الإرهاب الذي حدث باسم الإسلام خلال العقود الماضية هو أكبر جريمة شهدها التاريخ ضد دين يعد التسامح والعفو والتآخي من أهم ميزاته
في شهر مايو من العام 2011م، قتلت أمريكا بن لادن في أبوت آباد بباكستان، بعملية قام بها الجيش الأمريكي، وفي السادس والعشرين من شهر أكتوبر من العام 2019م قتلت أمريكا أبوبكر البغدادي، ونفذها الجيش الأمريكي أيضا، كلا الاثنين كان يقود تنظيمات إرهابية اتخذت من الإسلام غطاء أيديولوجيا، كلاهما يفكر بالطريقة نفسها والمنهج نفسه، ويعتمدان الخطط نفسها تقريبا للتعامل مع العالم من حولهما.
نحن المسلمين علينا أن نقتل الإرهاب نفسه بإعادة طرح الأفكار والمشروعات نحو تجديد الخطاب الديني عبر هيكلة مؤسساتنا الدينية والتربوية والإعلامية من أجل تقديم الإسلام بصورته الحقيقية
كلاهما يظهر على التلفزيون وأثناء المقابلات بذات الهيكل والشخصية، ويقول الكلام نفسه تقريبا، مع أن الفرق بينهما حوالي عقد من الزمان، هذا الكلام ليس للوصول إلى نظرية مؤامرة من إحدى الزوايا، وبغض النظر عن كل السيناريوهات فإن حجم الإساءة التي تلقاها الإسلام من منظمة القاعدة أو داعش قد يحتاج إلى عقود حتى تمسحه الذاكرة عن تاريخ المنطقة.
الخيانة الكبرى في إرهاب القاعدة أو داعش هي من تلك القيادات التي اعتقدت أنها يمكنها أن تحقق شيئا من طموحاتها الخيالية على حساب الإسلام، الإرهاب الذي حدث باسم الإسلام خلال العقود الماضية هو أكبر جريمة شهدها التاريخ ضد دين يعد التسامح والعفو والتآخي من أهم ميزاته.
نتائج المرحلة الماضية يجب أن ترسخ في دولنا الإسلامية وعلماء الإسلام حقيقة أن الدفاع عن الإسلام المعتدل والوسطي كدين للرحمة والغفران والتآخي، وهذا ما يوجب علينا أن ندعم فكرة الحوار والتواصل والانفتاح على العالم من خلال خطاب إسلامي يعكس حقائق الإسلام ويبتعد عن تلك التفسيرات المتطرفة للإسلام وأصوله.
حرب الإرهاب وحرب الجماعات المتطرفة ذات الأغطية السياسية أو الحركية، كلها يجب أن تكون العنوان الأكثر وضوحا في استراتيجيات دولنا الخليجية على وجه الدقة، فمجتمعاتنا مع كل أسف عانت الكثير والكثير من أولئك الذين حولوا الإسلام إلى قنبلة أيديولوجية يتم تفجيرها في وجوه كل المخالفين لها.
تاريخنا الإسلامي وتحديدا السنوات الأولى منه ما زلنا لم نقرأها بشكل دقيق.. لقد كانت سنوات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وسيرته نموذجا راقيا لشرح فكرة الإسلام كما أرادها النبي عليه الصلاة والسلام، وكل ما نحتاجه أن نبذل الجهود من أجل الصمود والمثابرة دون كلل أو ملل للوقوف بوجه كل من يحاول أن يحرف الإسلام عن مساره كدين عالمي سوف يكون أتباعه أكثر من ثلث العالم في منتصف القرن الحادي والعشرين.
إن إنقاذ الإسلام من وصمة الإرهاب لن يكون مسؤولية الآخرين وحدهم، فأمريكا قتلت الإرهابيين ولكننا نحن المسلمين علينا أن نقتل الإرهاب نفسه بإعادة طرح الأفكار والمشروعات نحو تجديد الخطاب الديني عبر هيكلة مؤسساتنا الدينية والتربوية والإعلامية من أجل تقديم الإسلام بصورته الحقيقية التي ضمنت له البقاء والتعايش مع كل زمان ومكان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة