلة للتجديد، والقدس ما عادت عربية، ومعظم رؤساء أمريكا أعلنوا أكثر من مرة رفضهم إقامة المستوطنات، فالرئيس جورج بوش ووزير خارجيته جيمس بيكر قد أعلنا سابقاً أكثر من مرة أن إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، تُعتبر أكبر عقبة جدية تعترض طريق السلام.
وأمام هذه المواقف أصرت دولة الإمارات على إيقاف إسرائيل تنفيذ الضم الذي يشمل أجزاء من غور الأردن والأراضي الفلسطينية بنسبة أكثر من ثلاثين بالمئة من مساحتها، وإذا نفذت هذه الخطوة فإنها تشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وتوجه ضربة مدمرة لحل الدولتين، وتغلق الباب أمام تجديد المفاوضات، وتهدد الجهود المبذولة لدفع السلام الإقليمي.
ويتعين على الولايات المتحدة الضغط على الحكومة الإسرائيلية حليفتها الرئيسية، وتبيان أنه لا يمكنها الحصول على الأرض والسلام معاً، وينبغي استئناف المفاوضات الثنائية المبنية على القانون الدولي وأن لا مفاوضات مع صفقة القرن، مع ضمان عدم قيام إسرائيل بخطوات غير مشروعة أو أحادية كالاستيطان والضم.
إن رؤية التي الإمارات تتمحور حول إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وتأكيدها على مسألة حل الدولتين، تنبع من أهمية وضرورة إنعاش عملية السلام، وتجنيب المنطقة المخاطر المحدقة فيها، مستثمرة في ذلك دورها القومي ورصيدها الإنساني ودبلوماسيتها العالمية.
وبذلك فإن عملية السلام أصبحت على المحك تجاه تطبيق قرارات مجلس الأمن، وكل مبتغى القيادة الإماراتية أن لا تصطدم هذه الجهود وكالعادة بجدار الرفض الإسرائيلي، والمطلوب في هذه المرحلة موقف حاسم وقوي وذو تأثير من الولايات المتحدة للضغط بشكل جدي على إسرائيل سياسياً واقتصادياً، بغية انصياعها لتنفيذ قرارات الهيئة الدولية بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، ذلك ما تسعى إليه القيادة الإماراتية بكل جهد ومتابعة، سياسياً ودبلوماسياً وقومياً تحقيقاً للأمن والسلام في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة