تقرير: ترقبوا أزمة مالية أمريكية والتشديد الكمي يجب أن يتوقف
قال تقرير لصحيفة ذي إيكونوميست أنه يجب أن يتوقف برنامج التشديد النقدي قبل أن يخاطر بإثارة أزمة تدعو إلى العودة إلى التيسير الكمي.
وبعد اجتماعه في 14 يونيو/ حزيران، أبقى الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة دون تغيير، بدلاً من رفعه، لأول مرة منذ يناير/كانون الثاني من العام الماضي وذلك على أن يكون هناك زيادة أو اثنتان أخريان في أسعار الفائدة.
وتحول الجدل الرئيسي بين مراقبي بنك الاحتياطي الفيدرالي من معدل الرفع إلى المدة التي سيظل فيها هناك قبل خفضه.
واليوم الخميس، دافع رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول عن ترجيحه الحاجة إلى مواصلة رفع أسعار الفائدة على الرغم من التأثير المحتمل لذلك على الوظائف.
وفي مستهل ثاني أيام شهادته أمام الكونجرس، واجه باول تساؤلات من شيرود براون السناتور الديمقراطي الذي يشغل منصب رئيس لجنة الشؤون المصرفية في مجلس الشيوخ إزاء احتمال أن تؤدي جهود البنك المركزي للسيطرة على التضخم إلى فقدان أفراد الأقليات العرقية لوظائفهم على نحو غير متناسب.
وقال براون "ما يصفه محافظو مجلس الاحتياطي الاتحادي بأنه ‘تهدئة ‘ (لسوق العمل القوية)، يصفه العامة حيث أعيش بأنه تسريح".
ورد باول "الأسر العاملة تعاني على نحو أكثر مباشرة وأسرع جراء التضخم"، مضيفا أن مسؤولي المجلس في هذه المرحلة يشعرون بأنه "سيكون من الملائم رفع أسعار الفائدة مجددا هذا العام، وربما رفعها مرتين، بافتراض أن أداء الاقتصاد سيسير مثل المتوقع".
فيما اعتبر تقرير ذي إيكونوميست أن هذه مشكلة معقدة ومما يزيد من تعقيدها هي أن الأسعار الأساسية في أمريكا باستثناء المواد الغذائية والطاقة ارتفعت بنسبة 5.3٪ في العام الذي ينتهي في مايو/أيار، كما أنها ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه الاحتياطي الفيدرالي.
وانشغل الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي في تقليص مخزونه الضخم من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، والتي انخفضت قيمتها الاسمية من 8.5 تريليون دولار إلى 7.7 تريليون دولار.
التيسير الكمي
وتم تجميع هذه المحفظة الضخمة من خلال برنامج التيسير الكمي التابع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي اشترى من خلاله سندات بأموال تم طباعتها حديثًا وذلك تحديدا تم خلال فترات بدءا من الأزمة المالية العالمية في 2007-2009 وجائحة كوفيد .
وقد أغرقت الأسواق بالسيولة ودفعت المستثمرين القلقين إلى شراء الأصول ذات المخاطر العالية - لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان يشتري بالفعل الأصول الأكثر أمانًا، مما أدى إلى انخفاض عائداتهم مما أدي استمرار تدفق الائتمان وغيره من رأس المال المحفوف بالمخاطر إلى الاقتصاد الحقيقي.
وانتقد عدد من الخبراء هذا المنحى من جانب الفيدرالي ووصفوه بطباعة نقود بشكل متهور.
وقد تؤدي عودة التضخم المرتفع إلي مرحلة تشديد كمي كما يؤدي شراء سندات الخزانة إلى خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل إلا أن اختفاء المشتري يجب أن يرفعها، مما يكمل التأثير المشدد لارتفاع سعر الفائدة على المدى القصير من بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وإذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يشتري سندات الخزانة، فلا بد من أن شخصًا آخر يحتفظ بها وهذا يعني أنهم لا يشترون أصلًا أكثر خطورة مثل الأسهم أو سندات الشركات، مما يقلل من المعروض من رأس المال إلى اقتصاد محموم لأن كلا التأثيرين يجب أن يحد من ارتفاع الأسعار.
وفي حال ارتفاع التضخم مجددا يمكن أن تؤدي طباعة النقود إلى مشاكل كارثية ولذلك يجب أن يثبت الاحتياطي الفيدرالي أنه على استعداد لجمع الدولارات وكذلك ضخها.
وقف الشديد الكمي
ولابد من أن تقترب دورة تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي من نهايتها، فقد يفكر المسؤولون في خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل مرة أخرى، خاصة إذا ظهرت تصدعات اقتصادية. أما الاستمرار في الضغط على المدى الطويل في تلك المرحلة سيكون أقرب إلى قيام السائق بالضغط على دواسة الوقود والفرامل في نفس الوقت.
أما السبب الأكثر إزعاجًا هو أنه، تمامًا مثل رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل، يمكن أن يتسبب التشديد الكمي في إلحاق الضرر بالاقتصاد.
ودفعت المرة السابقة من التشديد الكمي من عام 2017 إلى عام 2019 إلى شبه فشل أسواق المال - المكان الذي تقترض فيه الشركات لتلبية احتياجات التمويل الفورية، وقام بنك الاحتياطي الفيدرالي بحل المشكلة من خلال تسهيلات الإقراض الطارئة التي أصبحت دائمة منذ ذلك الحين. كما كان يجب حينها أن يتوقف التيسير الكمي.
وهذه المرة سيكون سوق الأوراق المالية مهددا بما من شأنه أن يهدد الاستقرار المالي فيما ستكون أزمة السيولة الأوسع - أسوأ.
ومن المتوقع أن تتأثر أسواق الائتمان، التي كانت تواجه مشاكل بالفعل في أعقاب العديد من إخفاقات البنوك وتزايد حالات التخلف عن السداد.
وفي غضون ذلك، قد تؤدي وزارة الخزانة الأمريكية لامتصاص مزيد من السيولة، إذ يجب أن تبيع أكثر من تريليون دولار من الديون على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة لإعادة بناء احتياطياتها النقدية.
على الرغم من صغر الحجم المثالي للميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي، فقد يكون الانكماش أكثر من أي وقت مضى أمرًا خطيرًا. ولذلك يجب أن يتوقف برنامج التشديد النقدي قبل أن يخاطر بإثارة أزمة تدعو إلي العودة إلى التيسير الكمي.