أزمة القروض الطلابية تتفاقم في أمريكا.. 9 ملايين شخص يتخلفون عن السداد
تخلف أكثر من 9 ملايين طالب أمريكي عن سداد قسط واحد على الأقل من قروضهم الطلابية خلال العام الجاري، في ظل ارتفاع حاد في حالات التعثر داخل سوق القروض الطلابية، التي تبلغ قيمتها نحو 1.7 تريليون دولار.
ويأتي ذلك عقب انتهاء فترة تعليق السداد التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بعد جائحة «كوفيد-19».
وأفاد مجلس الإشراف على الاستقرار المالي الحكومي، هذا الأسبوع، بأن القروض الطلابية تعد «استثناء ملحوظا» في وقت تشهد فيه معدلات التخلف عن السداد انخفاضا في معظم أنواع القروض الأخرى التي تتحملها الأسر الأمريكية، وذلك بحسب ما أوردته صحيفة «فايننشال تايمز».
ورغم أن حالات التخلف عن سداد القروض الطلابية كانت تاريخيا أعلى مقارنة بأنواع الائتمان الاستهلاكي الأخرى، فإن نسبة الأرصدة المتأخرة عن موعد استحقاقها لأكثر من 30 يومًا تضاعفت منذ بدء فترة تعليق السداد في أوائل عام 2020، وفقًا لما ذكره المجلس، ما يعكس تحولًا لافتًا في مسار هذا القطاع.
ويأتي هذا الارتفاع في حالات التعثر وسط مخاوف أوسع من أن الخريجين الجدد يواجهون صعوبات متزايدة في العثور على وظائف، في ظل تباطؤ سوق العمل الأمريكي خلال الفصول الأخيرة، وهو ما يضغط على قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية.
وقال تشارلي وايز، نائب الرئيس الأول ورئيس قسم الأبحاث والاستشارات العالمية في مكتب «ترانس يونيون» للائتمان: «ببساطة، لا يملكون المال. وهذا يشير بشكل أوسع إلى بعض نقاط الضعف التي لاحظناها في سوق العمل للخريجين الجدد».
وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة «ترانس يونيون» خلال الصيف، وشمل 196 مشاركًا ممن تأخروا عن سداد أقساطهم، أن ما يقرب من نصفهم أفادوا بعدم قدرتهم على السداد، في حين قال نحو ربعهم إنهم ينتظرون مزيدًا من المعلومات بشأن إمكانية الإعفاء من السداد أو إعادة هيكلة القروض.
وتشير بيانات مكاتب الائتمان إلى أن متوسط القسط الشهري لقرض الطالب يبلغ نحو 200 دولار، وهو مبلغ بات يشكل عبئًا متزايدًا على المقترضين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
ورغم أن مجلس الإشراف على الاستقرار المالي (FSOC) لم يحدد بشكل دقيق حجم الأرصدة المتعثرة، فإن بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك للربع الثالث، التي نُشرت الشهر الماضي، كشفت أن 9.6% من ديون الطلاب الأمريكية، البالغة 1.65 تريليون دولار، تجاوزت مدة استحقاقها 90 يومًا.
ويمثل ذلك انخفاضًا طفيفًا مقارنةً بالربع الثاني، إلا أنه يُعد قفزة كبيرة مقارنة بنسبة 0.5% فقط المسجلة قبل عام، ما يبرز حجم التدهور السريع في أوضاع السداد.
وقال مجلس الإشراف على الاستقرار المالي: «انتقل أكثر من 9 ملايين مقترض من قروض الطلاب إلى مرحلة التعثر في السداد منذ استئناف تقارير الائتمان»، مشيرًا إلى أن هذه الحالات «أدت إلى انخفاضات حادة في التصنيفات الائتمانية».
ويُصعّب هذا التراجع في التصنيف الائتماني، بشكل كبير، حصول الأفراد على التمويل اللازم لعمليات شراء كبيرة، مثل قروض السيارات والرهون العقارية، ما يحد من قدرتهم على التخطيط المالي طويل الأجل.
وأشار مجلس الرقابة على الاستقرار المالي إلى بيانات «VantageScore» التي أظهرت انخفاضًا متوسطًا بنحو 100 نقطة في التصنيف الائتماني، ما أدى إلى تراجع تصنيف المقترضين المتعثرين هذا العام من مستوى «جيد» أو «ممتاز» (أعلى من 600 نقطة) إلى أقل من 550 نقطة، أي إلى تصنيف دون المستوى المقبول.
ورغم عودة نحو ثلث المقترضين من بين 9 ملايين إلى وضع السداد المنتظم، حذّر التقرير السنوي لمجلس الرقابة على الاستقرار المالي من أن «الآثار السلبية على التصنيف الائتماني قد تستمر على المدى الطويل»، وهو ما قد يرفع تكاليف الحصول على خطوط ائتمان أخرى ويحد من القدرة على الحصول على قروض جديدة.
وفي السياق ذاته، وجد منشور على مدونة بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، نُشر في مايو/أيار، أن المقترضين الذين كانوا يُصنفون سابقًا ضمن الفئة الممتازة أو الممتازة جدًا، ممن تزيد درجاتهم الائتمانية على 720 نقطة، شهدوا انخفاضًا بمتوسط 177 نقطة.
وأوضح البنك أن غالبية هؤلاء، بنسبة 56.6% من الذين أصبحوا «متعثرين حديثًا»، باتت درجاتهم الائتمانية أقل من 620 نقطة، مع انخفاض متوسط قدره 74 نقطة، ما أخرجهم من نطاق «التصنيف الممتاز».
وقالت ديان سوانك، كبيرة الاقتصاديين في شركة «كيه بي إم جي» الأمريكية: «نتحدث هنا عن شريحة واسعة من الأفراد سيُحرمون من الوصول إلى الائتمان، في وقت لا تزال فيه شروط الائتمان العامة ميسرة إلى حد كبير. وهذا يعيق قدرتهم على بناء الثروة من خلال امتلاك المنازل، وهو مسار يواجه تحديات كبيرة بالفعل».
وعزا بعض المراقبين الارتفاع الأولي في حالات التعثر إلى عدم إدراك المقترضين لانتهاء فترة تأجيل السداد، غير أن بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وشركة «إكويفاكس» تُظهر أن معدلات التخلف ظلت مرتفعة حتى الربع الثالث من العام.
كما كشف استطلاع رأي أجرته شركة «ترانس يونيون» في أغسطس/آب أن 4% فقط من بين 508 مستهلكين شملهم الاستطلاع لم يكونوا على علم باستئناف السداد، فيما قال 16% فقط من المتعثرين إنهم لم يدركوا أن السداد قد استؤنف، ما يشير إلى أن الأزمة تتجاوز عامل نقص الوعي إلى مشكلات مالية أعمق.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز