قمة العقبة الثلاثية بشأن غزة.. رسائل ودلالات ومآلات
قمة مصرية أردنية فلسطينية، في العقبة، أكدت التنسيق الكبير بين الدول الثلاث، وكشفت عن اتفاق بشأن 3 خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها بشأن الوضع في غزة.
واعتبر خبراء عرب في أحاديث لـ"العين الإخبارية"، أن نتائج ومخرجات القمة التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تؤكد على "رفض إجراءات ومخططات إسرائيل، باعتبارها "تمس جوهر القضية الفلسطينية، وأمن المنطقة واستقرارها".
- لاءات قمة العقبة حول غزة.. التهجير والاحتلال والفصل
- حرب غزة.. تحركات مصرية لإحداث اختراق بـ«مفاوضات صعبة»
وأشاد هؤلاء الخبراء بتأكيد القمة على ثلاثة خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها بشأن الوضع في غزة، وتتمثل في رفض التهجير القسري، ورفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض إعادة احتلال قطاع غزة.
وتتزامن القمة مع جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للمنطقة، الذي التقى العاهل الأردني في عمان، الأحد، والرئيس الفلسطيني في رام الله، الأربعاء.
وشددت القمة على ضرورة استمرار الضغط لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وحماية المدنيين، والتصدي لأية خطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وضرورة إدانتها دوليا والتصدي لها.
وأكد القادة المشاركون كذلك رفضهم الكامل لجميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية، والفصل بين غزة والضفة الغربية اللتين تشكلان امتدادا للدولة الفلسطينية الواحدة.
رسائل لأمريكا وإسرائيل
وفي قراءته لمخرجات القمة، يرى الدكتور منذر الحوارات، المحلل السياسي الأردني، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "قمة العقبة بعثت برسالة واضحة لأمريكا على وجود إجماع على رفض المخططات الإسرائيلية والتي لا يمكن تطبيقها على الأرض؛ لأنها تمس جوهر القضية الفلسطينية، وتمس أمن المنطقة واستقرارها".
وتابع: "القمة عكست وحدة الموقف المصري والأردني والفلسطيني، وهو أمر مهم جدا، من أجل التأثير على الموقف الأمريكي، ورسالة أيضا لإسرائيل بأن الساحة ليست خالية لعملياتها العسكرية".
ويوضح "الحوارات" أن "القمة الثلاثية، رفضت بشكل قاطع مسألة التهجير القسري والطوعي، وهو الموقف الموحد الذي يمكن أن يضغط على الإدارة الأمريكية، والجهات الداعمة لإسرائيل".
وبحسب المحلل السياسي الأردني، فإن "القمة شددت على رفض تصفية القضية الفلسطينية؛ لأن إسرائيل تطرح وتخطط لفصل الضفة عن غزة، وتسعى إلى إنهاء أي فرص مستقبلية لتجميع القطاع والضفة في كيان واحد وهو ما ينهي تماما فكرة الدولة الفلسطينية الواحدة، لذلك القمة ركزت على رفضه"، بحسب قوله.
كما ينبه الحوارات على "رفض قمة العقبة إنشاء منطقة عازلة في قطاع غزة"، مشيرا إلى أنها "دعت إلى وحدة القطاع بشكل كامل دون وجود أي منطقة عازلة؛ لأن تلك المنطقة ستكون على حساب الأراضي الفلسطينية بغزة".
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات (فلسطيني/ مستقل)، أن تزامن موعد قمة العقبة، مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، "يحمل رسالة واضحة لرفض أي تبرير أمريكي فيما يتعلق بالجوانب المتعلقة بالتهجير القسري أو الطوعي أو فصل الضفة عن امتدادها في غزة".
ويبرز بشارات في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن "هناك طرحا سياسيا ربما يحمله بلينكن للمنطقة حين زار الأردن ورام الله وفي زيارته المرتقبة للقاهرة، لذا كان من الضروري وجود تشاور لتوحيد المواقف".
ويبين: "يبدو أن الموقف الرسمي من الدول الـ3 غير متفائل من المسار السياسي الأمريكي، مع ما يبدو من محاولة واشنطن تقديم الأولوية لصالح إسرائيل على صالح القضايا الفلسطينية والقضايا العربية؛ لذا فهذا ربما يكون دافعا لدى هذه الدول المحورية أن تتخذ مواقف متقدمة حتى لا يكون هناك حالة من التفرد الأمريكي في أي أطروحات مستقبلية".
ونوه بشارات إلى أن "قمة العقبة تعكس وجود تنسيق فلسطيني أردني مصري على أعلى المستويات فيما يتعلق بتبعات الحرب، لاسيما وأن القمة الثلاثية تأتي بعد قمة ثنائية جرت ما بين العاهل الأردني والرئيس المصري قبل عدة أيام، ما يعكس الدور الواضح للقاهرة وعمان كبوابة رئيسية وسياسية للقضية الفلسطينية".
ويؤكد بشارات على أن "القمة شددت على مركزية ومحورية القضية الفلسطينية وعدم تهميشها رغم محاولات واشنطن وتل أبيب على مدار السنوات الماضية".
قوية ومباشرة
وفي تعقيبه، يشيد الأكاديمي المصري المتخصص بالشأن الدولي، الدكتور طارق فهمي، في حديثه لـ"العين الإخبارية" بمخرجات القمة الثلاثية بالعقبة اليوم، واصفا بيانها الختامي بـ"قوي ومباشر، ويقوي من الحضور العربي، الرفض للإجراءات والمخططات الإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية".
ويؤكد فهمي على أن "الموقف المصري الأردني الفلسطيني الصامد، يرد على جولة بلينكن في المنطقة، حيث ينقل رسائل هامة له قبل إنهاء جولته".
ويوضح :" القمة نقلت رسائل مهمة للولايات المتحدة بضرورة مراجعة مواقفها، برفض التهجير والترحيل، أو إعادة احتلال غزة"، مؤكدا على أن "الإدارة الأمريكية تحتاج لمراجعة مجمل سياساتها، وان تعيد مصداقيتها في ظل تبنيها لوجهة النظر الإسرائيلية".
حلحلة القضية الفلسطينية
بدوره، يقول عياد رزق القيادي في حزب الشعب الجمهوري بمصر، في بيان أصدره اليوم، إن "القمة الثلاثية تمثل تحركا إيجابيا نحو حلحلة القضية الفلسطينية، وضمان حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وحماية الحدود المصرية والأردنية من محاولات فرض التهجير القسري الذي تسعى إليه إسرائيل".
ويشير عياد رزق، إلى أن "القمة، تأتي استكمالا للجهود المصرية المبذولة لدعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ضد العدوان الإسرائيلي".
وشدد على أن "القاهرة لا تدخر جهدا في محاولة وقف إطلاق النار ودعم القضية الفلسطينية، والسعي للحفاظ على الأمن القومي العربي من خلال تبني قضاياها، لا سيما وأنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري".
وجاء في بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني، إثر قمة جمعت القادة الثلاثة في العقبة بعيدًا عن أعين الصحفيين، أن الزعماء الثلاثة أكدوا أيضًا على "ضرورة ضمان إيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى غزة بشكل دائم وكاف، للتخفيف من الوضع الإنساني المأساوي الذي يعيشه الأهل في القطاع".
وحذّر الزعماء من "محاولات إعادة احتلال أجزاء من غزة أو إقامة مناطق آمنة فيها"، مؤكدين على "ضرورة تمكين أهالي غزة من العودة إلى بيوتهم". كما رفضوا حسب البيان "الفصل بين غزة والضفة الغربية اللتين تشكلان امتدادًا للدولة الفلسطينية الواحدة".
وقالت الرئاسة المصرية، في بيان لها، مساء الأربعاء، إن "الرئيس عبدالفتاح السيسي استعرض خلال قمة العقبة الجهود التي تقوم بها مصر لفتح الحوار مع كل الأطراف بهدف وقف إطلاق النار الفوري في غزة".
وأشار السيسي إلى "حرص مصر على تقديم وتنسيق وإيصال المساعدات الإغاثية إلى أهالي القطاع، وهو ما نتج عنه إدخال آلاف الأطنان من الوقود والمواد الإغاثية، واستقبال أعداد كبيرة من المصابين لعلاجهم بالمستشفيات المصرية".
وشدد الرئيس المصري على أن "ما تم تقديمه ليس كافياً لحماية أهالي القطاع من الكارثة الإنسانية التي يتعرضون لها، والتي تتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولي للدفع تجاه وقف إطلاق النار، والذي يمثل الضمانة الأساسية لإنقاذ أهالي القطاع، ونزع فتيل التوتر في المنطقة".