ماذا ينتظر السوريين بعد انطلاق "قيصر"؟.. خبراء يجيبون
الأمم المتحدة تقول إن من يعانون من انعدام الأمن الغذائي وصل لرقم قياسي جديد بارتفاع قدره 1.4 مليون شخص خلال الـ 6 أشهر الأخيرة فقط.
يرى المحللون أن مجموعة العقوبات الأمريكية الجديدة، التي تُعرف مجتمعة باسم "قانون قيصر"، والتي دخلت حيز التنفيذ الأربعاء، تهدد بالتسبب في المزيد من التدهور للوضع الاقتصادي لكل من الحكومة والشعب السوري.
وتوقع الخبراء أن يحطم الوضع الاقتصادي الجديد "ما بعد تطبيق قيصر"، حياة السوريين بنفس المستوى الذي تسببت فيه الحرب.
ويكافح الكثير من السوريين لتلبية احتياجاتهم بعد انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار وما تسبب فيه ذلك من ارتفاع هائل للأسعار في البلد الذي دمرته الحرب.
وقانون العقوبات الأمريكي المعروف باسم "قيصر"، يشكل آخر خطوات واشنطن في معركتها الاقتصادية مع النظام السوري المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلال 9 سنوات من الحرب، ويأمل اليوم في انطلاق ورشة إعادة الإعمار.
وقال ياسر عمار، وهو سوري يقيم في دمشق ويعمل موظفا في شركة مملوكة للدولة، "لقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية بشكل كبير، ارتفع بعضها بأكثر من 60 أو 70 %، وهو أعلى بكثير من قدرة المستهلكين".
وأضاف عمار: "الأسواق (الآن) بدون متسوقين.. رواتبنا هي نفسها، في حين أن الأسعار ترتفع بصورة مطردة، واختفت العديد من الأغراض من قوائم التسوق حتى للميسورين".
وسجل سعر صرف الليرة السورية المزيد من التراجع في مقابل العملات الأجنبية الأسبوع الماضي، ليصل سعر الدولار الأمريكي إلى 3500 ليرة، وهو أدنى مستوى لليرة منذ بداية الحرب عام 2011.
واستقبل مصرف سوريا المركزي قرب تطبيق قانون "قيصر" العقابي ضد دمشق، بقرار جديد صباح الأربعاء معلنا عن رفع سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الشخصية الواردة إلى سورية إلى 1250 ليرة بدلا من 700 ليرة.
ووفق نشرة المصارف والصرافة الصادرة عن المصرف الأربعاء، حسبما أفادت وكالة الأنباء السورية "سانا"، فقد أصبح سعر صرف الدولار الأمريكي 1256 ليرة بعد أن كان سعره في نشرة الأمس 704 ليرات.
وبلغ سعر صرف اليورو مقابل الليرة السورية حسب النشرة 1413.38 ليرة كمتوسط سعري لمؤسسات الصرافة و لتسليم الحوالات الشخصية.
وقبل الحرب، كان سعر الدولار عند 50 ليرة.
وقالت دانييل مويلان، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سورية، إن "الأمم المتحدة ترصد تزايد الجوع والفقر في جميع أنحاء سورية".
وتابعت: "تشير التقديرات حاليا إلى أن هناك 9.3 مليون سوري، وهو مستوى قياسي، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.. ويمثل هذا ارتفاعا بـ 1.4 مليون شخص خلال الأشهر الستة الأخيرة فقط".
وأوضحت مويلان أن "أسعار الغذاء القياسية مساهم رئيسي في هذه الأزمة الجديدة".
وخلال الأسبوع الماضي، خرجت مظاهرات في مناطق موالية للنظام مثل مدينة السويداء جنوب غربي البلاد، واحتج المشاركون فيها على الانهيار الاقتصادي.
ويرى المحللون أن العقوبات الأمريكية الجديدة يمكن أن تتسبب في دمار اضافي لما تبقى من الاقتصاد المتعثر، وأن تزيد من حجم المعاناة في البلد الذي مزقته الحرب.
ويقول خضر خضور، وهو باحث غير مقيم في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، ومقره بيروت، "لقد تأثر المدنيون بالفعل من جراء الحرب.. لكننا قد نرى المجتمع يعاني من انعدام أكبر للأمن ... المدنيون يفقدون الأمل في المستقبل".
وتوقع أن "يحطم الوضع الاقتصادي حياة السوريين بنفس المستوى الذي تسببت فيه الحرب".
وتمت تسمية "قانون قيصر" بالاسم المستعار لمسؤول عسكري سوري سرب عام 2014 نحو 55 ألف صورة من داخل سورية، تتضمن الكثير منها أدلة على التعذيب داخل السجون الحكومية.
ويمكن استخدام القانون لاستهداف الداعمين الرئيسيين للنظام السوري، وهم روسيا وإيران وميليشيا حزب الله اللبناني.
كما يمكن أن تستهدف العقوبات أية شركات، في أي مكان، تسعى للتعامل مع سوريا.
ويقول محللون إن أي تحرك لدعم النظام السوري، حتى ولو بشكل غير مباشر، يمكن أن يكون سببا لفرض عقوبات، ما يعني عرقلة شديدة لإعادة بناء الاقتصاد أو تطويره.
وقال آرون لوند، وهو زميل في مؤسسة "ذا سينشري فاونديشن"، ومقرها نيويورك، :"سيكون بالتأكيد هناك تداعيات لقانون قيصر.. فهذه عقوبات مشددة للغاية تم تصميمها بشكل واضح لتعميق عزلة "النظام السوري" وجعل إعادة إعمار البلاد واستقرارها أمرا مستحيلا. وهذا بالضبط ما يفعلونه".
واتفق المحلل المستقل سام هيلر مع هذا الرأي، ولفت إلى أن العقوبات الجديدة ستمنع فعليا المستثمرين المحتملين من الجارتين لبنان والأردن.
وأشار إلى أن قطاعات الصناعات العسكرية والنفط والغاز لن تكون هي فقط المتضررة من العقوبات، وإنما أيضا قطاع البناء، ما يمثل رادعا للمستثمرين الراغبين في المساعدة في إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب في البلاد.
وأوضح أنه "يبدو من المرجح أن تزيد العقوبات العزلة الاقتصادية لسوريا، وأن تحبط إعادة إعمار ما بعد الحرب".
aXA6IDE4LjIyMi43OC42NSA=
جزيرة ام اند امز