تُقرأ الأحداث الأخيرة المتسارعة في مناطق تنازع المصالح بين القوى العالمية الكبرى على أنها "مؤشر خطير يؤكد استعداد العالم للسير نحو حرب عالمية أو إقليمية كبرى مباشرة أو غير مباشرة".
وذلك لاعتبارات المصالح الجيوسياسية أو الاحتياجات الاقتصادية والمواد الخام، في تنافس قوى تمتلك الترسانات العسكرية الفائقة والأسلحة الفتاكة، من نووية وبيولوجية وغيرها من أنواع الأسلحة.
فلا يخفى على أحد الأزمة الأوكرانية، التي هي جزء بين خلاف كبير بين روسيا من جهة وبين الولايات المتحدة الأمريكية والناتو من جهة أخرى، وهذا ليس ببعيد عن رد الفعل الروسي في ملفات مرتبطة بشكل أو بآخر بنفوذها في محيطها الإقليمي، كتدخلها مثلا بشكل مباشر لدعم حكم الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، وفي الأمس القريب دعمها للرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف، في مواجهة احتجاجات شرائح من شعبيهما تنادي بحقوقهما وتدعو لرفض الأوضاع الاقتصادية المهتزة وسوء توزيع الثروات، فضلا عن دعوات أخرى للتقارب مع الغرب -أوروبا- والابتعاد عن فلك روسيا وتأثيراتها.
كما لا يخفى الصراع الأمريكي-الصيني، والذي يأخذ أشكالا متعددة ويضم أطرافا دولية كبرى كروسيا وبريطانيا وأستراليا، في تحالفات جديدة من أجل عالم يستعد لما هو قادم.
كل هذا يشير إلى تخوفات من أننا في المنطقة العربية، مع ما تمتلكه من مقومات وثروات وموارد طبيعية وموقع استراتيجي هام، نقع في خضم تأثيرات هذه الأزمات بمستويات مختلفة، وهذا يوجب علينا أن نكون واعين باتجاهات التصعيد أو التهدئةً، كما أن علينا أن ننأى بمنطقتنا وبلادنا عن مخاطر هذه التنازعات الدولية، بما يحقق مصلحة شعوبنا ودولنا وأمنها واستقرارها، مع البقاء حذرين متيقظين قادرين على الرد إذا ما تضررت مصالحنا وأمننا الوطني والقومي.
لسنا بعيدين بالتأكيد عن تجاذب المصالح وتنازع القوى الإقليمية والعالمية، خاصة مع الوجود الدولي على الأرض العربية، بخلاف استغلال إيران ومليشياتها الممتدة ببعض الدول العربية، كـ"الحشد الشعبي" في العراق و"حزب الله" الإرهابي في لبنان، ومليشيا "الحوثي" في اليمن، لتحتفظ من خلالها بدور مؤثر لها داخل معادلات الحل والاشتباك.
هذا الأمر، ومع ما يحققه الرد الوطني المنظّم في اليمن عبر قوات العمالقة والجيش اليمني من انتصارات على مليشيا الحوثي، خاصة في شبوة، يحتّم علينا دراسة خيارات التحفز والاستعداد، والاستمرار على جهوزية قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية، بل وتوسيع مهامها لتشمل خلق القوة العربية الرادعة والمؤثرة في حماية مصالح العرب وأمنهم الاستراتيجي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة