أمريكا تحدث بنيتها التحتية من جيوب الأثرياء.. وبايدن يرفض "الشكوى"
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مشروع طموح لتحديث البنى التحتية الأمريكية بتريليوني دولار، وهو يعتمد على الأثرياء للتمويل.
ووفق فرانس برس، يعول بايدن على زيادة الضرائب على الشركات العملاقة مثل "أمازون" التي تستفيد من نسب متدنية جدا وتتمكن أحيانا من الإفلات كليا من بعض الضرائب.
- بايدن يقود "وول ستريت" للارتفاع.. تعرف على الأسباب
- أسعار الذهب اليوم.. "الثمين" يفارق القاع بفضل تريليونات بايدن
"الشكوى مرفوضة"
ويرى بايدن أنه "لا ينبغي لأحد أن يشتكي من ذلك"، مشددا على أن نسبة الضريبة الجديدة "ستبقى أقل من تلك التي كانت معتمدة بين الحرب العالمية الثانية و2017".
وأكد بايدن الأربعاء "ليس لدي أيّ شيء ضدّ أصحاب الملايين والمليارات"، مضيفاً "أنا أؤمن بالرأسمالية الأمريكية".
ودعا إلى إصلاح ضريبي واسع منددا بفرض ضريبة نسبتها 22% على مدرس، بينما "لا تدفع أمازون وشركات أخرى أي ضريبة فيدرالية".
إنقاذ البنية المتداعية
واقترح بايدن استثمار تريليوني دولار (ألفا مليار ولار) خلال السنوات الثماني المقبلة في مجال النقل والصناعة وشبكات الانترنت لتحديث شبكة النقل المتداعية في الولايات المتحدة لتحسين قدرة البلاد على المنافسة.
وهو يعول كثيرا على الشركات لتمويل هذه المشاريع، إذ إن الإجراء الرئيسي في هذه الخطة هو فرض ضريبة على الشركات نسبتها 28 %.
وسيعود بايدن بذلك عن قرار اتخذه سلفه دونالد ترامب بتخفيض كبير للضريبة على الشركات التي تراجعت من 35 إلى 21 % في عهده.
وهذه النسبة مفروضة منذ العام 1909 في الولايات المتحدة. وقد ارتفعت إلى 52,80% في 1968 قبل أن تتراجع بشكل شبه مستمر منذ ذلك الحين.
لكن هذه النسبة تضع الولايات المتحدة بين دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي التي تفرض أعلى الضرائب بعد فرنسا وكولومبيا (32 %) وأستراليا والمكسيك والبرتغال (30 %).
الضريبة الحقيقية
إلا أن الشركات تدفع عموما أقل من النسبة الرسمية. فقد أظهرت دراسة صدرت في الفترة الأخيرة عن لجنة في الكونجرس أن الشركات في الولايات المتحدة كانت تدفع ضريبة نسبتها 16% قبل إصلاح ترامب و8% بعده.
ويمكن للشركات استخدام الائتمان الضريبي للبحث والتطوير لخفض الضرائب التي تدفعها. وقد دافع المسؤول في أمازون جاي كارني الأربعاء عن اللجوء إليها.
وأوضح في تغريدة: "إذا كان هذا الإجراء يشكل وسيلة للحصول على استثناء ضريبي، فلأن الكونجرس قرره عمدا"، مشيرا إلى أنه جدد مرات عدة منذ اعتمادها في 1981 وقد ثبته الرئيس باراك أوباما نهائيا في 2015.
معارضة قوية
واعتبرت غرفة التجارة الأمريكية أن اقتراحات التمويل "غير ملائمة بشكل خطر"، وأن رفع الضرائب "سيبطئ الانتعاش الاقتصادي وسيجعل الولايات المتحدة أقل قدرة على المنافسة".
وقالت منظمة "بزنيس رواندتايبل" التي تجمع أكبر شركات البلاد من جهتها أنها ستعارض "بقوة" أي زيادة للضرائب.
وتنوي الإدارة الأمريكية من بين التدابير الأخرى المطروحة، ثني الشركات عن الانتقال إلى خارج الولايات المتحدة والتهرب الضريبي من خلال فرض حد أدنى من الضريبة نسبتها 21% على الإيرادات العالمية. وتريد كذلك تنسيقا ضريبيا أفضل مع الدول الأخرى.
وتنص الخطة على زيادة إيرادات هيئة الضرائب من خلال مكافحة الاحتيال والتهرب الضريبي بفاعلية أكبر وإلغاء الدعم لصناعات النفط والغاز فضلا عن الاستثناءات الضريبية الكثيرة.
ويرى البيت الأبيض أن مجمل الإجراءات الضريبية ستسمح بتغطية قيمة خطة البنى التحتية في غضون 15 سنة.
ويرى دين بايكر خبير الاقتصاد في مركز الابحاث الاقتصادية والسياسية أن رفع الضريبة على الشركات التي يقترحها بايدن "ليس قفزة في المجهول، كما لو أن الخفض الضريبي الذي أجراه ترامب لم يكن معتمدا منذ عقود".
ويضيف أن قرار ترامب بخفض الضريبة كان يفترض أن يترافق حينها مع خفض كبير في الاستثناءات الضريبية وزيادة كبيرة في استثمارات الشركات وهو أمر لم يحصل.
من المستفيد؟
ويشير تشاك مار الخبير في الشؤون الضريبية في مركز أولويات الميزانية والسياسة، إلى أن "الشركات العالمية ومساهموها سيستفيدون من تحسين البنى التحتية المتراجعة راهنا".
ويضيف "التراجع عن جزء من الخفض الكبير في الضريبة الذي قرره دونالد ترامب لتمويل مشاريع كبرى، أمر جيد للاقتصاد"، مشيرا خصوصا إلى النفقات المتوقعة في الأبحاث حول شبه الموصلات التي يؤثر النقص فيها راهنا بقوة على شركات صناعة السيارات في الولايات المتحدة.
وقد يكون لزيادة الضرائب تأثير كبير على استثمار الشركات الأجنبية التي يمكنها أن تنتقل بسهولة إلى دول أخرى، برأي ثورنتون ماثيسون من مركز "أوربن-بروكينغز" حول السياسات الضريبية.
لكنها تضيف أن الولايات المتحدة "تبقى اقتصادا كبيرا يتمتع بالحيوية ويمكنه تحمل أن يفرض نسبة ضريبة أعلى بقليل من دول أصغر منها".
تفاصيل الخطة
وفي خطاب ألقاه في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا وكشف فيه النقاب عن المرحلة الأولى من خطة "إعادة البناء بشكل أفضل" التي يمتدّ تنفيذها لثماني سنوات، قال بايدن "أقترح اليوم خطة للأمة تكافئ العمل وليس الثروة فقط. خطة تبني اقتصاداً عادلاً يمنح الجميع فرصة للنجاح. خطة ستخلق اقتصاداً هو الأقوى والأكثر صلابة وابتكاراً في العالم".
وترمي الخطة إلى ضخّ 620 مليار دولار لتحديث شبكة النقل في البلاد، تشمل 32 ألف كم من الطرق والطرق السريعة، وإصلاح آلاف الجسور ومضاعفة التمويل الفيدرالي للنقل المشترك.
وأضاف الرئيس الديمقراطي "إنّه استثمار يحدث مرة واحدة كلّ جيل في أمريكا، هو لا يشبه أيّ شيء رأيناه أو فعلناه منذ أن بنينا نظام الطرق السريعة بين الولايات وخضنا سباق الفضاء منذ عقود".
وشدّد بايدن على أنّ الخطّة تمثّل "أكبر استثمار أمريكي في الوظائف منذ الحرب العالمية الثانية".
وأوضح: "ستخلق ملايين الوظائف، وظائف برواتب جيّدة. ستزيد من حجم الاقتصاد، وستجعلنا أكثر قدرة على المنافسة في العالم، وستعزّز مصالح أمننا القومي، وستضعنا في موقع يمكنّنا من الفوز في المنافسة العالمية مع الصين خلال السنوات المقبلة".
وأضاف "لا يمكننا أن نتأخّر دقيقة واحدة" في تحديث البنية التحتية الأمريكية المتداعية، في نداء حاول من خلاله خصوصاً إقناع خصومه الجمهوريين المعارضين لهذه الخطة بتغيير رأيهم.
وفي مؤشر إلى عهد رئاسي يريده جريئاً وإصلاحياً، عرض بايدن أرقاما قد تبدو للبعض خيالية بعد أن كان سلفه دونالد ترامب يسميه "جو النعسان" ويتّهمه بأنه يفتقد للأفكار والأطر التوجيهية.
aXA6IDMuMTQ1LjEwNi43IA==
جزيرة ام اند امز