إنزال أمريكا مساعدات على غزة.. فقدان لأوراق الضغط أم «سأم» من نتنياهو؟
مع إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن بلاده، ستبدأ المشاركة في إلقاء المساعدات الإنسانية من الجو لسكان قطاع غزة، تساءل مراقبون: هل فقدت واشنطن أوراق الضغط على إسرائيل؟
ولدى استقباله رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني يوم الجمعة في البيت الأبيض، أكّد جو بايدن، أن الولايات المتحدة ستبدأ المشاركة في عمليات إلقاء المساعدات الإنسانية من الجو لسكان قطاع غزة في ظل الأوضاع الكارثية التي يواجهونها مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس.
خطوة قالت عنها صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، إنها ستوفر إغاثة مؤقتة للفلسطينيين على الأرض، لكنها تكشف -في الوقت نفسه- حدود النهج الأمريكي تجاه إسرائيل.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الخطوة تعني أن أشهراً من الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة – حيث نزح حوالي 80% من السكان وتلوح المجاعة في الأفق – لم تسفر عن نتائج محدودة.
رؤية أكدها بايدن، الذي لطالما يرفض إلقاء اللوم على إسرائيل في ندرة الإمدادات، إلا أنه اعترف علناً يوم الجمعة أنه يجب إدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع؛ قائلا: «المساعدات المتدفقة إلى غزة ليست كافية الآن. إنه ليس كافياً في أي مكان (..) حياة الأبرياء على المحك وحياة الأطفال على المحك. يجب أن نستقبل مئات الشاحنات، وليس عدة فقط».
فماذا تعني الخطوة الأمريكية؟
تقول الصحيفة الأمريكية، إنه بالنسبة للمراقبين عن كثب للصراع بين إسرائيل وحماس، الذي احتدم في أعقاب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن خطوة إسقاط المساعدات من السماء تشير إلى أن بايدن لا يستطيع إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ببذل المزيد من أجل معاناة الفلسطينيين.
تلك الرؤية أشار إليها منسق المساعدات الإنسانية السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ديف هاردن، قائلا: «نحن نبدو ضعفاء بنسبة 100%. مسؤولو الإدارة يفعلون ذلك فقط ليجعلوا أنفسهم يشعرون بالتحسن».
ولم يستجب مجلس الأمن القومي على الفور لطلب التعليق على هذا الاتهام. لكن خلال مؤتمر صحفي يوم الجمعة، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي: «لم نتمكن من تلبية الاحتياجات. لا تصل المساعدات الكافية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها. إنها لا تصل بسرعة كافية، ولا تحدث بالكمية التي نحتاجها. ونحن نحاول أن نتصرف حسب الحاجة؛ نحن نحاول أن نتصرف ونتغير ونكون أكثر إبداعًا لتلبية الاحتياجات الماسة لسكان غزة».
ورغم أن هناك خبرًا سارًا يلوح في الأفق ممثلا في «عدم وجود تهديدات فورية للطائرة أو خطورة على الطاقم القائم على إنزال المساعدات»، إلا أن عمليات الإنزال الجوي «يمكن أن تخلق أيضًا مشاكل خطيرة للأشخاص الموجودين على الأرض»، بحسب الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي، الذي قاد القيادة المركزية الأمريكية خلال إدارتي ترامب وبايدن.
وأضاف أنه «من دون سيطرة واضحة على الحشود، سيقاتل الفلسطينيون من أجل الحصول على جزء من شاحنة أو اثنتين من طائرات المساعدة التي يمكن أن تحملها، ما يضع القوات التي تعمل مع الولايات المتحدة أو منظمات الإغاثة في موقف صعب».
أوراق ضغط
إلا أن منسق المساعدات الإنسانية السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ديف هاردن، أكد أنه على الولايات المتحدة، إقناع إسرائيل بفتح جميع البوابات إلى غزة، والضغط عليها للسماح لعشر شاحنات أخرى بالمرور عبر المعابر المفتوحة حاليًا.
وأضاف: «إن الإنزال الجوي هو أمر غبي. إنه باهظة الثمن، وغير فعالة. إنه أمر أكثر رمزية أن نجعل الأشخاص في الإدارة يشعرون بالرضا لأننا فعلنا شيئًا ما».
ووافق السيناتور كريس فان هولين (ديمقراطي من ولاية ماريلاند)، الذي يدعم قرار بايدن، على أن ما يمكن توفيره بالطائرات وحدها هو «قطرة في دلو لما هو مطلوب من أجل التخفيف من المجاعة الوشيكة».
وبحسب تشارلز ليستر، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط، فإن حقيقة أن إدارة بايدن يجب أن تفكر بهذه الطريقة، وهي على وشك إطلاق مهمات إنزال جوي، تشير إلى أن النهج الأمريكي محدود في فعاليته، مضيفًا أن «اضطرار الولايات المتحدة إلى حشد الموارد العسكرية لإسقاط المساعدات جواً إلى غزة هي تأكيد على مدى القيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل على الوصول».
هل سئمت أمريكا من نتنياهو؟
ومع ذلك، أضاف عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في مقابلة، أن ذلك «يبعث بالرسالة الصحيحة، بما في ذلك حقيقة أن الولايات المتحدة سئمت تمامًا من قيام حكومة نتنياهو بتقييد المساعدات الإنسانية إلى غزة إلى درجة أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تفعل ذلك».
ولدى الولايات المتحدة طرق عديدة للتأثير على تصرفات إسرائيل، ليس أقلها النظر في المساعدات العسكرية التي توجهها للدولة العبرية، بحسب صحيفة «بوليتيكو».
ولطالما اقترح الديمقراطيون في الكونغرس أن يوقف بايدن مبيعات الأسلحة الجديدة لإسرائيل حتى يعالج نتنياهو الأزمة الإنسانية في غزة. لكن كيربي، الذي يدرك أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع إسرائيل بشأن تسليم أسلحة جديدة، أكد يوم الجمعة أن الولايات المتحدة ستواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
وقال تشارلز ليستر، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط: «ما يجعل الأمور أكثر حيرة، أننا نفعل ذلك بينما نواصل إرسال الأسلحة إلى الجيش نفسه المسؤول عن إجبارنا على إجراء عمليات إسقاط جوي للمساعدات».
وتصر إدارة بايدن على أن نهجها تجاه إسرائيل هو النهج الصحيح؛ فـ«الانفصال العلني عن نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة المناهضة للفلسطينيين من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من العمليات العسكرية العشوائية ودخول مساعدات إنسانية أقل إلى غزة»، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي تقول إنه «من الأفضل للولايات المتحدة أن تحافظ على بعض النفوذ لدى إسرائيل بدلاً من عدمه على الإطلاق».
وتعمل الولايات المتحدة مع إسرائيل وحماس وقطر ومصر للتوسط في صفقة رهائن من شأنها أن توقف القتال لمدة ستة أسابيع. ومن شأن وقف إطلاق النار هذا أن يسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع، مما يخفف بعض الأزمة التي أشعلها الانتقام الإسرائيلي ضد حماس.
aXA6IDMuMjEuMTU5LjIyMyA= جزيرة ام اند امز