ذكرى غزو العراق للكويت.. حريق في ذاكرة النفط
كان فجر الثاني من أغسطس/آب عام 1990 يوما مشهودا في تاريخ النفط والعالم والمنطقة العربية بالكامل، بفعل غزو العراق للجارة الكويت.
وبخلاف فاتورة تحرير الكويت الباهظة، ترك غزو العراق للكويت أثرا في كل بقاع الأرض، خاصة ما يتعلق بسعر النفط الذي لم يهدأ من يومها.
حسابات النفط
حسب تقرير صندوق النقد العربي، فإن غزو العراق للكويت وما تبعها من حرب التحرير، أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية "21 دولة وقتها"، بنسبة 1.2% عام 1990 و7% عام 1991، ومن الصعب تقدير هذه التكلفة لتباين الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية ما بين 1989 و1991.
- النفط يتراجع بفعل مخاوف قادمة من الصين.. ماذا يحدث في بكين؟
- مجددا.. "دلتا" يعود لصدارة مؤثرات أسعار النفط
لكن بالعودة إلى التقرير السنوي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" لعام 1991، نجد أنه يحسب خسارة دول المنظمة "وأغلبها من دول المنطقة" نتيجة تراجع الإنتاج بنسبة 16% وهبوط سعر البرميل بنحو 10 دولارات.
في الإجمالي قدر تقرير أوبك خسارة دول المنظمة خلال الأزمة بنحو 12 مليار دولار بسعر صرف الدولار وقتها.
ولمعرفة التكلفة المباشرة على اقتصاد العراق والكويت من خسائر النفط وحدها، يكفي أن نذكر أن إنتاج نفط الكويت وصل إلى 400 ألف برميل يوميا من 2.5 مليون برميل من قبل، بخسارة أكثر من مليون برميل يوميا.
وبحساب أسعار ذلك الوقت تبلغ خسارة الكويت السنوية عام 1990- 1991 أكثر قليلا من 6 مليارات دولار.
في المقابل وصل إنتاج نفط العراق نتيجة الحرب إلى 300 ألف برميل يوميا، بينما كان ينتج نحو 3 ملايين برميل يوميا قبل الحرب.
وحسب أسعار ذلك الوقت تكون خسارة العراق من فقدان إنتاجه النفطي أكثر من 15 مليار دولار.
من أنقذ أسواق العالم؟
مع خسارة النفط العراقي والكويتي بعد فرض حظر عالمي عليهما، رفعت السعودية إنتاجها إلى 7.6 مليون برميل يومياً في سبتمبر/أيلول 1990، وزادت الإنتاج بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً خلال 40 يوماً تقريباً، ثم رفعته إلى 8.5 مليون برميل يومياً مع نهاية العام.
لم تؤد زيادة الإنتاج السعودي إلى وقف ارتفاع أسعار النفط فقط، ولكنها أسهمت في تخفيضها أيضا فمع حشد الجنود العراقيين على الحدود والتهديدات الإعلامية، ارتفعت أسعار النفط من نحو 15 دولارا في بداية شهر يوليو/تموز إلى ما قارب 19 دولاراً في نهاية الشهر.
قبل الغزو بيومين ومع الغزو واحتلال الكويت، تجاوزت أسعار النفط 41 دولارا في نهاية سبتمبر/أيلول، أي أن الأسعار ارتفعت 173 في المئة، ولكن بحلول ذلك الوقت بدأت الأسواق تشعر بزيادة الصادرات السعودية الكبيرة، بالإضافة إلى زيادات من دول أخرى، فبدأت الأسعار بالانخفاض، ولكنها ارتفعت في اليوم الأول والثاني من بداية تحرير الكويت في يناير (كانون الثاني) 1991، ثم انخفضت بعدها بسرعة، على الرغم من الحرب التي شاركت فيها 28 دولة.
وبنهاية شهر مايو/أيار 1991، عادت أسعار النفط إلى ما كانت عليه قبل الغزو مباشرة، نحو 19 دولارا للبرميل.
خلاصة ما خرجت به جميع التقارير الدولية بعد غزو العراق للكويت، أن الغزو العراقي للكويت غيّر مجرى تاريخ المنطقة، وغير معها مجرى تاريخ أسواق النفط العالمية.
فاتورة تحرير الكويت
قدرت التكلفة المباشرة لحرب الخليج وقتها، بنحو 620 مليار دولار "بسعر صرف الدولار وقتها"، وفقا لـ"التقرير الاقتصادي العربي" لعام 1991 الصادر عن صندوق النقد العربي والجامعة العربية ومنظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك).
كما قدر التقرير خسائر الحرب نتيجة دمار آبار النفط وخطوط الأنابيب ووسائل الاتصالات والطرق والمباني والمصانع بقيمة 160 مليار دولار للكويت و190 مليار دولار للعراق.
وأشار التقرير إلى أن دول الخليج تكفلت بإنفاق 84 مليار دولار، لتحرير الكويت، تحملت السعودية القدر الأكبر منها، ودعمت السعودية والكويت، ومعها بقية دول الخليج 51 مليار دولار لدعم 600 ألف من قوات دول التحالف في الفترة من أغسطس/آب 1990 إلى مارس/آذار 1991، بالإضافة إلى إنشاء ممرات طائرات وبناء معسكرات.