قيصر.. القصة الكاملة لبطل كوابيس سوريا وإيران وحزب الله
"أدركت واشنطن أن سوريا هي ميدان بالوكالة لجميع العناصر التي تستهدفها".. قصة أقسى عقوبة اقتصادية على دمشق
"أدركت الولايات المتحدة أن سوريا هي ميدان بالوكالة لجميع العناصر التي تستهدفها"، يقول المحامي البريطاني إبراهيم العلبي مفسرا الإصرار الأمريكي على تنفيذ واحدة من أقسى العقوبات الاقتصادية على سوريا ومن ورائها إيران وحزب الله.. قانون قيصر.
وقانون قيصر، هو تشريع أمريكي ينظر إليه حاليا على أنه "قاعدة شاملة" لحملة واسعة النطاق تستهدف سحق اثنين من الداعمين الرئيسيين للنظام السوري الحاكم، إيران وحزب الله، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
- الليرة السورية تتجرع ويلات "قيصر".. انهيار تاريخي
- "قيصر".. مشروع قانون أمريكي ينتظر توقيع ترامب لحماية المدنيين في سوريا
وعلى عكس العقوبات السابقة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن قانون قيصر الذي يدخل حيز التنفيذ خلال أيام، يستهدف مؤيدي النظام السوري حتى في الخارج.
ويضرب هذا القانون الأنشطة المصرفية والتجارية لدمشق ويوسع نطاق امتداده إلى دول الجوار وأوروبا ممن حافظوا على روابط اقتصادية مع الرئيس بشار الأسد.
اعتبارًا من 17 يونيو/ حزيران الجاري، قد تتعرض المؤسسات أو الشركات أو المسؤولين الذين يمولون الحكومة السورية إلى حظر السفر، وقد يُحرمون من الوصول إلى التمويل ويواجهون إجراءات أخرى بما في ذلك الاعتقال.
حتى بوابة إعادة إعمار سوريا التي كانت قناة لتدفق التمويل إلى سوريا، يغلقها هذا القانون، ليضرب أيضا أنشطة السمسرة التجارية والمالية التي كانت إيران تتغذى عليها رفقة حزب الله.
قصة قيصر
في الفترة بين عامي 2011 إلى 2013، عمل أحد السوريين مصورا لدى الشرطة العسكرية السورية، وقد تم تكليفه بتوثيق جثث الذين ماتوا في السجون العسكرية السورية.
لكن المصور كان يتعاون في الوقت نفسه سراً مع حركة العمل الوطني من أجل سوريا، وهي جماعة سياسية مناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
بحلول العام 2014، قام المصور الذي سُمي لاحقا بـ"قيصر" كلقب مستعار، بتهريب عشرات الآلاف من الصور الفوتوغرافية التي تصور المدنيين الذين تم تجويعهم أو تعذيبهم حتى الموت في السجون السورية.
في نهاية المطاف، وصلت تلك الصور إلى الكونجرس والأمم المتحدة.
وقد تلقفتها الأيادي الأمريكية باعتبارها أداة فعالة لتشريع قانون يحاسب إيران وحزب الله على انتهاكات حقوق الإنسان بدلا من الصورة التي يروجها الطرفين على أنهما مستهدفين لأسباب سياسية.
في 2014، عقد الكونجرس جلسة استماع سريّة إلى قيصر، انتهت إلى صياغة القانون الذي حمل اسمه، وقد تم إقرار القانون في 2019، ووقع عليه ترامب في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي مارس/ آذار الماضي، مثل قيصر مجدّداً أمام مجلس الشيوخ في جلسة أخفى فيها وجهه وارتدى سترة رياضية زرقاء بغطاء للرأس، وهناك دعا واشنطن إلى المضيّ قدماً في معاقبة دمشق.
سوريا والثمن الاقتصادي
لا يبدو أن سوريا قادرة في الوقت الحالي على استيعاب أي صدمات جديدة.
لكن العقوبات الأمريكية الجديدة التي تدخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/ حزيران الجاري، يمكن أن تدمر ما تبقى من اقتصادها، وتؤدي إلى أخطر انهيار إقليمي منذ عقود.
ومنذ مارس/ آذار الماضي، يعيش الاقتصاد السوري واحدا من أكثر كوابيسه رعبا، في ظل التأثير الرهيب لقيصر المرتقب.
ومع مطلع الشهر الجاري، سجّلت الليرة السورية انهيارا تاريخيا في قيمتها بالسوق الموازية، لتتخطى عتبة 2300 مقابل الدولار، مقارنة مع سعر صرف رسمي عند 700 ليرة.
ويقول جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، إن العملة السورية المتداعية هي ضحية جزئية للإجراءات الأمريكية.
وأضاف جيفري أن انهيار الليرة السورية يثبت أن إيران وكذلك روسيا لم توعدا قادرتان على دعم النظام السوري، في حين أن النظام نفسه لم يعد قادراً على إدارة سياسة اقتصادية فعالة، أو حتى غسل الأموال في البنوك اللبنانية.
وخلال الأسبوع الجاري، شهدت سوريا احتجاجات ضد الاقتصاد المنهار في معاقل النظام مثل اللاذقية، وهو أمر نادر لم يتكرر حتى طوال فترة الحرب.
وإثر ذلك، أقال بشار الأسد رئيس الوزراء عماد خميس، وكلف حسين عرنوس بالمهمة، أملا في إيجاد حلول لإنقاذ الجمهور اليائس.
لبنان يدفع فاتورة حزب الله
لبنان هو باختصار ضحية لمغامرات حزب الله في المنطقة.
لسنوات عديدة اعتبر لبنان نفسه صديقا للولايات المتحدة، لكن تلك الصداقة التي جوهرها مكونات سياسية عديدة، عكرها عبث حزب الله.
وحاليا، يواجه لبنان انفجاراً اقتصادياً كاملاً بالتوازي مع اضطرابات مدنية.
وحسب ما نقلته الجارديان عن وزير لبناني، فإن بيروت حزينة من قانون قيصر الذي يدهس إيران وحزب الله، لكنه في الوقت ذاته "يفاقم آلام شعب لبنان وأصدقاء الولايات المتحدة في الداخل".
وتمتد تداعيات قيصر عبر بيروت، حيث يحتفظ التجار بعلاقات مربحة مع المسؤولين السوريين.
وتعتقد واشنطن أن الحكومتين في دمشق وبيروت تعتمدان على بعضهما البعض.
وقال مصرفي لبناني أن قانون قيصر "كارثة للحكومة اللبنانية"، مشيرا إلى أنه يعاقب التجار والبنوك اللبنانية.
وتابع: "سوف تنخفض عملتنا بقدر ما هوت عملتهم.. دمشق هي واحدة من الأماكن القليلة التي يمكننا التجارة فيها.. لو أغلقت فقد انتهينا".
ومثل سوريا، انهارت الليرة اللبنانية متجاوزة حدود 6000 آلاف ليرة للدولار الواحد، وأجبرت الحكومة على مضاعفة سعر الصرف الرسمي إلى ما فوق 3000 ليرة.
وفي لبنان وسوريا، أصبحت أسعار السلع الأساسية بعيدة عن متناول الكثيرين.
اكتمال دائرة حصار إيران
أما إيران، فهي أحد المتضررين مباشرة نتيجة قانون قيصر.
على مدار السنوات القليلة الماضية منذ انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، تنتهج واشنطن سياسة تسعى إلى منع آخر دولار تحصل عليه طهران من الخارج.
بداية بالنفط ومرورا بالبنوك والمقاولات والصناعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية، عملت واشنطن على سد كل قنوات الدخل الأجنبي لإيران.
وفي مراحل لاحقة، طورت واشنطن أدواتها، لتحاصر تجارة إيران حتى في معاقل نفوذها.
من العراق ولبنان والآن سوريا، أكملت واشنطن دائرة الحصار لتخنق الاقتصاد الإيراني بالكامل.
aXA6IDMuMTMzLjEzMy4zOSA= جزيرة ام اند امز