"العين الإخبارية" تحاور نائب رئيس "الفيدرالي الأمريكي" بأتلانتا.. "سيناريو محتمل" لانهيار دومينو البنوك
يخشى جوناثان ويليس، نائب الرئيس وكبير الاقتصاديين في بنك الاحتياطي الفيدرالي بأتلانتا، من أن يؤدي رفع أسعار الفائدة الأمريكية بوتيرة أكبر إلى تفاقم الاضطرابات التي تعاني منها السوق المالية حاليا.
ومنذ الانهيار المفاجئ لبنك "سيليكون فالي" التي أغلقته السلطات الأمريكية وسيطرت على أصوله، تتزايد المخاوف من أن تسري "عدوى" بين البنوك الأخرى سواء في أمريكا أو عالميا، تقود لانهيارات مصرفية أخرى.
ويقول ويليس في حوار خاص مع "العين الإخبارية"، إن المؤسسات المالية بدت "غير مستعدة" للتأقلم مع زيادات كبيرة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
- عبير الشرقاوي: يحيى الفخراني تنمر عليّ.. وسمير صبري عاملني بسوء (حوار)
- برلمانيون وخبراء أتراك لـ"العين الإخبارية": زيارة جاويش أوغلو لمصر خطوة لحل الخلافات
والفائدة المرتفعة كانت أحد أهم أسباب انهيار بنك "سيليكون فالي" الذي استثمر سابقا بكثافة في سندات الخزانة طويلة الأجل، لكن رفع الفائدة أدى إلى إصدار سندات خزانة جديدة بمدد أقل وفائدة أعلى، وبالتالي تراجع قيمة أصول البنك وانهيار ثقة المودعين.
ومع ذلك، لا يرى ويليس أن هناك "إجابة سهلة" بشأن ما إذا كان على واشنطن مواصلة رفع الفائدة أو التوقف لمنع تفاقم التداعيات السلبية.
ومن ناحية أخرى، قال نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأتلانتا إن التوظيف يتسارع والتضخم يتراجع ببطء لأن هيكل الاقتصاد الأمريكي تغير وأضحى أقل تأثرا بالسياسات النقدية، مشيرا إلى أن سوق الإسكان أكبر المتأثرين بسياسات رفع الفائدة وأن المستهلكين أصبحوا أقل قدرة على تحمل تكاليف المنازل.
ولفت ويليس إلى أن نقص العمالة هو أحد أكبر التحديات التي ستواجه الاقتصاد الأمريكي على مدى العقد المقبل.
وإلى نص الحوار...
- بعد انهيار بنك سيليكون فالي SVB كأكبر فشل مصرفي في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية في 2008، تتزايد المخاوف من انتشار العدوى عبر القطاع المصرفي سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها خاصة مع إغلاق مصرف Signature (سيجنتشر)، في رأيك كيف حدث ذلك؟ وما علاقة أسعار الفائدة المرتفعة بتعثر البنوك الأمريكية؟
دعني أكون صريحا معك، نظرا لحساسية منصبي، لا يمكنني التعليق بشكل مباشر على هذه القضية، لكن يمكنني مشاركتك ومشاركة القراء بفقرة من مقال سابق سبق ونشرته في 22 فبراير/شباط الماضي، وأحذر فيه بأنه: "إذا كانت أسعار الفائدة أقل فاعلية لإبطاء وتيرة التضخم، فقد يكون أحد الاستنتاجات أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى بذل المزيد من الجهد لرفع أسعار الفائدة، ولكن إذا كانت أسعار الفائدة بحاجة لأن تكون أعلى بكثير مما يتوقعه أي شخص، فليس من الواضح ما إذا كانت المؤسسات المالية والمشاركين في السوق المالية والمقترضين الذين لديهم قروض بسعر فائدة قابل للتعديل سيكونون مستعدين بشكل كافٍ لبيئة تسود فيها أسعار فائدة مختلفة بشكل كبير، وهذا النوع قد يؤدي لمزيد من الاضطراب في الأسواق المالية وإلى نتائج سلبية أكبر على الاقتصاد".
- هل يمكنك تقديم لمحة عامة عن الوضع الحالي للاقتصاد الأمريكي؟
شهد الاقتصاد الأمريكي نموًا سريعًا للغاية في التوظيف في عام 2022 مصحوبًا بمعدلات تضخم مرتفعة، واستجابةً لارتفاع معدل التضخم، رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة قصير الأجل من 0٪ إلى أكثر من 4٪ بحلول نهاية عام 2022.
وفي أوائل 2023 ، اُظهر الاقتصاد بعض علامات التباطؤ في وتيرة النشاط الاقتصادي، لكن نمو التوظيف ظل قوياً في يناير وفبراير، والتضخم، رغم اعتداله، لا يزال مرتفعاً عند 5.4٪ لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE).
وفي يناير استمرت قيود سلسلة التوريد، التي ساهمت في الضغوط التضخمية في عامي 2021 و2022 ، ومع عودة تراكم سفن الحاويات في الموانئ الأمريكية إلى مستويات أقرب بكثير إلى المستويات الطبيعية، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماع يناير، لكنه خفض وتيرة زيادة أسعار الفائدة إلى 25 نقطة أساس (0.25٪).
- لكن بالرغم من كل تلك الإجراءات، لا تزال الأسعار مرتفعة، متى يمكن أن تنخفض الأسعار وتعود إلى وتيرتها الطبيعية؟
تاريخيًا، استغرق تشديد السياسة النقدية من 6 إلى 9 أشهر للتأثير على الاقتصاد الحقيقي (الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي والتوظيف) ومن 12 إلى 18 شهرًا للتأثير على التضخم.
لكن معظم هذه التقديرات تستند إلى الإجراءات التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي لمكافحة التضخم المرتفع، ودعني أكون صريحا معك، إذ أنه منذ ذلك الحين، تغير هيكل الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير.
ويتمثل أحد المخاوف في أن التغييرات الهيكلية أدت إلى أن يصبح الاقتصاد أقل حساسية لسياسات أسعار الفائدة للاحتياطي الفيدرالي، لقد أشرت في دراسات عديدة سابقة إلى هذا، حيث منذ 2015 كانت هناك أدلة تشير إلى أن التوظيف الكلي أصبح أقل استجابة للسياسة النقدية في العقود الأخيرة في الاقتصاد الأمريكي.
ولقد لمسنا هذا بالفعل، على مدار الاثني عشر شهرًا الماضية حيث رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل كبير، ولكن لم يكن هناك سوى تباطؤ متواضع للغاية في معدل نمو العمال في السوق الامريكي.
- في تقديرك ما الذي أوصل الاقتصاد لهذه النقطة.. ما هي العوامل التي ساهمت في كل هذا التضخم الحالي في الولايات المتحدة؟
تشمل العوامل التي ساهمت في ارتفاع معدل التضخم على مدى العامين الماضيين: قيود سلاسل التوريد، واستجابة السياسة المالية والنقدية لوباء كورونا، وسوق العمل الضيق، وعلى نطاق أوسع عدم التوازن بين ارتفاع الطلب والعرض المقيد لمعظم السلع والخدمات في الاقتصاد والذي بدأ بالسلع في وقت مبكر من الوباء ومؤخرًا للخدمات حيث أعيد فتح الاقتصاد بالكامل.
يأتي هذا جنبًا إلى جنب مع استمرار الاختلالات بين الطلب القوي على العمالة والعرض الضعيف للعمالة، حيث تم تقييد المعروض من العمالة جزئيًا بالنسبة إلى مستويات ما قبل كوفيد 19 لأن العديد من الأفراد الذين اقتربوا من سن التقاعد اختاروا التقاعد في سن مبكرة أكثر مما فعل الناس عادة قبل كوفيد، وكل هذه العوامل أدت مجتمعة إلى التضخم المرتفع في الوقت الراهن.
- ما هي انعكاسات معدل الفائدة الحالي على الشركات والمستهلكين في الولايات المتحدة؟
يظهر التأثير الأكثر وضوحًا لارتفاع أسعار الفائدة على المستهلكين في الولايات المتحدة في سوق الإسكان، حيث أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى الحد من القدرة على تحمل تكاليف شراء منزل. ونتيجة لذلك، تباطأ نمو أسعار المنازل، الذي كان قوياً في عامي 2020 و2021 ، بل بدأ في الانخفاض في بعض المناطق الأمريكية. وانخفض الاستثمار السكني، الذي يقيس الإنفاق على بناء المنازل الجديدة ، بشكل حاد في الأرباع الثاني والثالث والرابع من عام 2022.
وبالنسبة للشركات، تؤثر أسعار الفائدة المرتفعة على تكاليف المشاريع الاستثمارية الجديدة، وفي بعض الحالات تتسبب هذه المعدلات المرتفعة في إبطاء أو تأخير المشاريع الاستثمارية.
- هل تتوقع أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسته الخاصة برفع أسعار الفائدة؟
كما أشرت سابقا "إذا كانت أسعار الفائدة أقل فاعلية لإبطاء وتيرة التضخم" فقد يكون أحد الاستنتاجات أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى بذل المزيد من الجهد لرفع أسعار الفائدة.
- وما هي برأيك أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة في المستقبل القريب أو حتى البعيد؟
على المدى القريب، فإن التحدي الاقتصادي الأكثر أهمية الذي يواجه الولايات المتحدة هو ارتفاع معدل التضخم، ويرجع هذا الوضع إلى مزيج من زيادة الطلب ومحدودية العرض على مدى العامين الماضيين، لكي يتم حل هذا الموقف، يجب أن يكون هناك مزيج من انخفاض في الطلب وزيادة في العرض لتحقيق التوازن بين الاثنين.
وعلى المدى البعيد، أي بعد عودة التضخم إلى مستوى حوالي 2٪، من المرجح أن يكون التحدي الرئيسي للاقتصاد الأمريكي هو نقص العمالة.
كانت القوى العاملة في الاقتصاد تنمو بمعدل متواضع للغاية قبل الوباء، ثم تسبب الوباء في قيام عدد كبير من كبار العمال إلى التقاعد مبكرا مما أدى إلى خروج عدد كبير من ذوي الخبرة العالية من سوق القوى العاملة.
وعلى مدى العقد المقبل ، يبدو أنه سيكون هناك نقص في العمال ومن المرجح أن يحد هذا من وتيرة نمو الاقتصاد الأمريكي.
aXA6IDMuMTQuMTQ1LjE2NyA= جزيرة ام اند امز