عواصم عربية تغرق في الظلام.. عتمة إيرانية تصيب الحلفاء
تعيش دول عربية وإقليمية غير نفطية أزمة نقص في إمدادات الكهرباء، بينما تحاول جاهدة لإبرام اتفاقيات لتبادل الطاقة في شهور الذروة.
اللافت للنظر أن ثمة شيئا مشتركا في عواصم الظلام في الشرق الأوسط، ألا وهو الارتباط الوثيق بالوجود الإيراني بها، فضلا عن وجود دول نفطية تعاني أزمة وفرة إمدادات الطاقة الكهربائية، بينما تصنف على أنها من الدول الرئيسة في إنتاج النفط الخام، وسط انتشار للفساد والأزمات الداخلية التي تعصف بها.
في التقرير التالي، ترصد "العين الإخبارية"، وضع الطاقة الكهربائية في كل من إيران والعراق ولبنان وسوريا، وجميعها تعاني اليوم أزمة نقص في إمدادات الطاقة الكهربائية وفترات قطع تصل في بعضها إلى 15 ساعة يوميا.
إيران
تعتبر إيران في الظروف الطبيعية، رابع أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك، بعد كل من السعودية والعراق والإمارات العربية المتحدة، بمتوسط إنتاج يومي 3.8 مليون برميل يوميا، بحسب بيانات منظمة أوبك.
كذلك، إيران من الدول الرئيسة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتصديره إلى دول العالم، لكنها تواجه عجزا في إنتاج الطاقة الكهربائية، الأمر الذي دفعها إلى جدولة ساعات قطع التيار الكهربائي عن عموم البلاد في فصل الصيف الحالي.
وبحسب بيانات رسمية، بلغ متوسط الطلب على الكهرباء في البلاد 65900 ميجاوات وهو أمر غير مسبوق، في تاريخ البلاد، بينما لا يتجاوز الإنتاج المحلي 53000 ميجاوات حاليا، أي أن العجز 12900 ميجاوات.
وينقطع التيار الكهربائي في إيران لعدة ساعات يوميا، تصل إلى 8 ساعات، الأمر الذي أدى لتزايد المشاكل في العديد من القطاعات، ليتصدر هاشتاق "انقطاع الكهرباء" شبكات التواصل الاجتماعي.
يعود السبب في عجز وفرة الطاقة إلى عدم توفر المحطات الكافية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، إلى جانب قدم هذه المحطات، والتي تتجاوز فيها نسبة الفاقد قرابة 20% عدا عن عمليات السحب من الطاقة بطرق غير مشروعة.
العراق
أما العراق، التي تعتبر اليوم ثاني أكبر منتج للنفط الخام في أوبك بعد السعودية بمتوسط إنتاج يومي 4.6 مليون برميل يوميا، ومنتج صاعد للغاز المصاحب، فيعاني من شح وفرة إمدادات الكهرباء منذ سنوات.
بحسب بيانات رسمية عراقية، يبلغ حجم الطلب على الكهرباء 30 ألف ميغاواط بينما يبلغ متوسط الإنتاج الفعلي 20 ألف ميغاواط، وتستورد 1200 ميغاواط من إيران ضمن شروط مجحفة.
وكلما اقترب العراق من الاكتفاء الذاتي في إنتاج الطاقة الكهربائية، تتعرض محطات توليد إلى عمليات تخريبية وتفجير أبراج وحقول، لإبقاء البلاد ضمن عجز في وفرة الكهرباء، خاصة في فصل الصيف حيث تزيد الحرارة على 50 مئوية.
الأحد، أعلنت السلطات العراقية، تفكيك عبوات ناسفة استهدفت تفجير أبراج نقل الطاقة الكهربائية في محافظتي ديالى (شرق) ونينوى (شمال).
وفي الأسابيع الأخيرة، زادت وتيرة هجمات بعبوات ناسفة على خطوط نقل الطاقة الكهربائية في المحافظات الواقعة شمالي وغربي وشرقي العراق، ما فاقم أزمة نقص الكهرباء في البلاد.
وأواخر العام الماضي، توصلت لجنة تحقيق شكلها البرلمان العراقي، إلى إنفاق 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2005، من دون تحسن يذكر في الخدمة.
حل مصري
ويدخل مشروع الربط الكهربي "المصري، الأردني، العراقي" مرحلة التنفيذ خلال فترة تُناهز 18 شهرا، وذلك عقب انتهاء الدراسات الفنية الجارية حاليا من أجل إتمام تصدير الكهرباء من مصر إلى عمان وبغداد.
ويهدف المشروع إلى معاونة مصر للعراق والأردن في تجاوز أزمات الكهرباء التي تصل ذروتها في فصل الصيف وحدوث عجز في الكهرباء، ويستهدف التعاون مع مصر القضاء نهائيا على تلك الظاهرة في البلدين كحصاد لمشروعات ضخمة نُفذت في السنوات الماضية، وستتوج بمشروع الربط الكهربائي مع العراق.
ويُقدر فائض الإنتاج المصري من الطاقة الكهربائية ما بين 26 حتى 38 ألف ميجاوات.
لبنان
تعتبر أزمة الكهرباء في لبنان قديمة، وتعود إلى مطلع الألفية الحالية، وسط غياب أية مشاريع سيادية لبناء محطات توليد للكهرباء قادرة على تلبية احتياجات البلاد، في وقت تعتمد فيها معظم المنشآت على المولدات الصغيرة لتوفير النقص في الكهرباء.
أحدث أسباب انقطاع الطاقة الكهربائية في لبنان والتي تتجاوز 15 ساعة متواصلة، هو عدم توفر الوقود اللازم للتوليد، بسبب عدم امتلاك البلاد النقد الأجنبي اللازم للاستيراد.
وتجاوز سعر صرف الدولار الواحد الـ 15 ألف ليرة في السوق الموازية (السوداء)، بينما يبلغ سعره الرسمي بحسب البنك المركزي 1510 ليرات، وهو السبب في شح الدولار داخل الأسواق المحلية.
وبسبب شح وفرة النقد الأجنبي، ترفض بواخر الوقود تفريغ حمولتها في المخازن على الموانئ، قبل تحويل مصرف لبنان قيمة المشتقات لصالح للشركات الموردة.
وبلغت كلفة استيراد الوقود المخصص لتوليد الكهرباء 900 مليون دولار في 2020، في وقت سجل فيه احتياطي العملات الأجنبية في المصرف المركزي انخفاضا غير مسبوق، من قرابة 40 مليار دولار إلى 16 مليارا.
ومنذ 2013، كان لبنان يستأجر جزءا من حاجته إلى الطاقة الكهربائية من شركة "كارادينيز" التركية، بواسطة باخرتين ترسوان عند شواطئه.
لكن منتصف مايو/ أيار الماضي، أعلنت الشركة التوقف عن تزويد لبنان بالكهرباء؛ بسبب تأخر الحكومة في سداد 150 مليون دولار، بجانب إجراءات قانونية مع حكومة تسيير الأعمال في البلاد.
سوريا
سوريا من جهتها، ما تزال تحت وطأة عشر سنوات من الحرب التي بلغت نيرانها أطرافها كافة والشرايين الاقتصادية للبلاد، ولا تزال تنام على العتمة.
ومع تزايد أزمة انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة السورية وريفها، وترافقها مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة، وجدت أغلبية الأهالي في الشوارع والحدائق العامة ملاذاً يخفف عنها أول موجة حر تضرب البلاد في هذا العام.
يبلغ متوسط الطلب اليومي على الكهرباء في سوريا نحو 6500 ميغاواط ويرتفع في فصل الصيف إلى قرابة 7000 ميغاواط بينما لا يتجاوز حجم الإنتاج المحلي الثلث، بينما تضطر البلاد لقطع التيار لتوزيع الأحمال.
aXA6IDMuMTQyLjk4LjExMSA= جزيرة ام اند امز