الدبلوماسية الأمريكية.. هل تقتنص «الفرص الاستراتيجية» في لبنان؟
تواجه الدبلوماسية الأمريكية مأزقاً حقيقياً في ظل التصعيد العسكري الراهن بين إسرائيل وإيران، طرفي الصراع في الشرق الأوسط.
وعلى مدار الأيام الأخيرة تبادلت التصريحات ما بين تل أبيب وطهران حول إغلاق نوافذ الدبلوماسية، تزامن ذلك مع الضربات غير المسبوقة التي يتعرض لها ما يسمى بمحور المقاومة الإيراني، حسب تقرير للمجلس الأطلسي.
وذكر التقرير أن التصعيد الراهن يعقد الخيارات السياسية أمام الإدارة الأمريكية، لكنه يقدم بعض الفرص الاستراتيجية، وأرجع ذلك إلى أن إسرائيل وصلت إلى مرحلة لم تتمكن فيها من ردع إيران فحسب، بل تفكيك عناصر رئيسية من شبكة الردع الإيرانية خاصة في لبنان.
ويرى التقرير أن العمليات الإسرائيلية ستعتمد في النهاية على الدبلوماسية الأمريكية بقدر ما تعتمد على البراعة العسكرية.
التناغم بين إدارة بايدن وإسرائيل
ومع التصعيد العسكري الراهن تحول موقف البيت الأبيض من الدعوة إلى وقف إطلاق النار، إلى دعم عمليات إسرائيل في لبنان، بهدف منح الفرصة أمام الجيش الإسرائيلي لتحقيق المكاسب القصوى في جبهة الشمال مع حزب الله، وفق التقرير.
وأشار إلى أن إسرائيل كانت تمتلك عدة أسباب للتحول من غزة إلى لبنان، منها عدم التمكن بعد من القضاء على زعيم حماس ومهندس أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول يحيى السنوار، كما لم تتمكن من تحرير الرهائن المتبقين لدى حماس عسكريا، وأخيرا عدم القدرة على التوصل إلى وقف إطلاق نار متفق عليه، رغم الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وقطر ومصر.
وتابع التقرير أن "هذه العوامل مجتمعة تقود إلى أن الجيش الإسرائيلي سيركز على تهديدات أخرى عاجلا أم آجلا".
وشدد على أن الضربة التي استهدفت القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر (في يوليو/تموز الماضي) تظهر قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على اختراق شبكة قيادة حزب الله اللبناني.
ويمضي التقرير قائلا "لكن ما حدث بعد ذلك في لبنان كان أبعد من توقعات أي شخص عاصر عقوداً من العداء بين حزب الله وإسرائيل، حيث بلغت ذروة الأحداث بقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول، مع عدد من قادة الحزب بالإضافة إلى القيادي في الحرس الثوري عباس نيلفوروشان.
توقعات الصراع الثلاثي
ويرى التقرير أن حزب الله سيظل محافظا على معاقله في بيروت، وأجزاء أخرى من لبنان، ومن ثم فإن العملية محدودة النطاق، التي يبدو أن إدارة بايدن تدعمها، سوف تحتاج إلى تعزيزها بالدبلوماسية الأمريكية في لبنان والمنطقة بحثاً عن نموذج جديد للأمن داخل لبنان.
ولحسن الحظ فإن الإطار لهذا النموذج الجديد، وإن كان محدودا، موجود بالفعل، والمتمثل في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 في أعقاب الحملة البرية التي شنتها إسرائيل في لبنان عام 2006، بحسب تقرير المجلس.
وشدد التقرير على أهمية تكثيف الولايات المتحدة الجهود الدبلوماسية مع لبنان بشكل خاص في الوقت الراهن، بجانب إسرائيل والدول الإقليمية الأخرى.
وأوضح أنه يجب أن تعمل هذه الجهود على وضع حدود لنقطة النهاية للتصعيد الحالي، ما يعني تكثيف الجهود نحو مسارين إما لإعادة بناء فصيل مضاد لحزب الله في لبنان، وإما لإجبار حزب الله على قبول بعض القيود على أفعاله، مثل تلك المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1701.
وتابع التقرير "لن يتسنى نجاح هذه الجهود إلا إذا تسببت العمليات الإسرائيلية في لبنان في نفور السكان كما حدث في الماضي".
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي ضبط أي عمليات إسرائيلية "متوقعة" ضد إيران لتجنب توسيع الصراع خارج نطاق الخصوم الحاليين. وهنا، مرة أخرى، لدى الولايات المتحدة دور تلعبه فيما يتعلق بضبط النفس الإسرائيلي، حسب التقرير.
وتلقت تل أبيب ضربة صاروخية غير مسبوقة من إيران مطلع الشهر الجاري، وتعهدت بأن تدفع طهران ثمنها.
وطالب التقرير بضرورة العودة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، لافتا إلى أن ذلك يمكن أن يتحقق عبر التوصل إلى نتيجة مستقرة في لبنان، إلى جانب ردع إيران لعدم التصعيد العسكري.
واختتم بالقول "إذا تحققت هذه الأسباب فإن مفاوضات غزة ستكون أكثر نجاحاً بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة".
aXA6IDMuMTM3LjE2NC4yMjkg جزيرة ام اند امز