في ذكرى ثورة الجزائر الـ65.. الشارع الثائر يسعى لاستكمال الاستقلال
ذكرى ثورة هذا العام تتزامن مع استمرار الحراك الشعبي الذي دخل شهره التاسع ومع يوم الجمعة الذي يخصصه الجزائريون لرفع مطالب التغيير
احتفل الجزائريون، الجمعة، بمرور 65 عاماً على اندلاع ما يصفه البعض بـ"أعظم ثورات التحرر في القرن العشرين ضد الاستعمار الفرنسي".
- ثقل المرشح أم برنامجه.. من ينقذ انتخابات الرئاسة الجزائرية؟
- مهلة تحديد موعد الانتخابات.. هل الجزائر جاهزة لتجاوز عهد بوتفليقة؟
ثورة دامت 7 أعوام ونصف "1954 - 1962" تمكن خلالها الجزائريون من نيل استقلالهم بعد 132 عاما من الاستعمار، ورغم التكلفة الباهظة التي دفعوها لإخراج المحتل والتي قاربت 1.5 مليون شهيد خلال سنوات الثورة، وأكثر من 8 ملايين شهيد منذ احتلال فرنسا الجزائر في يونيو/تموز 1830.
وتزامنت ذكرى هذا العام، مع استمرار الحراك الشعبي الذي دخل شهره التاسع، ومع يوم الجمعة الذي يخصصه الجزائريون منذ فبراير/شباط الماضي "يوماً للانتفاضة السلمية" ورفع مطالب التغيير.
وبين تراجع زخمه وعودته القوية، حافظ الحراك الشعبي على "مطالب ثابتة" أبرزها "الشعب يريد الاستقلال"، وهو المطلب وقف عنده كثير من الخبراء والمختصين والسياسيين على اختلاف توجهاتهم.
ويرى كثير من الجزائريين أن "استقلال بلادهم لا يزال منقوصاً"، وإكماله "يتطلب ثورة جديدة لكن بطريقة مغايرة"، ومع ذلك اختلفت التفسيرات بشأن "الرغبة في استكمال الاستقلال".
ومنهم من يرجع "سبب تخلف الجزائر إلى بقاء النفوذ الفرنسي في دواليب الحكم والمجتمع، ويطالب بإنهائه لإكمال الاستقلال"، وبعضهم يترجم ذلك المطلب بـ"إحداث القطيعة مع النظام الذي حكم الجزائر منذ استقلالها".
وطرح مراقبون تساؤلات عدة عن حقيقة ما تعيشه الجزائر حاليا من بينها: لماذا يستمر الحراك الشعبي رغم ما تحقق من مطالب؟ ولماذا يرفض المحتجون انتخابات الرئاسة؟
وهل الجزائر أمام صراع على السلطة بين أجنحتها؟ أم هو موجة تحرر ثانية من النفوذ الفرنسي؟ أم هي رغبة شعبية في إحداث القطيعة مع النظام القائم منذ 57 عاماً؟ وإلى أين تتجه الجزائر في خضم المأزق السياسي الذي تمر به؟
غياب تحول حقيقي
وفي الوقت الذي يؤكد فيه خبراء ومراقبون أن الحراك الشعبي بات مخترقاً في أشهره الأخيرة من الدولة العميقة وأطراف خارجية، إلا أن سياسيين ونشطاء حقوقيين عبروا عن "رفضهم" لهذا الطرح.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، قال المحامي والناشط الحقوقي عبدالغني بادي إن الإشكالية تكمن في خارطة الطريق التي طرحتها المؤسسة العسكرية" والتي تبنتها الرئاسة الجزائرية، وقدم الأسباب التي تدفع المتظاهرين لرفض إجراء انتخابات الرئاسة المقبلة.
ورأى أنها "ستؤدي إلى إنتاج منظومة الحكم نفسها، بدليل أن السلطة رفضت أي تعديل على منظومة الحكم، بالإضافة إلى السلطة المستقلة للانتخابات وطريقة تعيين رئيسها محمد شرفي الذي كان وزيراً في عهد بوتفليقة، ونوعية المرشحين للانتخابات التي يغلب عليها وجوه الحرس القديم لنظام بوتفليقة".
وأضاف الناشط الحقوقي أن "المعطيات تعطي الانطباع بأن الانتخابات لن تحدث تنوعاً، وسلطة الأمر الواقع ترفض أي مبادرة بعيدة عنها، وتعتقد أن فرض أجندتها ينتج بالنسبة لها حلاً يكون على مقاسها، لذلك فإن سبب رفض المتظاهرين للانتخابات يعود أيضاً إلى أنهم يرون أن الأمور يجب ألا تراوح مكانها، وهم يرون بضرورة حدوث تحول سياسي حقيقي، وليس تحولاً سياسياً في منصب رئيس الجمهورية، وتبقى حيثية النظام التي هي اليوم في الواجهة وتريد العودة إلى مكانها المعتاد خلف سلطة الواجهة".
انعدام الثقة
مقاربة ضيقة
سيناريوهات متوقعة
وقدم السياسيون والنشطاء الحقوقيون توقعاتهم بالنسبة للأوضاع في الجزائر على ضوء المأزق السياسي الذي تعيشه بين تمسك السلطة بإجراء الانتخابات وإصرار المتظاهرين على رفضها بوجود بقايا نظام بوتفليقة.
وأبدى الناشط الحقوقي عبدالغني تفاؤله بنهاية مشرفة للأزمة السياسية لصالح مطالب الحراك"، قائلاً: "إن الأمور ما دامت تسير بتجاذبات سياسية، وهناك مبادرات تقدم ورد من السلطة، وهناك شارع سلمي ومصر على سلميته أو عدم بحثها عن بدائل أخرى خارج العمل السياسي، لذلك فالأمور تبقى في الطريق العمل السياسي المتواصل حتى وإن طال".
وأضاف أن "التعبئة للانتخابات إذا كانت غير منتجة وهشة ولم تحقق تحولاً سياسياً حقيقياً، فهذا سيحرج النظام، والأوساط التي كانت تخرج في الحراك ستحافظ على حراكها، خاصة في ظل وجود مناعة اكتسبها الشعب الجزائري بعد 22 فبراير ضد الفساد وضد الحكم المتسلط، والضغط الآن على السلطة أكثر منه على المواطن الذي سيبقى يناضل حتى تحقيق دولة فيها الحق والقانون والديمقراطية، وفيها التحولات الحقيقية التي يمكنها أن تنقل الجزائر إلى مصاف الدول الديمقراطية".
أما الأكاديمي والباحث الدكتور جعفري يحيى فيرى أن "الجزائر تتجه إلى خير، وصحيح اليوم الأوضاع تحت السيطرة على أكثر من صعيد، ولكنها ليست مأمونة 100%"، واعتقد أن "تفجير أعوان الظهير الفرنسي في الجزائر لا تزال ممكنة، وهو يملك أوراقاً كثيرة لم يلعبها بعد".
aXA6IDMuMTIuMTQ2LjEwMCA= جزيرة ام اند امز