رسالة عون للبرلمان: التدقيق المالي وإلا أصبح لبنان دولة فاشلة
وجّه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون رسالة إلى البرلمان يحثه فيه على التعاون لتحقيق التدقيق المالي الجنائي
رسالة عون جاءت عقب انسحاب الشركة المتخصصة الأسبوع الماضي لعدم حصولها على المستندات الكافية من المصرف المركزي الذي يتسلّح بقانون السرية المصرفية.
وقال عون في رسالته: "يجب التعاون مع السلطة الإجرائية لتمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان والتدقيق ينسحب إلى سائر مرافق الدولة العامة تحقيقاً للإصلاح المنشود وبرامج المساعدات".
- انسحاب شركة التدقيق الجنائي من اتفاقية لبنان.. بيروت في ورطة
- تحذير دولي: لبنان خارج نطاق "المنح المجانية"
وأكد أن "التدقيق الجنائي ضروري كي لا يصبح لبنان في عداد الدول الفاشلة في نظر المجتمع الدولي واستمرار التمنّع عن تسليم المستندات إلى شركة التدقيق أدّى إلى عدم تمكنها من المباشرة بمهمتها ثمّ أنهت العقد".
ووصف انسحاب الشركة بالانتكاسة قائلا "ما حصل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني والتدقيق المحاسبي الجنائي بات من مستلزمات تفاوض الدولة مع صندوق النقد الدولي وفقدان الثقة بالدولة وسلطاتها ومؤسساتها لن يقتصر على الداخل بل يُصبح لازمة لدى المجتمع الدولي".
وشدد على أن "الإصلاح كلٌّ لا يتجزأ ومرادف للاستقرار السياسي والأمني ولن أرضى الرضوخ لأي ضغوط للتخلّي عنه أو التخفيف من مستلزماته".
الموقف الدستوري
دستوريا، يقول الخبير القانوني ورئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية، الدكتور بول مرقص لـ"العين الإخبارية" إن لهذه الرسالة مفاعيل معنوية أكثر منها إلزامية". ويوضح "لا يلزم بها رئيس الجمهورية البرلمان وقد دأب عليها أكثر من رئيس قبل ذلك عملا بالمادة 35 من الدستور التي تحفظ له بتوجيه رسائل تقتضيها الضرورة إلى البرلمان". ويحدث ذلك عادة عندما يكون هناك حدث جلل أو أمر ضروري يحث فيه الرئيس البرلمان على القيام بخطوات معينة من أجل مصلحة الدولة العليا، وذلك في إطار تعاون السلطات، لكن في المقابل بسبب فصل السلطات لا يستطيع إلزامه إنما مناشدته لاتخاذ خطوات مثلا خطوات تشريعية في أمور اساسية لمصلحة البلاد"، ويجدد القول "الرسالة هي رمزية وقد يستخدمها أي رئيس جمهورية لرفع المسؤولية عنه وللقول إنه حاول وسعى وطالب وناشد".
من هنا، ترجّح مصادر سياسية مطلعة على المفاوضات لـ "العين الاخبارية" أنه وانطلاقا من هذه القضية فإن الهدف الأساسي لعون من هذه الرسالة قد يكون حث البرلمان على إقرار قوانين تزيل أي عوائق أمام التدقيق الجنائي كما حصل مع الشركة المتخصصة".
وكانت شركة "ألفاريز ومارسال" للتدقيق المالي الجنائي أبلغت الأسبوع الماضي لبنان إنهاء العقد حول التدقيق في حسابات المصرف المركزي، لعدم حصولها على المستندات المطلوبة منه، بحسب ما أعلنت رئاسة الجمهورية.
وجاء انهاء العقد رغم إعلان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني في بداية الشهر الحالي تمديد المهلة المعطاة لمصرف لبنان لتسليم بياناته ثلاثة أشهر بعدما كان تفاعص عن ذلك خلال المهلة المحددة في العقد بحجة قانون السرية المصرفية.
ومع الاتهامات لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لعدم تسلميه المستندات، كان المصرف أصدر بيانا قبل حوالي ثلاثة أسابيع معلنا فيه أنه سلم كامل الحسابات العائدة له وفقاً للأصول" إلى وزير المالية. وقال إنه يمكن للدولة "طلب كشف مفصل عن كامل حساباتها وتالياً تسليمها إلى الجهات التي ترى أنه من المناسب إطلاعها عليها" ما "يجنّب مصرف لبنان مخالفة قوانين السرية الملزمة قانوناً".
في المقابل كانت قد ذكرت "وكالة الصحافة الفرنسية"، عن مصدر في المصرف قوله أن الأخير سلم الشركة بـ 42 في المئة فقط من الوثائق المطلوبة.
ومع تسلّح سلامة بقانون السرية المصرفية، يحمل مسؤولون كثر سلامة مسؤولية تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نتيجة السياسات النقدية التي اعتمدها طوال السنوات الماضية، فيما كان ردّ سلامة بأنه "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".
ومنذ العام 2019 يشهد لبنان انهياراً اقتصادياً وازمة مفتوحة على كل الاحتمالات مع انهيار قيمة الليرة الى مستوى غير مسبوق فيما تخلفت الدولة في في شهر مارس الماضي عن دفع ديونها الخارجية. ورغم أن الحكومة بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لكن عادت وتوقفت بعد نتيجة الخلاف بين المفاوضين اللبنانيين الذين يمثلون الحكومة ومصرف لبنان على خلفية تقديراتهم لحجم الخسائر.